مقهــــى المغتربين
بقلم : سعادة أبو عراق
محمود أبو شمسي- 10
الحكي في قهوة المغتربين مش على نمط واحد مثل ما في قهاوي الشام ومصر ، يعني في واحد بيقعد بيحكي قصة محدده مثل الزير سالم أو الظاهر بيبرس أو أبوزيد ولا له وقت محدد للحكي وبعدين بيروح ، لكن في قهوة المغتربين ، ممكن زباين القهوة يؤلفوا القصة لحالهم مثل قصة محمود أبو شمسي .
محمود أبو شمسي هذا يا حرام يتيم ، مات أبوه وهو زغير، وأمه ربته على بيضات الجاجات إللي بتربيهم وبتبيعهم ، وما صدقت إنه يكبر ، وصارت تحط له البيضات في سلة فيها تبن ويروح يبيعهم في القرى القريبة ، بيجيب له عشر خمستعشر قرش ، كل جمعة ، وماشية حالهم مثل كل الناس ، حتى يوم ماتت أمه ، وصفى لحاله ، وما عرف يدبر معيشته ، كان لهم شقفة أرض صغيره فيها أربع لوزات ، واحد قال له شو رايك تبيعني إياهم بخمسين ليرة ، وتروح تسافر ، قال طيب قبظ الخمسين ليرة وسافر ، الناس لما درت بالموضوع قالوا للي اشترى الأرض وشار عليه هالشورة ، الله لا يعطيك العافية ، ولك هذا مسكين ، مش عارف يعيش بين ناس بيعرفهم وبيعرفوه ، كيف بده يعيش بين ناس ما بعرف لغتهم ولا بيعرفوا لغته ؟
بعد سبع ثمن تشهر وإلا هو مودي مع واحد جاي مصاري ، أستغربت الناس مهو المسكين ما له لا إم ولا أب ولا اخت ولا خي ، حتى لا عم ولا خال ، وأثريته لساته حافظ جميلة بعض الناس إللي كانت تحن وتشفق عليه وتساعده، فوَّدا لكل واحد عشرين دولار ، الناس قالت والله فيه الخير ، وألله راح بيارك في ماله ، وكبر في عنين الناس بس قالوا طيب هو شو اشتغل ، الزلمة إللي جاب منه المصاري قال قصته غريبة ، قالوا كيف ؟ قال:
دريت إنه لما نزل من البابور ع مدينة بالبرازيل ، لا بدري وين هي ولا حتى اسمها ، راح هو وحماعة زية على فندق رخيص ، اجرته ريال في الليلة ، على ما بين يروق راسه من السفر ويعرف شو بده يشتغل ، ثاني يوم ، الظهريات , والدنيا شوب ، شلح قميصة ودخل ع الحمام تيتحمم ويبورد ، أثريته واحد مراقبه ، ما خلاه وهو يدخل راح للقميص وطال المصريات إللي بجيبته ، ورجعه مكانه ، ولما طلع من الحمام ، شاف القميص متغيرة حطته ، حس جيبة القميص، وإلا هي فاضية ، ما شافته الناس إلا وهو يا حرام بعيط ، مهو لساته ولد ، خمستعش ستعشر سنة ، الناس شفقت عليه واتبرعت له ، لكنها مصاري ما بتعمل شي ، شو بده يساوي ، نزل ع الشارع ، شاف واحد حامل صندوق اسكمو معلقة على كتفه وببيع ، قال ليش ما ببيع مثله ؟ ما ‘حنا بنبيع هيك كمان ، راح مشى وراه حتى وصل المصنع ، وأشر له إنه بده يبيع مثلهم ، المهم اعطاه صندوق ملان أسكمو وباع صندوقين ثلاث ، وجاب الربحة وأكل ودفع اجرة الفندق ريال ، وثاني يوم باع وثالث ، ولاقاها شغلة مربحة ، وبعدين جاب عرباية حتى يبيع عليها اسكمو وبوزه كمان.
بعد فترة واحد صار يحكي على لسان واحد اسمه زيان أجا من البرازيل ، قال يا جماعة أثريته أبو شمسي ، عنده مصنع للبوزه ، قالوا له يا زلمه مهو من زمان عنده اثنين ، هساع ابصر قديش عنده مصنع ـ تخمين عنده عشرين ، وأحد من بعيد قال أنا اسمعت إنه له كل مصانع الأسكمو والبوزة ، هذول أهل البرازيل عشان بلادهم حامية ، فطورهم وغداهم وعشاهم بوزه في بوزه ، واحد قال صحتين وعافية وإلا مثلك ما بتذوقها في السنة مرة ، قال له ولك إنت مخك في البوزة إللي متمنيها ، أنا قصدي تشوف قديش بيربح ما دام هو بيفطرهم وبغديهم وبيعشيهم .
