مقهــــى المغتربين
بقلم : سعادة أبو عراق
صالح ربيع-14
صالح ربيع هذا زلمة دايما شايل السلم بالعرض ، لا معجبه بلد ولا ناس ولا حكومة ولا حدا ، عامل حاله أفهم من كل الناس ،ولازم يعلق على كل شي ، لو شاف واحد حامل شوال قمح على ظهرة ، بقول والله إنه احسن من بغل ، لو شاف سيارة بيقول هذي العيب فيها الجير ، لآنها لما تطلع طلعة بصير يفرك ، وبتصير تجعر مثل البقرة ، فبقولوا له إنت عمرك سقتها ؟ فبقول ولك أنا بفهم بالنظر ، أنا ما بحتاج إني أجرب ، إنت بتحكي كأنك ما بتعرفني ،فيقولوا أعوذ بالله ، إنت كل قظا رام الله بتشهد لك ، ولما بشوف واحد بيقرا جريدة بيقول أعطيني إياها نص ساعة وبعدين سمِّع لي إياها كلها ، بتشوف إني ما نسيت ولا حرف ، فبقول له بدون عونطة ، بس أخلصها بعطيك إياها وما بدي أسمِّع لك ، والله يبارك لك بالقرشين حقها ، ولما يعلم إن الملك غير الوزارة بيقول ، لو شاورني الملك ، كنت نقيت له أحسن وزرا ، بس هو الخسران ، ومرات بيقول هم الوزرا شو بيعملو كل يوم بيستلبسوا واحد من التجار الكبار , بيقولوا له من أطيب مناسفك وإلا مناسف أبو فلان فبقول مناسفي ، فبقولوا له طيب ذوقنا ، وبظلوا ع هالحالة حتي يشبعوا وبعدين الملك بغيرهم ، فبقولوا له إنت متأكد إنه شغل الوزرا هو تذوق المناسف وأكلها ؟ بقول طبعا ، فبقولوا والله إنك سياسي خطير ، دير بالك ع حالك .
يوم من الأيام إلا والبلد فقدته ، وين راح ، بيسألوا أهله ، عيلته ، جيرانه ، ما حدا بيعرف ، كثير من الناس قالوا تريحنا من واحد سايق علينا الهبل ، وناس صارت تقول ، بطلنا نضحك ، أحسن الممثلين هو إللي بيضحكك بدون ما بيضحك .
بعد شهر زمان ما شافوه قبل المغرب بشوي ، وإلا هو جاي مبهدل ، أواعيه وسخة وريحته طالعة ، ولحيته مش محلوقة ، كان حاسب حسابه يصل البلد والشمس غايبة حتى ما يشوفه حدا ، لكن العتمة ما إجت على قد إيد الحرامي ، الناس لاقته تسأل عنه وين سافر وين كان ، واحد سأله بخباثه ، لتكون حطوك وزير وبعدين طردوك ، قام انتفظ وقال حسّن ملافظك ، أنا ما بنطرد ، قالوا طيب وين كنت ، قال أنا رحت أزور خالتي ، بس هي عشان بتحبني ما رضت تفلتني ، قالوا يعني طول هالمدة في بيت خالتك . قال لا أنا كنت عند خالتي وبس ، وصاروا بدهم يستدرجوه بالحكي ، قال وهو رايح ، أنا مش فاضي لطق الحكي تبعكم .
ثاني يوم ثالث يوم طلع الأفندي ع القهوة ، إجت الشباب تحوطوه عليه ، قالوا له يازلمة اثريت البلد من دونك فارغة ، انبسط وقال هذا من لطفك ، قال واحد : لما نويت تروح عند خالتك ، كان قلت لنا بدي أروح عند خالتي ، كنا حسبنا حسابنا وما قلقنا عليك ، قال طيب دشرونا من هالحكي ، قالوا هو في إلك خاله ، قال آآآ ، قالوا وين قال في عقبة مصر ، قالوا عمرنا ما سمعنا عنها ، قال مهي مجَّوزة هناك من زمان ، قالوا كيف رحت عليها ، قال كنت أفكر إنها قريبة ، قالوا له شو صار معك تظليت في بيت خالتك شهر وأكثر ، قال أنا ما كنت في بيت خالتي أنا كنت عند خالتي ، قالوا له المهم ، خرفنا عن رحلتك لبيت خالتك ، احتد وقال أنا ما رحت على بيت خالتي ،قالوا متأسفين ، عند خالتك ، تفضل اقعد واشرب قهوة ، وكمان اسحب لك نفس شيشة ، لأنه أكيد ما فيش عند خالتك أرجيلة .
