أولياء الحق المقدس

أولياء الحق المقدس

بقلم : الداعي بالخير صالح صلاح شبانة

كلما أصدر الأخ والصديق والزميل المهندس فتحي أبو دخينه الخريشا كتابا, شرفني بنسخة منه تضطرني للعودة إلى معاجم اللغة العربية لجلاء كلماتها ومعانيها، فهو دوناً عن كل الكتاب والأدباء يصر على الكتابة بلغة الجاحظ والأعشى وأعلام اللغة العربية وعلى أصولها، وينتقي مصطلحات لم يعد العرب يستعملونها منذ مئات السنين، وهي تأخذ موقعها بإكبار في متاحف التاريخ، ولكن الصديق فتحي الخريشا يجذبنا من عالمنا الذي تكسر فيه كل شيء إلى عالمه العميق المشحون بتيار من الضغط العالي الفلسفي، وهو في ثلاثيته (اشتعالات المقاومة والإرهاب) و(أجنحة الجهاد والانتصار)، ثم في كتابه الثالث (أولياء الحق المقدس) مدار هذا المقال، ينتهج نفس الأسلوب، ويأبى أن يحيد عنه!!

أولياء الحق المقدس هو كتاب يقع في 80 صفحة من القطع الكبير، ويشتمل على مقدمة، و28 طومارا، والطومار بحد ذاته مسألة، وحتى نعرف معناه الكامل لجأنا إلى القواميس، وأخذنا معلومة قيمة اضطرنا صديقنا (أبو أكبر) إلى تعلمها وإدراكها، وعليه فالطومار هو: خط الطومار أو الخط الطوماري, وهو الصحيفة أو الورقة الملفوفة والمشدودة والمحزّمة, هو أحد الخطوط العربية، وهو نوع كبير من خط النسخ، يتميز بضخامة الحجم ووضوح المعالم ودقة النهايات، وحرفا الفاء والقاف في هذا الخط تكون أواسطها محدودة وجنباتها مدورة.

أما طوامير الكتاب فهي: طومار الأرز؛ و طومار اللواء؛ و طومار الجوسق ومعنى الجوسق: القصر؛ و طوماراللّباب وتعني: لب اللب, و طومار الأمة, و طومار الفسطاط وهو: المعسكر أو الخيمة, وطومار الناهج وتعني السالك منهجا ما، و طومارالديسق وهو: السراب إذا اشتد جريه, وطومار الرشد, وطومار الأقنوم وكلمة أقنوم كلمة سريانية الأصل معناها: الذات الإلهية، وطومار البيان, وطومار القسطاس, وطومار العرفان, و طومار القسقاس وهو: شدة الجوع والبرد, وطومارالأدد وهو: العجب والأمر الفظيع العظيم والداهية, وطومار الشرعة, و طومار الرضوان, وطومار الألائك, وطومارالأذمار وهو: النمر الشجاع، وطومار الردء وهو: المشترك مع المحارب في تنفيذ الجريمة بفعل أو أفعال دون أفعال المحارب, وطومار الأجوج والأجوج هو المضيء, و طومار الأوثق والراسخ, وطومار الأشراق, وطومار الإلّ, و طومار الإيقان, وطومار عليين, وطومار القائم.

والكتاب مغرق بالتأمل الفلسفي، وعيبه أن قارئه بحاجة إلى عمق فكري وثقافة عالية جدا بالمصطلحات الغريبة، وكأنه مكتوب لنخبة نخبة النخبة، وأتساءل وقد سألت المؤلف أكثر من مرة، لماذا كل هذا الإغراق بالصعوبة وهذا الانتقاء المغرق بالغموض في هذه اللغة، حتى يحتاج المتصفح أو القارئ إلى قاموس في حجره ليبحث عن كل هذا الكم من المصطلحات؟!؟
ولا يزال السؤال قائما بيننا وبين أبي أكبر.

أقول أن متعة القراءة هي أن أفهم كل كلمة أقرؤها، أما عندما أرتحل بين صفحات القاموس بين جملة وأخرى فسوف تنتفي المتعة وتتوقف القراءة, وأنا شخصيا عندي استعداد لذلك لأنني أريد أن أتعلم المزيد، وأغرق أكثر في الكلمات وأبحث أكثر عن المعاني، ولكن هل لغيري هذه الصفة ؟؟.. أقول بصراحة أن باحث الـ(جوجل) كان يفاجأني بعبارة (لم يفلح البحث) أكثر من مرة .

في كتابه السابق المحارب حمد أبو دخينة، نقلنا الأخ الخريشا الى عالم ممتع من البطولة والتاريخ والرجولة لشخصيات عسكرية عظيمة، شجاعة مخلصة ووفية، ولو كانوا يملكون ما يوازي قوتهم المعنوية من التجهيزات والقوة العسكرية لما داس اليهود ثرى فلسطين، من أمثال القادة عبد الله التل، وحمد أبو دخينة وغيرهما، الذي رغم صغر رتبته في ذلك الحين، إلا أن الرجولة الفذة لا تقاس بالرتبة، وقد وجدت في ذلك الكتاب متعة ومعرفة لا توصف، فأين تلك الصفحات من هذا الكتاب الذي لا يستوعبه إلا أكابر الفلاسفة؟

المقصود أن فتحي الخريشا لديه مقدرة فائقة على استقراء التاريخ، وكتابة سير ذاتية من أبدع ما يمكن، ومع ذلك يتفرد بفن ليس من الضروري أن أفهمه أنا وغيري من أولي الثقافة الضحلة في الفلسفة، وهي علم معقد، لذلك نجد أن الفلاسفة معلمون وقادة فكر، وهم قلة، وخصوصا في زمن العلوم، فلدينا من الأطباء ومن المهندسين أضعاف مضاعفة قياسا للفنانين والفلاسفة والمبدعين، الذين يعدون بالمئات هذا لو أردنا أن نبالغ بالعدد، في حين أن ذوي الاختصاصات العلمية يعدوا بمئات الألآف

تحية لصديقي المبدع فتحي الخريشا على آخر منشوراته، داعيا الله له بالتوفيق في أن يستنسخ لنا الكثير من ملحمة المحارب حمد أبو دخينة.