صارو يحسبوا فيها ، قديش بيجيب مصاري وقديش معاه ، ليوم واحد إجا يقول ، اسمعتلكم هـ السمعة عن أبو شمسي ، قالوا شو هي ؟ قال : فاتح بنك ، قالوا كيف الواحد بيفتح بنك ، ما بفتح البنك إلا الحرامي ، صاح وقال ، يا غبي ، بفتحه مش معناها بيسرقة ، معناها بيعمل أو بيساوي بنك ، قال والله ما فهمنا ، رد عليه وقال يعني إنت من وينتا صار معك مصاري عشان تحطهم بالبنك ، هذا أبو شمسي من كثر ما صار معاه مصاري ما وسعت البنوك مصاريه، فراح عمل بنك لحالة ، عشان يحط فيه مصرياته ، اشترى عمارة كبيرة وصفت فيها مصاريه ، اما الذهب فكان مكوم ، وكان يسفى منه بالكريك ، تذكر بعض الناس قولة (أي إحنا بنسفى المصاري بالكريك؟) وعرفوا الآن إنه أبو شمسي بيسفى المصاري بالكريك ، لكن واحد قال والله هالقاروط طلع منه ، لو ظل هون كان لساتنا بنظحك عليه .
وظلوا يتهولوا من نجاج أبو شمسي ، حتى واحد إجا يقول إنه صار رئيس بلدية، قالوا لبلدية قد قريتنا ، قال اسم الله على عقلك ، أكبر من القدس عشر مرات ، تهولوا وقالوا بياع اليبض صار رئيس لعشر قدسات ؟ قال آآآ ، لكن شو بحبوه وبخافوا منه ، قال واحد كيف الحب والخوف بيجتمعوا ؟ قال أنا بقول لك ، المراه مش بتحب جوزها وبتخاف منه ، قال صحيح ، قال والبلدية أنثى ، بتحبه وبتخاف منه ، قالوا معقول .
طول هـ السنين والناس سيرتها أبو شمسي ، اشي بيحكي عن غيره وحسد ، وقرايبه بيحكوا بفخر ، وناس بتحكي لتضييع الوقت ، حتى إحا واحد من البرازيل وقال خبر جديد ، إنه أبو شمسي اشترى أرض بتيجي من عمان لبغداد ، صاروا يصفروا من عمان لبغداد ، والله هذي قد دولة ، كيف بيعرف حدودها ، قال له إنت مفكر إنه بسرح عليها وهو راكب حمار ، قالوا وإلا كيف بباشر عليها وبيزرعها ؟ قال بركب طيارة ، وبحوم فوقها ، وبشوف كل الشغيلة من فوق ، إللي بيرعى البقر وإللي بيربي الخنازير وإللي بيزرع الذرة وإللي بيحصد القمح وإللي بيحرث الأرض ، بيشوفهم واحد واحد ، حتى لما بيعطيهم أجرتهم آخر النهار بسقطها عليهم في صرة ، مكتوب عليها اسمه ، قالوا ما بشوفهم ولا بشوفوه ، قال لا ، كل يوم المغرب واحد بجيب له الغلة مليون دولار ، صاروا يحسبوا بالمليون قديش ، يعني ثلاثمية وستين مليون في السنه ، فقالوا طيب ليش ميسويها دوله ؟ قال له شو بده بوجع هالراس ،
يوم من الايام ما شافوا إلا هالسيارة وهي جاية ، ووقفت وعرفوها سيارة المطار ، يعني واحد جاي من أميركا ، مين هو ؟ صاروا يخمنوا ، لأنه العادة إنه إللي بده يروح بودي مكتوب الترويحه وأهله بيحكوا للناس وبيستعدوا ، وبروحوا يستقبلوه في المطار ، لكن كان إللي جاي هو أبو شمسي ، عرفوا السبب ، لأنه ما له حدا ، فهجموا عليه ، بيوسوه ويهنوه بالسلامة ، وشالوا شنتته الصغيرة ، وفيهم ما صبر حتى يلفي على حدا ، قالوا بدنا تشغلنا عندك ، قال لهم شو بدي أشغلكو ؟ تبيعو بوزه معي ؟