بيت المقدس
شعر :عاطف عبد العزيز العدناني
البحر: البسيط [19]2010م
طالَ الزَمانُ بِلَيْلٍ عَزَّ ساقيها
أَرْضُ فِلَسْطينَ شَعْبٌ صامِدٌ فيها
حُبي تَوَقَّفْ لِقدْسٍ قاصِدَاً وَطَنَاً
لِقُدْسِ يَعْرُبَ [كَنْعانِيُّ] بانيها
يَبوسُ مِنْ قَبْلِها أَرْسَتْ قَواعِدَها
جَمْعُ العُروبَة مِنْ شَتّْى نَواحيها
القُدْسُ في العَقْلِ وِالوجْدانِ مَوْضِعُها
دَقّْاتُ قَلْبِيَ بِالأَشواقِ تَفْديها
سُبْحانُ رَبِيَّ إِذْ أَكْنافَ قَدَّسَها
قَدْ كان وَعداً وبِالتَبريكِ حاميها
شآمُ يَعْرُبَ بِالتِبْريكِِ نَقْصِدُها
حَوْلَ الدِيارِ وَأَقْصانا يُناديها
رَسولُ رَبِّيَ قَدْ أَوْصى بِنَصْرَتِها
قبْلَ المَماتِ لِكُلٍّ مِنْ ذَراريها
القُدْسُ في كَبِدِ الدُنْيا وَأَوْسَطِها
كَقِبْلَةٍ لِلأُلى كُلُّ يُناجيها
بُراقُ مِنْ قِدَمٍ قَدْ حَطَّ مَنْزِلَهُ
في مَقْدِسِ الأَرْضِ بِالأَحْضانِ باغيها
مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ صَلّْى بِصَخْرَتِها
بِالأَنْبِياءِ إِماماً مَعْ مُصَليها
جِبْرْيلُ مِنْ فَوْرِهِ إِذْ طارَ مُرْتَفِعاً
لِسِدرَةِ المُنْتَهى جَواً يُلاقيها
نُورُ الإِلهِِ بِمَجْدٍ في السَماءِ عُلاً
كُلُّ السَماواتِ بِالتَرْحيبِ شاديها
الأَنْبِياءُ جَميعَاً خَيْرُ مَنْ نَزَلوا
[إِبْنُ البَتولِ] بِمَهْدٍ ناطِقَاً فيها
وَعُهْدَةٌ لِلْوَفا بِالنورِ سَطَّرَها
[إِبنٌ لِخَطّْابَ] حِفْظُ العَهْدِ راعيها
القُدْسُ روحيَّ فَضْلُ اللهِ أَسْكَنَها
جِسْماً يَحُسُّ وَنَبْضَاً عالِقاً فيها
تَشْتاقُ -في زَمنٍ حَلَّ البُغاثُ بِها-
لِأَهْلِها الصيدِ وَالأَيْدي تُناغيها
حانَ الِلقاءُ لِيَوْمٍ طالَ مَوْعِدُهُ
إِنّْي أَراهُ قَريبَاً إِذْ يُدانيها
إِذَنْ تَهَيَّأْ لِفِعْلٍ أَنْتَ تَعْرِفُهُ
رَصُّ الصَفوفِ لِيَوْمِ النَحْرِ شافيها
رَصُّ الصُفوفِ لِرَهْطٍ مُؤْمِنٍ وَرِعٍ
كُلُّ الصَناديدِ مِنْ أَقْصى وَدانيها
لَمّا أَتاها ظَلامُ اللَيْلِ يَجْذِبُها
س رُجَّتْ قُوايَ وَغابَ الوَعْيُ ساليها
حتى اسْتَفَقْتُ وَمِنْ غَيبْوبَةٍ حَصَلتْ
حَلَّتْ دِماءٌ لِفَكِ القَيْدِ باغيها
عادَ الزَمانُ قُروناً أَنْتَ ذاكِرُها
