الإخلاص
صورة تراثية لحكاية شعبية من ذاكرة الجدة محكية
بقلم الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
قالوا : إنه واحد تقي نقي مثل الثلج اللي نازل من السما ، قبل ما يلامس الأرض ، ويضطر يتوسخ بوسخها
عنده قلب مليان حنان ،وبحب الخير لكل الناس ،وإيده العليا دايماً ممدوده لكل محتاج تنثر خيرها ونِعمها
ّ يوم لقي حمامه مهيضه ،جناحها مكسور ،وها لولاد بتلقفوها ،لا هم راحمين كسرها ولا حزنها وضعفها
أخذها منهم وحنى عليها ،داوى جرحها ،وجبّر كسرها ،وحطها في كوة الدار ،يقدم إلها الميه ويحرص على علفها
وطابت ،الله الشافي ،ولازمت ها لرجل النبيل ،وصار هو حبها وغرامها ،وأخلصت له مثل حسبها ونسبها
ويوم لاقى ها لحنيش ،إمْضرَّب إحجار ،وبينه وبين الموت خطوة قدم ،حن عليه وأخذه ،تعهد جروحه وطببها
تطاب وتعافي ،الله الشافي ،رغم العداوه التقليديه ما بين جنس الأفعى وجنس البشر ، إلا إنه
ها لحنش نبذها
وأخلص بحبه اللي أخذه من ثم الموت ، ووهبه حياه جديده ،وقاسمه البيت والحياه وكل قساوتها ومتعها
وعاش الحنيش مع الحمامه ،مع ها لزلمه الطيب ،جمعهم الحب والوفا ،والحب عطاء ،والوفى سعاده بأبهى صورها
ويوم لقي ها لإنسان مقلعط منصاب بمرض معدي ،وأقرب أقربينه رموه بره البلد حتى ما يعدي بقلعاطه أهلها
وبطبعه المفطور عليه ،حزن منه وأتألم ،يا خساره ،قديش الإنسان قاسي بطبعه ، والرحمه من قلبه لفظها
أخذه عَ الدار ،وسعى له في العلاج ،إشتراه من حرّ ماله الطيب ،وتعهد لمقلعط ينظف برصه و قروحه ويداويها
وبإذن الله ،وبجهد الزلمه الطيب الجواد ، وبخالص الدعاء اللي طالع من القلب النظيف يشفي النفس وينجيها
طاب لِمقلعَط ، وصار بسم الله ما شاء الله ، قمر أربعطعشر ، وجه منَوِّر يحميه من النفوس الخبيثه وبلاويها
ووصى الحمامه والحنش فيه خير ، برضه هذا أخوه الإنسان ، والأخوه حق مقدس زرعها ربنا فينا ، وبارك فيها
ورغم الشك من ناحية الحمامه والحنيش في ها لإنسان اللي جوه قلبه مصايب ، امسكر عليها بالضبه وامخبيها
الا انهن امتثلن لصاحب المعروف ، والمعروف أمانه ووعد وعهد ، ملعون بكل مله وشرع اللي ما براعيها
ويوم نزلت الحمامه على سرير بنت السلطان ، وحملت عقد جوهر غالي ، وجابته لسيدها الطيب ، هديه تهديها
ولمّا انفقد العقد الثمين ، أعلن السلطان في عموم لِبلاد ولكل العباد ، إنها جريمه حدثت ، ويا ويله ويا ظلام ليله اللي مساويها
وبث العسكر في أرجاء السلطنه ، تدّورها بالخزق وبالشق ، ولازم يرجع العقد للأميره في الحال ، حتى لو انهدمت على أهاليها
واللي بقى مقلعط وطاب بفضل الله ثم الطيب ، شاف الحمامه يوم جابت العقد ، رغم الزلمه الطيب ما عرف فيها
هون العديق الخؤون ، خاين الملح والعيش قال للعسكر : إنه صاحب البيت حرامي محترف ، مدّعي التدين ، وهو اللي مساويها
طيب وينه..؟؟ ، سألوه فقال : مرائي كذاب ، بوهم الناس بالتقوى والصلاح ، وانه قايم عَ الصلاه ومأديها
كبسوا عَ الجامع ، لقيوه تقي نقي غارق بالعباده ومناجاة مولاه اللي طهر قلبه بالإيمان ونفسه بالتقوى مزكيها
بلا حاذور ولا دستور ، حطوا الحديد في إيديه ورجليه ، وشحطوه عَ السجن ، يا غافل إلك الله ، من غير ما يعرف اللي فيها
عقد الحنيش مع الحيه اتفاق ، وقرر إنه يلتف على جسد بنت السلطان ، وما يدشرها تنعم بالحياه وسيده يقاسيها
إبعد يا حنيش ، يا محترم عن ها لبنت البريئه ..!! ، قال : أبود وسبع جدود ما بعتقها ، ولا
عَ وجه الدنيا بخليها
إلا تطلعوا سيدي التقي النقي ، وتمسكوا ها لِمقلعط الكذاب وتهرولي وبره على ها لكذبه اللي دبّها وعن إبن ها لناس راويها
وفتح السلطان تحقيق ،وبينت الحقيقه ، واطلع التقي النقي من الحبس معزز مكرم ، والنفس اللي ربنا برفعها ما حدا بوطيها
فات عَ مخدع الأميره وأخذ الحنيش عن جسدها ، ولفه عَ جسده ، وهَدَّت الحمامه على كتفه من الجذل ترفرف بجناحيها
ولِمقلعط ظل يوكل ضرب وخبط ، والطيب واصحابه الحمامه والحنيش في أحلى صداقه ، وحياه حلوه ، يا رب تديمها وتبقيها
تقرأ بلهجة أهل سنجل
