مقهــــى المغتربين
بقلم : سعادة أبو عراق
قاهر الديناصورات -12
من يوم ماحطوا التلفزيون في القهوة ، وراحوا يبحلقوا طول الليل ع الممثلات والمذيعات الحلوات ،ويسمعوا لكلام النسوان الناعم ، فصاروا يشوفوا ويسمعوا ، وما يحكوا ، بستلموا التلفزيون مثل ما قالوا من اللفة للعلم ، ومعناها من الافتتاح بالقرآن والأغلاق بالسلام الملكي والعلم ، وبيتركوا الحكي للفترة من بعد العصرحتى يفتح التلفزيون الساعة ستة ، وبيصيروا يحكوا شو صار بالمسلسل ويخمنوا شو راح يصير ، وبعدين بيظلوا مبحلقين باللي بحبوه وإللي ما بحبوه ، إللي بيفهموه وإللي ما بيفهموه ، كأنهم تلاميذ قدام معلم معاه عصاة , أو لأنهم دافعين الشلن ، وعاوزين يحضروا أكبر وقت ممكن .
وفي يوم من الايام انقطعت الكهربا ، وطفا التلفزيون ، والسهرة في أولها ، طلعوا قعدوا برا تحت المعرش يسهروا على ضو اللكس ، زي ما كانوا زمان ، وتذكروا سواليف الهشت ، وبالصدفة كان واحد مسافر ع الأوروغواي اسمه شحدة ،وروح من سنة تقريبا ، ولا عمره حكى شي ، قالوا له كأنهم بيشحدوا منه خريفة ، ما عمرك صار معاك شغلة بتستاهل تحكيها ، قال عندي كثير ، قال وليش ساكت ؟ ما تحكي لنا ، وإلا مستحي وخايف نقول عنك هشات ؟ دير بالك إن ما كانت هشتة كبيرة ما بنقبلها ، قال بدي أحكي عن شغلة صغيرة خالص ، قالوا احكي لنا ع قد عقولنا ،قال سلامة عقولكم ، لكن هذي الشغلة هي إللي جاية على ذهني ، قالوا تفصل ، ولما بتتفطن على غيرها بتحكي لنا إياها ، قال عمركم اسمعتوا بالديناصورات ، ناس قالت اسمعنا وناس قالت لا ،وتساءلت شي هي هذه إللي بتقول عنها؟ قال هذي حيوانات مثل السحالي والحرادين ، بس تصوروا حرذون طولة عشرين ثلاثين متر ، وراسه مرفوع لفوق عشرة خمستعشر متر ، تهولوا ، وواحد قال ، ول شو هالحرذون ؟ قال هذول الديناصورات الصغار ، أما لتشوف الكبار عقلك ما بيصدق . قالوا طيب شو القصة ؟ قال هذي الديناصورات حسب ما سمعت ، إنها ظهرت فجأة في منطقة الحدود بين البرازيل والأرجنتين والأوروغواي قطعان ديناصورات ، بتمشي وبتهز الأرض هز بتطلع من ثمها نار بتحرق الزرع والغابات والحيوانات ، وبتدمر كل شي بتمر فيه ،إن كان مدن أو قرى ومزارع ، وبتركض ، صاروا يطخوا عليها بالبارود ما كان يقطع فيها ، جابوا المدافع ، كانت الطلقة ترتد عنه وتنفجر بعيد فلا يشعر فيها ولا تهمه ,جابوا لها الطيارات تضربها بالقنابل وكل ما قدروا عليه إنهم خلوها تقطع نهر الأورغواي من الأرجنتين للبرازيل ، قامت البرازيل تعمل نفس الشي وطردتها للإرجنتين والإرجنتين عملت تفس الشي ، لكن هذي الديناصورات صارت تركض مع النهر للأورغواي ووصلت الأورغواي ، بس الأوروغواي ما كان عندها طيارات مثل البرازيل والأرجنتين ، لأنها بلد صغيرة وطفرانه ، فخافوا إنها تهجم عليهم وتحرقهم وتوكلهم ، قام صاروا يرحلوا ويهاجروا خوف منها ، وشو بدهم يساووا مادام البرازيل بكبرها والأرجنتين ما قدرت تعمل شي ، فأعلنوا إنه أي واحد بيقدر يخلصنا من هالورطة بنعطيه إللي بده إياه ، أنا اسمعت بالخبر لما كنت قاعد على قهوة في العاصمة ، وكنت جاي جديد على البلاد ، كان واحد قاعد معاي ع القهوة ، وقال لي ، إنت ما بتقدر على الديناصورات ؟ شعرت إنه بيتمسخر على ، وبشك بقدراتي ، فقلت له بعنطزة أنا مش راح أرد عليك ، لكن بدي أخليك تشوف بعينك .