حط الكرسي وحط رجل ع رجل ، واسند ظهرة للحيط ، على ما بين جابوا الآرجيلة وفنجان القهوة ، ومج عليها نفسين ثلاث ، ودقت النار في التنباك ، وبين عليه إنه انسجم ، وخاصة لما صار يشرب فنجان القهوة بمتعة كبيرة كأنه عمره ما ذاق القهوة ، لما شافوه استرخى وانسجم ، قالوا له هات خرفنا ، قال أنا رحت عند خالتي ، أثريتها ساكنة في أرض منقطعة ، وما صدقت وأنا أصل لها ، واولادها ما صدقوا وشافوني ، ذبحولي كبشين ، وعزموا المشايخ ، وكل يوم صاروا يعزموني ، الصبح والظهر والمغرب ، دورية ، الصبح مناسف والظهر مناسف والعشا مناسف ، ت طلعت روحي من المناسف ، وبعدين قلت لخالتي بدي اروح ، قالت لي بدري ، قلت لها هذا بيكفي ، البلاد طلبت أهلها ، قالت لي مع السلامة ، لكن لا تيجي من طريق إم قرون ، قلت لها شو فيها هذي الطريق ؟ قالت فيها جنية بتخطف الشباب ، قلت لها ما عليك ، قالت أنا بعرفك زكرت وما بتخاف ، لكن خذ هذا الحجاب وحطه في جيبتك عشان ما تقرب عليك ، فأخذته لكني في الطريق رميته ، ولما وصلت هالواد ورحت أمشي فيه وإلا هالحجار صارت تتهيل علي من فوق ، وما شفت إلا هالبسة واقفة قدامي ، شو شقرا وحلوة ، وبعدين ما شفتها إلا صارت تكبر، حتى صارت نمر ، وبعدين صار وجهها يتغير وصار وجه بنت حلوة ، وكمان تغير جسمها وصارت لك بنت اربعتعش إللي ما بتقدر توصفها ، وقربت علي وهي تقول أنا زمان بستنى فيك ، ليش طولت علي ؟ صرت أبسمل واحوقل ، لكن والله منظرها أخذ عقلي ، قلت لها لما قسم المولى ، قالت معلش ، لسا قدامنا عمر نعيشه ، وبعدين رمت علي هالمنديل ، وما شفت حالي إلا في هالقصر ، كله قزاز في قزاز ، كله نور بلمع ،ما تدري هي كهربا وإلا شمس ، وأنا مش مكَنْوِِر ، وما خلتني أدخل ، قالت وقف وإجت جنيات صغار حاملات لوح كزاز وقفت عليه ، وصرن يمشين في ، وكأنهن بعرفن وين بدي أروح ، لما أفكر أروح ع اليمين برحن ع اليمين ، ولما بدي أطلع أو أوقف اتفرج على شي ، لحالهم بيوقفن ، ولما كنت مستعجل حتى أروح ع غرفة النوم ، ما شفت حالي إلا في هالغرفة ، شو ريحة العطر ،المهم هذا كله نساني إياها ، ولما تذكرتها ما شفتها وإلا هي نازلة من السقف ، ولما وقفت في جنبي ، شعرت في الكهربا بتزغزغني قبل ما أقرب عليها أو تقرب علي ، واثريتهم بيعرفوا شوا باتمنى وشو إللي بدور في نفسي ومش محتاج أطلب ، والجنيات بتلبي ، ولما شفت الجنيات قلت لحالي شو هذول بساووا عندنا ، قالت بدون ما أحكي هذول مش مثل الخدامين البشر ، هذول بيساعدونا ، قال واحد إنت بدك مساعدة ، قال أبدا ، أنا مش محتاج ، أنا كل ليلة كنت أخلف أكثر من ولد ، والليلة من حلاوتها تقول عمر كامل ، كانت تقوم قبل طلوع الشمس ترجعني في الواد ، والمغرب بتيجي مرة ثانية توخذني .
قال واحد وشو رجعك من بيت خالتك ، نسي يحتج ع كلمة بيت خالتك وقال ، جوزها طلق مرته الإنسية ، ورجع إلها ، فما قدرت يكون عندها جوزين ، قالوا له طيب يا ابن الحلال كان كسبت فينا أجر ، وشوفت إلنا عشرة خمستعشر جنية مطلقة أو مرملة .