مقهــــى المغتربين
بقلم : سعادة أبو عراق
شايش - 1
في بَلد اسمها سنجل ، قهوة سماها بعظ الناس قهوة الهشّاتين ،بقعدو عليها قليلين الشغل ، لأن الدواوين ما بتستقبلهم ، لأنها للناس الكبار الراكزين إللي بحكوا في أمور الناس وقضاياهم ، وكمان حضير الجامع ، لأنه فيه ختيارية بيحكوا فيه بعد صلاة العصر عن عسكريتهم في الجيش التركي ، وعن سياسة السلطان عبد الحميد ومحمد رشاد ، أما العواطلية فصارت لهم قهوتهم إللي بحكوا فيها شو ما بدهم ، ومثل ما بيقولوا أم لسان غلبت ام افعال ، يعني إذا ما بتقدر على الفعل ، على القليلة إحكي ، ولأنه معظم شباب أهل البلد هاجرت ع أميركا ،فكان موضوع حكيهم عن إللي صارمعهم في اميركا ، او تخيلوه ،أو تمنوه، وما اكذب من شب تغرب إلا ختيار ماتت جياله .
واحد قال بعد ما لفْ سيجاة هيشي ، وولعها ومجْ عليها ، والناس ناصته كأنها بدها تسمع بيان عسكري ، قال ، مرَّة لما كنت في البرازيل كنت راكب على دراجة , وكنت مسرع سرعة عالية على التسعة وتسعين ، وفجأة وإلا نهر الأمازون قدامي ، شو بدي أساوي ، إن ظربت بريك بقلب وبدّهور ، فما في حل إلا أدعس بنزين وأنط على الشط الثاني ،فزريت على الدراجة ورفعت بوزها شوي ، حتى طارت فيّ وهدت على الشط الثاني ، وبعدها وطيت السرعة وظليت ماشي .
صفقوا له وقالوا له , والله بطل ، امليح ما ظربت بريك ، وإلا كنت وقعت وتكسرت ، فالحمد لله على السلامة ، وقاموا سلموا عليه وهنوه بالسلامة .
بس سكتوا قام واحد اسمه شايش أبو الشوارب وقال بعد ما تنحنح وهيأ حاله :
أنا لما كنت في فنزويلا ، كنت أبيع بضاعة على كتفي ، مش على دراجة مثل الأفندي ، كنت طالع على قرية براس جبل ، وتعبان ، حامل مقاطع القماش على كتفي ، وبَتعَكّز على عصا طويلة أطول مني ، قطعتها من شجرة ، ووكنت اتمنى لو كان عندي بغلة أركبها بدل هـ التعب هذا ، وأنا ماشي ، إلا هالحيَّة تخنها تخن البرميل الكبير وأكثر ، وطولها ألله أعلم فيه ، لمّا شافتني جَلْقَتْ ثمها على طوله ، مثل هالباب هذا ، وهجمت عَلَيّ بدها تبلعني ، وين بدّي أهرب ، اتجمدت مطرحي ، وما عاد معي حيل اتحرك ، فما شفت إلا لسانها طلع من ثمها مثل البرق ، ولف على خصري وسحبني كاني لعبة في إيد ولد ، وما شفت إلا وأنا في جوّا ثمها مثل ما أنا ، واقف وماسك العصا ومتكي عليها ، فلما بدها تبلعني طبقت عليّ سقف حلقها ، لكن العصاه غرَّزت بحلقها ، فلا قدرت تفتحه مرة ثانية ولا تسكرة ، صارت تلعب بلسانها عشان تزيحني أو تقيم العصاة من ثمها ، قمت طلت الخنجر وقطعت لسانها من أساسه ورميته برا يلعب وينطنط ، بعدين إطَّلعت في حلقها إلا هو مثل المغارة ، دخلت فيه ، فوجدتها بالعة حصان ، ومسكين بالرمق الأخير، لسّا مش ميت ، لكن الخيّال تبعها ، الله أعطاكم عمرة ، قمت جريت الحصان من لجامه ، حتى وصلت لباب ثمها ، لقيت نيابها قاعدة بتنقط سم ، خفت