مَعَ الأَشاوِسِ مِنْ [كَرْكا] تُناديها
لـ[ميشعَ] الصِدْقُ فِعْلٌ يُستَجابُ لَهُ
لِذِكْرَياتٍ وَمِنْ أَكنْافِ واديها
[مَسَلَّةُ العِشْقِ] ضَمَّتْ مِنْ نَفائِسِها
عِبْرَ القُرونِ بَصيصَ الخَيْرِ شاديها
[أَرْناطُ] في حِصْنِهِ يَشْكو وَمِنْ أَلَمٍ
صَلاحُ أرْسَلَ خِلَّ اللهٍ شافيها
رٍجالُها الغُرُّ في سَهْلٍ وَمِنْ جَبَلٍ
بيضُ الصَحائِفِ بِالأَرْواحِ تَرويها
في مُؤْتَةَ الخُلْدِ بالأَروْاح سَطَّرَها
ابْنُ رَواحَةَ، زَيْدٌ، جَعْفَرٌ فيها
ابْنُ رَواحَةَ في المَيْدانِ أَوَّلُهُمْ
يُجَندُِ الخَصْمَ وَجْهاً إذْ يلاقِيها
وَيَصْعقُ الرومَ رُعْباً إذ يُقارِعُهُمْ
زَيْدُ الرُجولَةِ شَلَّ القَوْمَ حاميها
وَجَعْفَرُ الطَيْرُ هابَتْ مِنْ بسَالَتهِ
فَرايَة الحَقِّ بِالأَحضْانِ عاليها
رَغْماً لأَعْدادِ جُنْدُ الخَصْمِ مَا جَزَعوا
كَرٌّ وَفَرٌّ بِسَيْفِ اللهِ شافيها
بِـ(شوبَكِِ) الخَيْرِ بَاتَ الجَمْعُ في نِعَمٍ
جَمَعُ المَمالِكِ لِلأَرْزاقِ حاويها
وَ[قَلْعَةُ] العِزِّ تَحْمي الرَكْبَ في سَفَرٍ
كَنْزُ المَماليكِ لِلْسُلْطانِ آتيها
[شِيحانُ] يَذْكُرُ [موسى] إِذْ يُبارِكُهُ
وَ[بِالحُمَيْمَةِ] جالَ (العَبْسُ) داعيها
خَزانَةُ التُرْكِ بالأَمْوالِ نَمْلَؤُها
من [قَلْزَمِ البَحْرِ] [لِلْحُسبانِ] ناجيها
حَتَّى أَتاها نَسيمُ البَرِّ مِنْ جَبلٍ
فَوْقَ السَحابِ وَإِذْ [كَرْكا] تُناجيها
[صَلاحُ] أسْرَجَ يَطْوي الَليِلَ في غَسَقٍ
صَوبَ الحَبيبَةِ فَجْراً مِنْ صَياصيها
مَشاهِدُ الظُلْم وَالطُغْيانِ تَفْتِكُها
سَبْعونَ عاماً وَقَهْرُ الخَصْمِ كاويها
لما أَتاها بَشيرُ الخَيِْرِ مِنْ [كَرَكٍ]
رَقَّ النَسيمُ لأِكَبْادٍ يُواسيها
خَلْفَ النَسيمِ زَئيرُ الأُسْدُ تَلْحَقُها
هُزَّتْ شِعابٌ ومِنْ وأَحضْانِ واديها
الزَمَنْ المُمَجَدّْ
البحر: مجزوء الرجز [31]2010م
بــــاتَ المخاضُ سَرْمــــدا
هِــــرٌّ تَحَدّى أَسَــــدا
أَنــــــا هُنــــــا بِالانْتظارْ
إِنْ تَلْقَنـــــي لَنْ تُنْجَدا
قَـــدْ كانَ مُـــــذْ عَهْدٍ قَريبْ
زَئيركُـــــــمْ مُمَـــجَّدا
لَقِيْتَنـــي تَنـــْوي الرَحيــــلْ
دَرْبَ عُبـــــــورٍ تُهْتَـدى