قمت ع التلفون وقلت للسنترال اعطيني الرئيس ، قام قال لي أمرك سيدي ، وقلت للرئيس إجاك مين ينقذك ، قال مين إنت قلت شحدة ، قال لي اسمعت عنك ، اجيت في وقتك ، شوية إلا هو جاي علي بذاته ، قال لي شو طلباتك ، قلت له حطني في المنطقة وما عليك ، وفعلا أخدني في طيارته على المنطقة وإذا فيها غابات وسهول والناس كلها هاربة منها ، شفت لك قرد ، ركبته وصار ينط في باتجاه الديناصورات ، قبل ما نصل الديناصورات شفت فيل بيسموه عندهم ماموت ، يعني ما بموت من الخوف ، قلت للقرد نزلني هون ، نزلت ورحت للفيل وركبت عليه ، والفيل هذا قد ما هو كبير قد ما هو مطيع ، رحت باتجاه الحدود ، حتى شفت أول واحد ، الفيل جوبن لكني نهرته ،فتشجع وراح يجري ، وشاف شجرة نخل ، راح عليها وخلعها ، ومسكها بخرطومة كأنه واحد ماسك عصاه ،وصوى بصوت قوي ، وما شفت إلا اكثر من ميت فيل جايات تتراكظ ، وكل فيل خلع له شجرة نخل ومشوا ورانا ، وبلشت تضرب بالديناصورات ، اثريت الديناصورات بتخاف من الأفيال ، مثل الافيال إللي بتخاف من الفيران ، وهربت جوات النهر ، لكن روسها كانت مبينه ، وشايف الافيال وهي رافعة شجر النخل وبتتحلف لها وبتصوي عليها ، فما استطاعت تقرب ع الشط ، وظلت تركظ في نهر الأوروغواي ، حتى وصلت البحر المحيط ، وغابت في جواه .
صفق الناس تحت المعرش وصفروا كأنهم بيحضروا مباراة كرة قدم أو حفلة ملاكمة ، وقالوا له والرئيس شو أعطاك ، قال ولا شي ، قالوا ول عليه ما أنتفه ، قال لي بعد ما نشرت الجرايد والمجلات الخبر ، بالصور ، وطالبت الرئيس إنه يكرمني ويعطيني جائزة ومكافأة ، لأني أنقذت البلاد من كارثة ، قام استدعاني للقصر تبعه ، وقال لي شو تؤمرني يا شحدة ، قلت له شكرا ، هذا جهد بسيط ما بيستاهل ، خليها لشغلة أكبر ، قام سلم علي وشكرني وقال ان شاء الله المرة الجاي، وقال للصحفيين والوزرا ، شايفين الناس أولاد الناس المحترمين العفيفين .
قالوا والله هذا الرئيس ما بيسوى تعمل معاه معروف ، قال لا تخافوا علي ، قلت له كلمة بتسوى زيانة شاربه ، قالوا شو؟ قال بتتذكرني لما ترجع لك الديناصورات مرة ثانية قالوا بحماس ، وإحنا ما بننخليك تروح عند هذا السقيطة ، لأنه ما بقدر قيمة الرجال.