لقاء القمم
صورة تراثيه شعبية من وحي القرية القديمة
بقلم الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
قالوا :
التقى العلم والثروة والتعاسة والشرف في مكان ما. وعندما أرادوا أن يتفرقوا تسائلوا أين يجدون بعضهم فيما لو شاء أحدهم لقاء الآخر ؟؟
قال العلم ، وهو يشير إلى الجامعة :
- ستجدونني هناك في تلك الجامعة ، لو أردتم البحث عني ..!!
وأشارت الثروة إلى قصر منيف وقالت :
- ستجدونني في ذلك القصر لو أردتم البحث عني ...!!!
وأشار ت التعاسة إلى كوخ حقير وقالت :
- ستجدونني في ذلك الكوخ الحقير ، لو أردتم البحث عني ...!!!
وبقي الشرف ساكتا ، وسألوه :
- وأنت أين سنجدك ؟؟
فقال لهم :
- أنا من يبرحني فأنه لن يجدني مرة أخرى مهما بحث عني
وهذا القول الرمزييدل على أن العلم في الحياة في الجامعة والمدارس ، وهو علم لا يستهان به ، ولكنه لا يساوي شيئا ، إذا ما اقترن بعلم الحياة والخبرة وتطبيق النظريات على أرض الواقع...!!!
وقد تكون الثروة في القصر المنيف الذي يرمز للمال والثراء الفاحش ، ولكن الثروة الحقيقية في قلب ونفس الإنسان ، فالمسعور يزيده المال شهوة للمال وسعارا ، فيصبح كالكلب المسعور الذي كلما عض أحدا ، إزداد شهوة لعض الأخرين ، ولا يوقف سعاره إلا رصاصة بين عينيه تنقلهه من وجه الأرض إلى جوفها غير مأسوف عليه ...!!!
وكم غني يملك مفاتيح قارون ، ولكنه مريض لا يستطيع الأستمتاع بثروته ، فهو عنين ، يقتله العجز الجنسي ، والذي هو الذي يجمل الحياة الدنيا ، ويعاني من أمراض أخرى كثيرة ، حيث يشتهي أكل بصلة أو حبة فلافلا ، وهما عماد قوت الفقير ، الذي لو وجد اللحم والطعام الهنيء لنزل به نزول المنايا ، مع احتفاظه بحق الطعام الذي يشتهي حامل مفاتيح قارون لو يأكله مرة واحدة ، حيث لا يستطيع إلا أكل المسلوق من الخظروات ، الكوسا والجزر ... وما إلى ذلك من أشياء...!!!
لإضافة الى الخوف على المال والنكد والحسد ، وتلك كلها أمراض الأثرياء المزمنة ، الفقير في حل منها ، فهمه لقمة العيش مهما كانت تلك اللقمة ، وقد يحس التعاسة إذا لم يجدها ، وإن وجدها قبلها ووضعها على رأسه وتمنى لها أن يديمها الله عليه ويحفظها من الزوال ، وهو لا يشعر بالأكتئاب والحزن المقيم ، ولا تصيبة الجلطة مثل ضحايا البورصة ، لأنه لم يكن يملك المال فلم يكن من الضحايا الطماعين ...!!!
وقد يكون الفقراء أكثر صحة وعافية ، وسعادة لو مات جوعا من الذي يمرض ويموت من الشبع والسمنة والتخمة ، فالجائع إن مات جوعا قد ينتقم الله سبحانه وتعالى له من كل المجتمع الذي كان يعيش فيه ، وقد يهوي الثري الذي مات بالتخمة سبعين خريفا في جهنم ، لأنه لو أخرج حق الله في ماله ، لبارك الله له ، واستأصل شأفة الفقر في مجتمعه ، وعاش الكل بأمآن وسعادة واكتفاء ...!!!
أما الشرف فكان تعبيره أصدقهم وأدقهم على الإطلاق ، فمن برحه لا يحلم بالعودة إليه مطلقا ، لأنه مثل عود الكبريت حسب تعبير عميد المسرح العربي (يوسف وهبي) ، إذا اشتعل مرة فلا يمكن أن يشتعل مرة أخرى ...!!!
فكما رأينا أن كل شيء إذا ذهب يمكن أن نجده ونعود إليه إلا الشرف ، فلنحافظ عليه ...!!!