ثورة البليد
صورة تراثية ساخرة
بقلم: الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
كنت قبل نحو عشر سنوات قد كتبت مجموعة من الحكايات الساخرة تحت عنوان (ثورات)،وهي من ثور ، وهو ذكر البقر ، وقمت بنشرها في إحدى الدوريات التي تصدر في عروس فلسطين مدينة (رام الله ) الأسيرة ، فك الله أسر كل فلسطين ، ومنها (ثورة الصرامي) ، ولعلي أعيد نشرها لما فيها من إسقاطات حققها الزمن في السنوات العشر الماضية .......!!!!
أما ثورة البليد ، فهي تتحدث عن أبي أحمد المسكين المضطهد الذي يرى الويل والثبور وعظائم الأمور من زوجته ،فقد قامت بمسح شخصيته وإهانتها أسوأ إهانة دون رحمة أو اعتبار أن هذا الرجل هو زوجها و(أبو عيالها) ، وعليها أن تكون أكثر رحمة ومودة واحتراما لشخصه الذي كان ذات يوم كريما ، واحتراما لشعور اولادها منه ، ولكن بعض النساء اخلاقهن مثل اليهود ، اذا أحسسن بنشوة النصر حتى يضطهدن أسوأ الأضطهاد ، ولن يكسر شوكتهن الا الهزيمة المنكرة......!!
أما أبو أحمد فكان أضعف من ريشة في مهب الريح ،وكان مستسلما لجبروتها الهائل ، ولا يستطيع حتى الإنكار في قلبه ، لأنها تستطيع قراءة ضميره ، وان حدث فستضربه أكثر من (عَجَل مبنشر)....و(يا ليله ويا ظلام ليله).....!!!
وكان أبو أحمد يعرف حده فيقف عنده ..و(غلب بستيره ولا غلب بفضيحه)..!!!!
وكان عنده حمارا عاشقا لحمارة صديقه وزميله أبو كمال ،ولكنه حرم الحمار من معشوقته كناية بإم أحمد ، ولو كان بيده لمنع الزواج على وجه الأرض لينصح الأمة ، ولا يبتلى انسان فيما ابتلي به ، على أساس أن (الدين النصيحة ، وأن من غشنا فليس منا) ، واخفاء شخصية وسلوك أم أحمد غش للأنسانية جمعاء ......!!!!
وأبوأحمد وأبو كمال زميلا مهنة واحدة ، حيث يجوبان القرى ويبيعان لوازم البيوت من(أبر وميابر وشلايل خيطان ، وطبب حرير ، ودبابيس وفتايل ضوء ، ونكاشات بوابير ........و,,و,,, وغيرها) ، والثمن من الموجود وأغلبه بالمقايضة ، بيض ، قمح ، شعير ، تبن ، نقدا ، زجاج مكسر ، أحذية بلاستيكية بالية ، أي شيء قد يخطر على البال أو لا يخطر...!!
وكان من عادة أم أحمد أن تحاسب أبو أحمد على الفلس والمليم والملتيك ، فهي تستطيع بيع البيض والقمح والشعير والمواد التموينية الأخرى في القرية وهناك سوق خاص لها ، ولكن الزجاج والبلاستيك وغيره ، لا يباع إلا في المدينة ، وبالعادة يذهب هو وأبو كمال ، وقد يلعب بذيله و(يخنصر) له شيئا من ورائها ، وهذه كارثة وخروج عن الطاعة ، وحسابها لو اكتشفت الأمر عسيرا ، وكانت لا تسمح له بحدوث مثل هذا أبدا....
وذات يوم ، حدث الإنقلاب ، إذ عاد أبو أحمد من العمل وكانت كل غلته أحذية بلاستيكية بالية ، ولم يكن معه قرش واحد (كاش موني) ، وعندما دخل البيت وفجَّر المفاجأة بين يدي أم أحمد جن جنونها ، وصلبته على الجدار وقذفته بكل الأحذية ، ثم طردته إلى زريبة الحمار ، وحرمته من وجبة الطعام ، وحرمت الحمار من مخلاة التبن وحفنة الشعير ، وجلس تحت الحمار يشعر بمرارة الذل الذي رآه منذ اقترن بتلك السادية الظالمة ، وما رآه اليوم يعادل كل ما مضى من العمر الماضي
وفيما هو في شدة مرارته وحزنه بال الحمار عليه ، فلم يستطع الصبر ، وأحس بقوة هائلة ، فنزع هراوة الفأس ونزل ضربا بالحمار بلا رحمة ، فأتت أم أحمد على الصوت (فارعة دارعة) تصرخ بوجهه: شوجرالك يا مجنون ؟؟؟
فأحس أن التي تكلمه نملة أو صرصارا.......!!!
وترك الحمار يئن بأوجاعه ، وهوى عليها يضربها ضربا مبرحا ، وهي تركض أمامه تصرخ وتولول لعل أحدا يخلصها من بين يدي ذلك المجنون ، ولكن شماتة الناس كانت بها أكبر من ضربات الهراوة التي تقصفها بلا هوادة ...............!!
ومن يومه صار أبو أحمد سيد البيت ، وسحب كل الصلاحيات من يديها ، ولم تعد تناديه إلا (سيدي أبو أحمد)..........!!
اليست أم أحمد هي إسرائيل ، وأبو أحمد النظام العربي الرسمي ، وأن بول الحمار هو الاعتداء الدنس النجس على غزة ؟؟؟
ولكن أبو أحمد تحرر من الإهانات،وأعاد الأمور إلى نصابها،وبقيت الأنظمة (مطرح ما.....شنقوه)،
( وتيتي تيتي مطرح ما رحت اجيتي) ..................!!
لقد ثار البليد وعندما أحس بذرة من الشجاعة احتقر نفسه لأنه استسلم لجبروت تلك المرأة ، وتبين أنها قشرة لمّاعة مغشوشة كاذبة وسقطت مع اول عين حمراء......!!
ألم نكتشف بعد أن إسرائيل وهم كاذب صنعناه ، مثلما صنع نصري شمس الدين وفيروز أسطورة راجح في إحدى المسرحيات .....!!!