وأنا طالع ، معرفش أدومح ، وتجرحني وتموتني ، فطلت الخنجر إللي معي ، وقطعت نيابها ، فدفق السم منهم تقول قربة مية وانفزرت ، المهم سحبت الحصان برَّة ، واستنيت عليه حتى تريَّح وأخذ نفس ، وحتى قام لحالة ، حشّيت له شوية حشيش ، أكل منهم ، وقلت هيوه الاه استجاب لدعوتي ورزقني حصان ، وركبت عليه وظلّيت طالع ع راس الجبل ، وأجيت على زبايني في القرية ، دايما بستقبلوني كويس ، لكن شفتهم مِعِبْسين وبدهم يقاتلوني ، قاموا قالوا لي وين خوليو؟ استغربت السؤال ، فقلت لهم مين خوليو ، ما بعرف واحد اسمه خوليو، قالوا طيب منين جبت هذا الحصان ، هذا الحصان حصان خوليو ، قلت لهم أنا أخذته من جوا الحيَّة ، ما شفت وإلا واحد ظربني بوكس على وجهي وصاح ؛كراخوا....! ، بتظحك علينا يا توركو ، قلت له والله ما بظحك يا سنيور ، روح شوف الحيَة ، بيجوز إللي في جواها يكون خوليو ، قال تعال تنشوف ، انزلت معاه ولحقونا أهل البلد ، حتى وصلنا الحية ، لقينا العصاه لساتها معلقة بحلقها ، وهي قاعدة بتتمعمل ع الأرض ، ومتذايفة ، لما حست فينا ، وقفت واطلعت علينا ، ومبين إنها عرفتني ، وقامت هجمت عليّ ، قمت طِلت الفرد عن جنبي ، وصرت أطخ جوّا ثِمْها المفتوح ، لكن ولا همها ، كانت رصاصة الفرد ، ترتي في لحمها مثل الصرارة في المية ، ولا كأني عملت شي ، شو بدّي أعمل ؟ ما ظل معي غير فشكتين ، إن مسكتني بتعصرني مثل حبة الليمون ، قمت نطيت على أبو جنب وعيَّنت على عينها ، وطخيتها ، يم وإلا هي عينها طالعة ، صرت بدّي أروح لجهة عينها الثانية ، لكنها ريحتني ، دارت لي عينها عشان تشوفني فيها ، قمت طخيت أخر فشكة معي ، وأعميتها من مرة ، وبعدين صارت تخابط ، هذول الناس إللي إجو معي ، هربوا ، وأنا هربت ، لكن مبين إنّه وحدة من الرصاصات دخلت من عينها لدماغها ، لأنه بعد ساعة زمان هديت حركتها ، وراحت قوتها ، وصرنا نقرّب عليها شوي شوي ، حتى إنها ما عادت تتحرك بالمرة ، وبعدين قربت عليها ، لقيتها باردة مثل الثلج ، عرفت إنها ماتت ، قمت طلت خنجري وصرت أشق في بطنها ، حتى بَيَّن الزلمة جوَّه ، وسَّعت الشق ، واطلعته من جوّاها ، وقلت لهم هذا زلمتكم ؟ قالوا أيوة إحنا متشكرين ، وإجا إللي ظربني بوكس ، قال لي إلك عندي بوكس ، يلَّه خذه ومدّ لي وحهه وهو يبكي ، لأنه خوليو كان أخوه ، وصاروا يشكروني ، واهل البلد اشتروا مني كل بضاعتي إللي جايبها معي ، إللي بدهم إياها وإللي ما بدهم ، وبالسعر إللي طلبته ، وكمان أعطوني الدين إللي إلي عندهم .
ومش هيك وبس ، أخذوني على كراكاس ،لعند الرئيس ، سلم علي وكرمني لشجاعتي ، وأعطاني نيشان ، نسيته هناك ، وإلا كان فرجيتكم إياه ، وأعطوني مكافأة ، وكتبوا عني بالجريدة .
وبعد ما خلص كلامة صفقوا له كل إللي قاعدين ، على القصة الرائعة وقالوا له ، لو بتعرف عنك جامعة الدول العربية كان كرمتك بالقاهرة كمان .