الست بدور
صورة تراثية لحكاية شعبية من ذاكرة الجدة محكية
بقلم الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
بقن ثلاث خوات يطرزن ويحلمن بصوت عالي ، تتسمع كل أخت حلم اختها ، ولمّا واحدتهن تقول : با رب ، يقولن من وراها آآآمييييين
وفي ليله من ذات الليالي منع الملك الضَوّ ، وكل دار طفت أنوارها ، إلا نور البنات ما انطفي ، خفضن النور وظلن حوالين الضو يحكين
ويطرزن أمانيهن عَ اللسان ، مثل ما بطرزن قطب الحرير عَ الثياب بالخيطان ، ويا مندرى يا رب ، تتحقق أمنيات النفس والعين..!
وبقى الملك يتفقد أحوال الرعيه في عتمة الليل، واستغرب مخالفة الأمر السامي ، وضو مضوي ، لعاد المسأله فيها إنَّ وإنيّن
ولما حط ذانه عَ الباب ، سمع همسات وضحكات ، وصوت صبايا بنات ، قالت الأوَله : يا ريت أتجوز فرّان ، يشبعني من بواقي طحين وعجين
ظلت ملزقه على إيديه ، بعد ما خبز للناس وطارت الرغفان للبطون الخاويه ، أشبع واسد جوعي اللي نخر وبنخر في عَ مَرّ لِيام والسنين
وقالت الثانيه : يا ريت إوخذ لحام ايفك العقده النباتيه اللي شروشها مادّه فيّ ، ويشبعني لحم وزفر واغذي بدني الناشف ويفرح زماني الحزين
أما الثالثه ، قالت : وياريت أتجوز مولانا الملك ، واجيب له ولد وبنت ، وراس الولد يبقى نصه ذهب ونصه فضه ، واحرق قلوب الكايدين
وبنت إذا ضحكت شمّسَت الدنيا ، وهَرّ الورد من ثمها ، واذا عيطت غيمت وشتت الدنيا مع دمعتها ، جمالها ما خطر عَ قلب ولا شافت عين
عَلّم الملك الدار بشخطة طبشور ، وراح راجع متفكر متأمل ، مندهش بها لأماني ، إشي جوّاه يغريه ايجرِّب ، قديش أماني بتصيب للمتمنيين
وبعث شرطه من حرسه جلبوا البنات الثلاثه ، وقال للأولى : إتجوزي خباز القصر ، وللثانيه لحّام القصر ، وللثالثه : وانتِ الي يا ست الحلويين
ومن هذيك اللحظه راحت مشاعر الإخوّه ودب الحسد في قلوب الخوات ، وصارت الخيّه حيّه ، ودب الحسد محل الحب والحنين
يا للي بده يحلم يحلم أحلام كبيره مشان الحلم إذا صار إيمَلِّي النفس بهجه ، وان ما صار هذا هو حلم طيّار ، ولا قلب فرح ولا حزنت عين
ومشت الحياه ، وحبلت مرة الملك ، وجابت الخوات العدوات دايه بنت حرام ، ضميرها صرمايه منقوعه بسطل اسكافي ، مجرده من الرحمه والدين
واتآمرن حبيبات الأمس عدوات اليوم عَ الأخت المرزوقه ، وكل مرزوق محسود ، ولمّا ولدت الطفل الأمنيه راسه ذهب وفضه وصار الحلم يقين
دسّن الله لا يوفقهن جرو كلب تحت الملكه وحطن الطفل الأمير بصندوق خشب ورمينه في النهر يسحبه التيار للمجهول ، أبصر لوين
وقدّمن الجرو للملك ، مبروك يا مولانا الجرو ، وانجّن جنون مولانا ، بس استرجع وصبر وبلع المصيبه ، وراح الطفل المحروس بحرز رب العالمين
لصومعة عالم منقطع للعباده والطاعه ، يرزقه ربنا بقطف عنب على ها لداليه يتقوّت عليه ، وعايش بحمد الله عليه راضي مرضي من كل ما يشيين
وتلقّف ها لصندوق ولقي الطفل اللي إحساسه بنتظر فيه ، واصبعه في ثمه برضع حليب ، من خير المولى عز وجل اللي ما بنسى من فضله العالمين
ومن يومها شاع الدفا والحب في قلب الشيخ العابد وأزهرت أيامه بالخير ، وأأنس وحدته بوجود ها لطفل ، والأطفال أحباب الله محبتهم قدر في قلوب الآدميين
ورزقته اتحققت ، مثل رزقة الشيخ العابد مجرد ما صار يوكل ، كبرت الداليه أكبر ، وصارت تحمل رزقة الثم الجديد ، وتحمل بدال القطف قطفين
وحملت الملكه مرّه ثانيه ، وتكررت المؤامرة عَ الملكه المحسوده ، وبقت بسه محَضّرَه وصندوق خشب يحمل الأميره لقدره اللي أبصر وين
اللي من لمّا صرخت صرخة الحياه غامت الدنيا ونزل المطر وتلقت الأرض ها لشتا المفاجيء بلهفة مشتاق ، تحيا بعد مماتها وتنبت ورودها والرياحين
وفي الوقت اللي بقى العابد يتلقى الهديه الثانيه شاكر حامد نعمة مولاه ، بقى الملك في أقصى حالات الغضب ، يتلقى الأميره البسه هايج مايج مثل المجانيين
وأمر الملكه ترعى اولادها الجرو اللي صار كلب والبنت البسه في بيت الهجران ، مجرده من ألقابها ، يا ترى المرّه الجاي شو بده يحمل بطنها من التفانين
وعاشت في بيت الهجران زمانها الأغبر مع الكلب والبسه وحزنها ايملي الدنيا ، بعد ما سقطت أمانيها وأحلامها لِمجنحه في عالي السما لتحت الرجلين
الولد والبنت في رعاية الله استأمنهم عبده المؤمن وحظاه بها لأجر ، وزاد جنا الداليه قطف ثالث ، رزق مقسوم من كرم أكرم الأكرمين
الكلب والبس بين الملك والملكه يتعاملوا معاملة الأمراء ، ايأديلهم العكسر تحيه والملك حيران في اللي جرى وصار ، كل وقت وحين
يا ترى حلم ولاّ خيال ؟ ولاَّ كابوس بليل طويل ما بنجلي ، جاثم على صدره , ولاّ عقاب من الله على ذنب عظيم جناه ، رد على دعاء مظلومين..؟؟!