أَرَدْتَ تَخْليـــــصَ الأَسيــــرْ
ظَنَنْتَـــــــهُ مُمَهَّـــدا
****
سَتَــذْكُرُ العَهْــــدَ الجَديــــدْ
نِمْــــرٌ وَيَبْغــي أَسَـــدا
فَعَزْمِــــــيَ فَـــــلَّ الحَديدْ
وَوَقْفَتـــــي لَـــنْ تُسْعِدا
شُمــــوخِيَّ العِزُّ العَتيــــدْ
وَصَــوْلَتي تُسْقي الــــرَدى
أَدْرَكْتَ أَنـــــي بِالوَعيـــدْ
زَعَمْـــت أنْ لَـــنْ أَصْمُدا
وَتََحفَظُ الــــدَرْسَ الجَديــــدْ
حَسِبْتُـــهُ قَدْ أَرشَـــدا
****
نُزولُكُمْ صَعْبٌ أَكيـــــــدْ
عَــــزْمُ يَفوقُ العُـــدَدا
الأَرْضُ تَصــــبو لِلْـــرِجالْ
لَعَـــلَّ فيها مُنْــــــجِدا
إنْ كُنْتَ لا زِلْتَ تَــــصولْ
أَتَيْتَنــــــي مُنْفــــَردا
في أَرْضِ قَفْرٍ لا تَبيـــــنْ
ظَلَّــــتْ زُنــــودٌ سَنَدا
قابَلْتَـــي مِثْـــلَ الرِجـــالْ
رأَيْــــتَ حَقّْــــاً أَسَدا
****
كَـــرامَةُ الأُرْدُّنِ نـــــــورْ
عَلِمْـتَ دَرْســــــاً مُرْشدِا
سُوَيُسنــــا بــِدْءُ العبُــــورْ
لَـــنْ تُنْتَســـــى وَالأَبَدا
جــولانُنا مِــــثْلَ النُمــــورْ
وَلــَنْ تَراهُــــمْ أبَـــداً
لُبْنانُ قَدْ أَحْــــيا الصُمـــودْ
وَغَزَّةٌ كَــــيْ تُرْفَـــــدا
عُروبَــةٌ تَأْبـــــى الخُنــوع
وَصــــارَ دَرْبــاً أَوْحَــدا
****
يَهــودُ قُــــلْتُمْ قاعِـــــدونْ
رَأَيْتُ سُــوءَاً أَقْعَــــــدا
مــــا نَحْنُ فيها داخِلونْ
وَ لــــــَنْ نَكونَ السُجَّـدا
لَقَـــــدْ ضَلَلْــتُمْ أَرْبَعيـــنْ
وَكـــانَ تيهاً أَنْــــكَدا
مِــنْ يَوْمـِكُمْ غَـــدْرٌ أَكيدْ
والآنَ ضِــــلُّوا أَبَـــــدا
يــا وَيْلـَـكُمْ أَيـْنَ الفَرارْ
أَظَلَّ خَــــلْقٌ سَنَــدا...؟
****
أَشْجارُنــــا تَهْــــوى الصُمودْ
تَموتُ لَـــــنْ تَسْــتَـنِدا
كَـــــرٌّ وَفَــــــرٌّ مُتْبِـعينْ
رَأَيْـــتُ وَجْهَاً قِــــــرَدا
هَيّْــــا وَولْـــوا هارِبــــينْ
أَحْجارُنـــــا تُسْقـي الرَدى
وَ نَخْــــلَعُ الحَقْـــدَ الدَفـينْ
حُصونـــــُكُمْ لَــنْ تَصْمُدا
مِـنْ مَلْـــــجَأٍ أَوْ في كَنيسْ
سَتَـــــلْقَنـي وَالمَسْجِــدا
صَـــلاحُ قَــدْ حَــــقَّ اليَقيـنْ
وَبــــاتَ نــورٌ أَوْحَــدا