مقهــــى المغتربين
بقلم : سعادة أبو عراق
عوض البيك - 15
السناجلة ما بيسألوا عن الفولة وفوالها ولا عن البيظة ومين باظها ، لأنهم ما عندهم عقلية الشك والمؤامرة ، وتسجيل المعلومات كمستمسكات لحين الحاجة ، بهذي البراءة استقبلوا عوض في البلد ، وما قال غير عن اسمه ، ولما سألوا عنه هو منين ، قال إنه من يافا ، والسناجلة بيعرفوا اليافاوية والنوابلسه والخلايلة والحيفاوية من لهجتهم ، ومافي داعي يقول هو منين ، لكن عوض هذا لهجته مش يافاوية ، ورغم هذا، الناس ما دققت في الموضوع ، ما دام محترم بتفاعل مع الناس ، الناس ما استغربت جينته ع البلد لأنه اللاجيين طفشوا من بلادهم بدون ما يفكروا وين بدهم يروحوا ، فأول بلد بيستريحوا فيها بظلوا قاعدين على بين ما الجيوش العربية يرجعوا لهم إياها .
عوض مثل كل اللي إجوا وراحوا أو ظلوا ، قدموا لهم الناس الأكل والنوم ، حتى يسلكوا أمورهم ، وعوض مثلهم ، ناس تجيب له رغيف وبيضة ، وناس تجيب صحن عدس ، وناس تعزمه على طبخة مجدرة ، يعني بيعطوه من إللي عندهم ، لا بتباهوا بالكرم ولا بستحوا من زبدية لبن إذا أعطوه إياها ، ولا هو بيشعر إنه عالة على الناس ، يعني انسجم مع الناس والناس انسجمت معاه ،وخاصة أنه زلمة بعرف يحكي ، ويجيب قصص وبحكي عن أبو زيد الهلالي والزناتي خليفة
المختار لما شافه زلمة اجتماعي ، وحب يساعده قام حطه في القهوة وأعطاه معاش يومي عشر قروش ، طبعا صار يشرف ع القهوة ويفتحها ويسكرها ويروح ينام في الجامع ، شاف إنه صار مقبول بين الناس فصار بده يعمل تاريخ لنفسه رغم إن الناس قابلينه مثل ما هو لكن هو شافها مناسبة ، عشان ما تصير هويته في البلد قهوجي وبس ، لأنه ما كان قهوجي ، ولا راح يكون ، فمرة قال :
يا جماعه اسمحوا لي بهالكلمتين ، قالوا ايوة تفظل وخذ ثلاث ، قال أنا ممنون ومتشكر إلكم لأني مش شاعر إني غريب ، قالوا دشرنا من هالحكي ، وبعدين ، قال أنا كان ينادوني بالبيك ، وفي كل يافا ما إلهم إلا إجا عوض البيك راح عوض البيك ، شو عمل عوض البيك شو قال عوض البيك ، قالوا طيب م احنا بنقول ، شو بده يحكي لنا عوض البيك ، وعلى مين عشا عوض البيك ، زعل من ها الكلمة ، ومبين إنه هذي الكلمة جرحته ، قال أنا إن رجعت البلاد راح أعزم أهل سنجل كلها ، ما بنقص من مالي إشي ، قالوا هذا معروف ومكتوب بالجرايد ، وإحنا قريناه ، قال إللي ما قريتوه هو إنه أبوي اسمه عوض وجدي اسمه عوض هذا جدي ، كان امباشي كبير بالجيش التركي ، والسلطان كان حاطه على جنبه، واحد قال اسم السلطان كان عبد الفتاح ، قال بيجوز، المهم لما راح السلطان تيحارب الروس ،كان ما صار له اسبوع متجوز بنت أمورة ، فحب يوخذها معاه ، ع الحرب ، عشان تشوفه وهو بنتصر ع الروس ، عشان يرتفع في نظرها ، وتحبه أكثر ، لكن لما