لطائف ــ 62
صوّر مستملحة قصيرة منقولة مما قرأت :
بقلم الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
حلم الكبار:
قال خالد بن صفوان : رأيت رجلا شتم عمرو بن عبيد فما بقّى شيئا ، فلما سكت قال له عمرو : آجرك الله على الصواب ، وغفر لك الخطأ ، قال خالد : فما حسدت أحدا حسدي له على حِلمِهِ وكلمته ...!!!
قيمة اللسان :
قيل لرجل : بمَ سادكم الأحنف بن قيس ، فو الله ما كان بأكبركم سنا ، ولا أكثركم مالا ؟!
فقال : بقوة سلطان على لسانه ، وقيل : الكلمة أسيرة في وثاق الرجل ، فإذا تكلم بها صار في وثاقها ، وقال الشاعر :
احفظ لسانك لا تقول فتبتلى ، إن البلاء موكل بالمنطق
ومعروف أن زلقة القدم أهون من زلقة اللسان، إذ قد يعثر المرء فيكسر، ولكنه يبرأ ، ولكن عثرة اللسان قد يلحقه منها شر كبير ، قال بعضهم : (مثل اللسان مثل السبع ، إن لم توثقه عدا عليك ولحقك شرّه) ، قال الشاعر :
احفظ لسانك أيها الإنسان ، لا يلدغنك إنه ثعبانُ
كم في المقابر من قتيل لسانهِ ، كانت تهاب لقاءَهُ الشجعانُ
زمر بنيّك :
لهذا القول قصة طريفة تفصح عن نفسها ، فقد كان أحد الأشخاص من أصحاب الحوانيت في القرية كثير الذهاب إلى السوق لشراء مستلزمات تجارته ، وقد طلب أحدهم من ذلك الرجل أن يشتري لأبنه زمّارة، فوعده بذلك ، وحين عاد سأله عن الزمارة، فاحتج بالنسيان ، وتكررت العملية أكثر من مرة ، وفي كل مرة يحتج التاجر بحجة ما ، ويختلق العذر تلو العذر مبررا انشغاله وكثرة مسؤولياته ، وأخيرا أعطاه الرجل ثمن الزمارة ، وما أن استلم النقود قال له: الآن (زمَرّ بنيك) ،أي كأن الزمارة صارت بيده وبدأ النفخ فيها والتزمير ..!!
زوان بلادنا :
الزوان : هو نبت ينبت في القمح ، له حب كحبه ، غير أنه ضئيل دقيق مسّوَد يضر به ، ويرخص من قيمته ، والقمح الصليبي : نسبة إلى صليب أفندي ، وهو رجل مسيحي كان يعتني بانتقاء الحب للبذر ، فجاد بذلك نوع قمحه ونسب إليه ...!!
والإنسان الوفي الملتزم يقدم زوان بلاده على قمح صليب أفندي ، فقط لأنه نبت من تراب وطنه الغالي ...!!!
السر :
يقال : (سرك أسيرك ما دام في صدرك ، ولكن إذا أذعته صرت أنت أسيره) ، وقيل في هذا المعنى : كتمان الأسرار يدل على جوهر الرجال ، وكما أنه لا خير في آنية لا تمسك ما فيها ، فكذلك لا خير في إنسان لا يمسك سره ، وكان يقال : أحزم الناس من لا يفشي سره إلى صديقه مخافة أن يقع بينهما شر فيفشيه عليه .
وقال الخليفة الراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليه : القلوب أوعية ، والشفاه أقفالها ، والألسن مفاتيحها ، فليحفظ كل إنسان مفتاح سره ، وكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ، ومنعه من بلوغ مآربه ، ولو كتمه أمِن من سطوته ..!!
الإستشارة :
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الرجال ثلاثة ، رجل ترد عليه الأمور ، فيسددها برأيه ، ورجل يشاور فيما أشكل عليه ، وينزل حيث أمره أهل الرأي ، ورجل حائر بأمره ، لا يأتمر رشدا ، ولا يطيع مرشدا...!!!
وقال عمر بن عبد العزيز :المشورة والمناظرة بابا رحمة ، ومفتاحا بركة ، لا يضل معهما رأي ، ولا يفقد معهما حزم ...!!!