أماكن في القلب (10)
بقلم :الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
بعد ان تحدثت في المقالات التسع الماضية عن محاور اشار اليها مسلسل «اماكن في القلب» واثارت فضولي، ولم تكن تعليقاتي اكثر من اضاءات وهوامش بسيطة لم اتعمق فيها لضرورات الكتابة الصحفية والسرعة والحيز المتاح، فالصفحة ضيقة ولا استطيع الاعتداء على جيراني الاعزاء في الصفحة، فيصغر الحرف ولا يرى الا بالنظارة!
على أي حال الاقامة لأكثر من خمس سنوات في امريكا تحمل ذكريات كثيرة ومواقف اكثر، وان تحدثنا عن مسائل كانت محور المسلسل المذكور، فقد تركت الكثير من المواقف المحزنة والمؤلمة والمضحكة والساخرة والجادة من خلال تعاملنا مع اناس ينحدرون من كافة اقطار الأرض، كافة الألوان والألسنة والعقائد والاديان.. من خلال خليط غريب عجيب لا يمكن ان تجتمع الا في مدينة هائلة هي مدينة نيويورك سيتي )خ.ع.( مدينة المال، وول ستريت الذي يعصف باقتصاد العالم، مدينة الضواحي الاربع الهائلة وجزيرة «منهاتن» حيث كنت أقيم وفيها الامم المتحدة ومجلس الأمن وفيها اكبر قاعات مصارعة في العالم وفيها عشرات الاماكن تقوم بتطوير الافلام السينمائية، مدينة يختلط فيها العري ومثليو الجنس والتاريخ والمدمرات واعرق المحاكم وجورج واشنطن برج ومطار جون كندي اكبر مطارات العالم.!
الحديث عن امريكا مثل الحديث عن الغولة في تراثنا الشعبي، ولا يلبث ان يعود مجرد ما ينتهي مدينة فيها ضواحي راقية جداً، بل اسطورية بالمرقي، وضواحي اذا دخلتها وقف شعر رأسك حتى لو كنت اصلعاً مثلي، لها وهرة مثل وهرة الضبع. ضواحي اذا اصاب عجل سيارتك عطب لاتجرؤ على تغييره خوفاً من قطاع الطرق وحتى لا تجرؤ على الوقوف على اشارة ضوئية حمراء، فما يدريك لعل أحدهم اشترى مسدساً ولم يجربه بعد وقد يجربه بك!!
واله العظيم لا اكذب، وأني اقول الحقائق التي عشتها، وفي المقابل هناك مناطق روعة بالجمال ومتاحف ومكتبات، ففي شيكاغو مثلاً ناطحة سحاب ارتفاعها (113) طابقاً يسمح لك بالصعود الى الطابق (103) بمصعد يستغرق (70) ثانية فاذا انت تحلق فوق شيكاغو وتشاهدها بكاملها. وهناك متحف للأحياء المائية هو عبارة عن مدنية تشاهد في احواض زجاجية كل المخلوقات التي تعيش في البحر وانت بين هذه الأحواض.. وهناك تشاهد المسجد والكنيسة والكنيس اليهودي والمحفل الماسوني والمعبد الصيني والهندوسي والبهائي ففي شيكاغو أكبر معبد بهائي في العالم.. تشاهد كل هذه الأشياء وهذه الأشياء تؤدي الى ثقافة واسعة ومعرفة لمن يبحث عن المعرفة، فأنت تجد كل ما تبحث عنه!
في امريكا لا أحد يعرف احداً، ولا جار يعرف جاره، فقد سكنت في عمارة مكونة من (90) شقة في ستوديو كبيت سلمان الفارسي في المدائن اذا نام كانت رجلاه خارج البيت!!
امريكا بلد الغرابة والعجب، ولكني شخصياً لم احبها ولم استطع العيش فيها، رغم دولاراتها ورغم رفاهيتها ورغم حياتها.. وهي لا تخطر ببالي ولا احلم بها.. قد اكون على خطأ ... حتى اني لم اكتب عنها الا مرات قليلة جدا، وهذه المقالات العشرة التي اثارها في نفسي مسلسل «اماكن في القلب» الذي استطاع تصوير تلك الحياة، وكان مسلسلا ملغماً بالألغام تنفجر من حولنا وما بين السطور اكثر مما في السطور نفسها، فهو قد لخص سنوات عمري التي عشتها في امريكا ولم اتحدث عنها الا من باب الدعاية، حتى ولو على رأي المثل «شر البلية ما يضحك».. وما كتبته عنها كان يوميات يعرفها الجميع ونشرتها هناك... فمن يدري لعلي استذكر واكبت الكثير فلنا اخوة واهل هناك وجريدتنا منشورة على الانترنت وقل تصل.. والختام سلام.. وأترككم بخير.
التاريخ : 2006/07/31