وصل بلاد المسكوب ، وهجموا الجيشين على بعض ، قام واحد من المسكوب خطفها ، ولما عرف السلطان بالخبر صار يلطم ، قال مين يرجع لي حبيبتي ، ولا واحد انتخى له ، ولا واحد دق على صدره ، السلطان تطلع على جدي ، كأنه بده ينخاه ، قام جدي تقدم وأدى له التحية والاحترام والطاعة ، وقال له وهو رافع إيده على جبينه ، لا يكون لك هم يا مولانا ، إن شاء الله بعد ساعة بتكون عندك ، راسا استأذنه ورجع لورا عشان ما يدير له ظهره ، ولما وصل الباب أخذ بارودته وركب حصان السلطان ، و دخل المعركة ، وظل يدور على الأميرة ، حتى لاقاها ورا واحد على ظهر فرس ، لحقهم وهو على حصانه ، وقال له وقف يا نذل ، لوأنك رجل وقف وبارزني زلمة لزلمة ، وقف هذاك حصانه ودار عليه وقال له مين إنت حتى تهددني ، وكأنك عوض ، وحط إيده ع الطبنجة وبده يطخ ، ولما قاله أنا عوض إللي بتسمع عنه عندها ارتجف ووقع الطبنجه من إيده ، ورفع إيديه الثنتين، وقال وهو بتلعثم ، خذها خذها ، إحنا ما إلنا قدرة عليك ، الله وكيلك ما واحد لمسها ، قام جدي نزل عن فرسه ، ونزل الأميرة وركبها وراه وظل راجع مثل النمر ، السلطان ما صدق إللي بتشوفه عينيه ، وقال وهو بيستلم زوجته ، عفارم عواز بيك ، قام قال له أنا مش بيك يا مولانا ، قام السلطان قال له : إنت من اليوم وطالع بيك وابنك بيك وإبن إبنك بيك ، قام أداله التحية وتشكره ، ولما روحوا على اسطنبول صرف له رتبة ومعاش بيك إله وللاولا ده واولاد اولاد ، وأنا لحد الآن تركيا بتودي لي معاش بيك ،صاحت الشباب مع بعض ، قول من زمان ، أثريتك مخبا بقشورك ، قال لهم لسا ما عرفتوا شي ، قالوا طيب احكي شو ورانا ،السهرة في أولها ، قال أبوي الله يرحمه ، كان يجيه راتبه من كمال أتاتورك ، يجيبه خيال خصوصي من اسطنبول ، وأنا كمان كان يجيني معاشي ، يجيبهم واحد خصوصي للدار ، لكن بعد ما لجأنا ما استهدى على مكاني ، قمت اتصلت بعصمت إننو وأعطيتوا عنواني في سنجل ، وقال لي تؤمر، بنعرفها ، ياما أكلنا فيها عنب ، وراح نوديلك معاشك وانت في سنجل ، قالوا يعني هذا شو اسمه النونو بيعرف بلدنا ، قال ، لا أنا عرفته بالبلد ، قالوا تشكر إللي عرفت العالم فينا ، واحنا بنتباهى فيك .
بالصدفة كان واحد من المغاريب ، يعني من القرى الغربية، جلجليا وعبوين وعارورة مروح ، ومبين إنه متمسي كثير ، وبخاف يروح في هالليل ، فقال بنام في سنجل ، ولما كان يسمع سولافة البيك ، قال الليلة بنام على ريش نعام ، فقبل ما عوض يسكر القهوة ، الكل كان يعزمه ينام عنده ، لكن ما كان يرضى ، وصمم ينام عند البيك ، فبعد ما سكر القهوة ، نزل هو وإياه على الجامع ، ولما شاف بضو القمر باب الجامع كبير ، قال له ما شاء الله على قصرك ، قال له معك كبريته نولع هـ السراج حتى ندور على البطانيات .