يا رب لا نسألك رد القضاء ، ولكننا نسألك اللطف فيه ، نفس ها لكرب وفرِّج ها لهم ، واجلي ها لحقيقه واظهر شمسها بنورك المبين
والعابد بقى يرعى ها لطفلين لمّا كبروا وشبّوا ، غرس فيهم روح العباده واستحضار عظمة الخالق الجبار اللي كل شيء عنده مقدّر بالحين
وأفهمهم الحقيقه والمؤامره وإنه أجله قد حان ، وعلمهم كيف يحفروا قبره ويواروه الثرى بعد الصلاه عليه ، ويروحوا بعدها للعاصمة في التو والحين
تيظهر الحق ويإفل الباطل ، وينال الظالم الجزا اللي بستحقه ، حد من حدود الله عقاب و حساب تيستقيم الأمر عَ الأرض ويعيشوا الناس آمنين
وأعطى الولد لجام ها لفرس وقال له : إذا احتجت مساعده هِزّ اللجام ، بتجيك فرس جنيّه مسخّره من الله إلك ولأختك تبقى الكم خادم أمين
ومات العابد ، ودفنه هو واخته بعد ما غسّله وكفنه وصلى عليه ، وحزنوا عليه حزن عظيم ، وامتثل الأمير لرغبة العابد وحمل أخته وظلوا عَ العاصمه رايحيين
واحده كاهنه من ها لنسوان القارحات القاهرات تعرّفت عليهم ، وشاع الخبر ، توصل الدايه والخالات الملعونات ، اللي صارن يحلمن بالذبح والسكين
وصارن يدَورِّن على طريقه تهلك ها لولد والبنت بلا حِس ولا حلمسه ، وبعد طلوع أخوها فاتن عليها ، وقالن : ما أحلى ها لدار لو فيها قرن فيل ونابين
دغري البنت صَرَّت عنيها وعيّطت ، الجو غيَّم والسما أمطرت ، بسرعة البرق رجع الأخو عَ الدار ، وسأل أخته : كفى الله الشر ، ويبعده عن المحبين
خبرته شو قالن النسوان ، قال : غالي والطلب رخيص ، هز اللجام ، إجت الفرس ،خبرّها ، قالت غُب الطلب وتحت الأمر ، بس قصدهن يقتلنك يا حزين
ما رد ، ركب الفرس وراح على هذيك لِبلاد اللي حايفها الخطر ، ام الفيله بقرون ، وجاب الطلب ، فادي نفسه لرضاها ، ولا اتذل ولا قناتها تلين
ولما زارنها يطمنن على هلاك الأمير ، ولقين القرن والنابين مزينات الدار، طلبن مطارق الرمان الرقّاصه ، راح جابها مع إنه عاين الخطر في عينيه التنتين
ولمّا شافن إنه كل ما رومينه في البحر طلع صايد سمكه ، طلبن من اخته يجيب إلو الست بدور ، اللي عندها علم الفلك والنجوم وعلم المضي والسلف والأولين
وحديثها أحلى من العسل ، وبتملي حياتها بهجه وفرح ، وبتخليها مليانه بالحياه والنبض والجمال والحلا ، وبتخليها روعه وأفانيين
وبدون طول سيره أزود ولت حكي ، وبمساعدة الفرس ، راح عَ ديار الست بدور وجابها ، اللي أنطق الله سبحانه على لسانها الحق المبين
وعلى مائدة الملك اللي سمع فيها وأحضرها ، خرفت الملك القصه من طقطق لسلام عليكم ، بصدق ونزاهه وانجلى الحق مثل الصبح أبلج مبين
وأحزنت البنت وعيطتها ، قامت السما غامت ، ونزل المطر ، وشقعت مزاريب الميه ، ولمّا ضَحّكتها طلعت الشمس وهَرّ الورد من ثمها في التو والحين
وقالت للملك : وين العقل يا مولانا ؟ كيف إنسانه تولد جرو وبس ؟؟ وكشفت عن راس الولد ، فإذا نصه ذهب روباص ونصه فضه لُجين
وجرّوا الكلب والبسه برّه القاعه بعد ما ظهر الحق ، وغار الباطل ، وعلا التكبير برجوع الأمير والأميره للأب اللي يا ما اتعذب وهَدَّته السنين
واعاد الأعتبار للملكه المظلومه اللي عاشت بالقهر والعذاب والحرمان ، من تحت راس الحسد والحقد ، والحاسد كلب والرازق رب العالمين
واحرق الملك الدايه والخوات الخاينات ، على فعلهن الأسود ، وتجَوّز ابنه الأمير من الست بدور ، تتكسب المملكه من علمها الغزير ورأيها المتين
وعمت الأفراح والليالي المِلاح اللي شاركت ملكها آلامه وأحزانه ، وعاشت فرحته لما رجعوا الأمراء لحضن الأب ، ورجعت الأم لعرشها اللي بقى حزين
وعاشوا بفرح وسرور ، واتعشينا من عشاهم وروّحنا راجعين
تقرأ بلهجة أهل سنجل