منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

  الإصابة اليتيمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

 الإصابة اليتيمة Empty
مُساهمةموضوع: الإصابة اليتيمة    الإصابة اليتيمة Emptyالخميس يونيو 09, 2011 5:40 pm

فتيان الحجارة

سعادة عودة أبو عراق

فتيان الحجارة

قصص قصيرة

منشورات دار آسيا للنشر والتوزيع

رقم الإيداع323/7/1984

الطبعة الأولى
1985

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

الإهــداء
إلى أحبائي ؛ مناف ومحمد ، إنها أحداث
لم تشهدوها ، دعوني أقصهاعليكم

سعادة

القصة السابعة


الإصابة اليتيمة

كيف أنت الآن ياديفد طوف ، لعلك أكثر إغتباطا وحبورا، لقد نقلت اليوم إلى نابلس ، وهذا يثير في نفسك الإرتياح والسرور ، ويجعلك أكثر شعورا بالأمن والاطمئنان ، فمنذ اليوم ، أنت الحاكم العسكري لهذه المدينة ، تجلس في مكتب مكيف بعيدا عن المعارك ، بين القضايا الجتماعية ، ومشاكل البسطاء من الناس .
ربما تكون هذه المهمة نهاية خدمتك العسكرية ، فقد شارفت على التقاعد ، فإنك منذ أن تخرجت من صرفند ، أمضيت نيفا وثاثين سنة من الحرب ، ويكاد عمرك العسكري أن يكون من عمر الدولة .
هل كنت تحب الجندية ؟ سؤال طالما ناقشته مع ذاتك ، ولم تناقشه إلا لأنك لست مستريحا لقرارك ، فإنك لم تختر هذا الاتجاه بل أبوك الذي جاء ممن ألمانيا ، اختار لك هذه المهنة ، وسلك بك هذا السبيل ، إنك لم تحب الحرب يوما ولا العنف ولا الحياة الصارمة الشاقة ، بل تأنس إلى الفن والذوق والجمال ، كم تمنيت أن تكون مهندسا معماريا ، مخرجا سينمائيا ، تقود اوركسترا أو تدير مصنعا ، ولطالما حاولت أن تكتب الشعر وترسم اللوحات ، وصفها لك الأصدقاء بالجودة ، كما وصفوك بالرقة والشاعرية ،وفسروا بها عزوفك عن العلم العسكري ، وعدم اكتراثك بالترفيعات والمناصب العسكرية .
لعلك منذ تخرجت عام 48 لم تدخل معركة إلا وكنت أشد حرصا على سلامتك من أي شيء ، حتى أنك لم تصب في أي معركة قط ،كانت أول معاركك مع الجيش الأردني ، كنت تقود جنودا تمرسوا في معارك الحرب العالمية الثانية ، واجهت صعوبات إدارية كبيرة ، كنت تعلم أنك فقير إلى الهيبة العسكرية ، والجرأة القيادية ، كنت تؤثر التراجع السليم على مغامرة الاقتحام ، لم تحظ يأي وسام أو تقدير بعد الحرب ، ولم توصف بالشجاعة والإقدام ، لم تأسف على هذا ، لأنك تعلم أن خروجك من المعارك بلا إصابة ، جائزة ووسام في حد ذاته.
أنت تعلم يا ديفد طوف أسباب نقلك إلى نابلس ، ولم يختاروك إلى جنوب لبنان، إن هذا لا يشعرك بالصغار ، فحياتك العسكرية شارفت على الانتهاء ، إنهم يلحظون فيك الجبن والعجز في حرب العصابات ومواجهة الفلسطينيين وضبط تحركاتهم ، وربما يكون تكوينك مناسبا لمواجهة المدنيين وقمع مظاهراتهم .
ها هي سيارتك العسكرية تتجه مكشوفة نحو المدينة ، يعبث الهواء بشعيرات رأسك الحاسر ، وهذا السكون الجميل يوحي باطمئنان يبدد الخوف ، فهكذا تقتضي مظاهر الشجاعة ، ومراسيم الاستعراض ، عليك أن توحي بالهيبة الاسرائيلية ، والسطوة العسكرية ، لعلها أجمل نزهة تقوم بها ، فهذا فصل الربيع ، تشتعل فيه الآرض بالألوان ، لا بد أن تختتم بهذه المهمة حياة عسكرية حافلة بالحروب ، ولا بد أن تتقاعد ، وتحدث تحولا في مسار حياتك ، تعيش السنوات القادمة من عمرك كما تشاء ، تفتش عن عمل هادئ بسيط ممتع ، لقد أزمعت فتح محل لبيع الأشرطة الغنائية والفيديو والآسطوانات ، إنه مجال مريح ، يوازي ما عشته من خوف وقلق ، صحيح أنك كنت في عداد الجرحى عام 56 ، إلا أن إصابتك كانت نتيجة تدهور لا إصابة مواجهة ، وصحيح أنك كنت عشية حرب حزيران في أمريكا ، إلا أنك رأيت الموت بأم عينيك عام 73 حيث كنت في سيناء ، قائدا لمستودعات الذخيرة ، هاجمت الطائرات المصرية مستودعاتك ، كنت خارج المكتب ، وهذا أنجاك من موت محقق، لكنك صعقت من الصوت ، وسقطت مغشيا عليك ، ودفنتك غيوم الغبار ، حتى أشرفت على الموت اختناقا، وحينما أفقت في المستشفى كنت تعاني من هستيريا الحرب .
هاهو مخيم بلاطة على يمينك ، لماذا تكون المخيمات على مداخل المدن ؟ الجلزون ، الأمعري ، الدهيشة ، عين السلطان ، العروب ، أتراها الصدفة أم التخطيط المسبق ، وهذا الوادي الممتد أمامك كالنفق ، أخضر كأنه قطعة من حلم أسطوري ، يظلله عيبال وجرزيم ، إنه لفأل حسن أن تكون آخر مهماتك العسكرية هنا ، مدينة عظيمة تجثم على انقاض شكيم ، كما تجتم القدس على انقاض اورشليم /لماذا لم تزل المدن العبرية مدفونة تحت القرى العربية ، لماذا لم تنبت بعد ، أين الخلل؟ أفي البذرة أم بالإستنبات ، لماذا أنتم عاجزون أمام ضعفهم ؟
عربتك العسكرية الجديدة تمخر الشارع الرئيس ، تجتازه ببطء استعراضي ، تطلق الزواميرالمنبهة إيذانا ، و الناس يسيرون ولا يلتفتون ، يتجاهلون الصوت أو يستكبرون ، لا يستجيبون أو لايثير انتباههم ، لا بد أنهم مسالمون ، فلايليق بك أن تستفزهم وتدفعهم للتطرف والثورة .
ها هي قيادتك على مبعدة بسيطة ، ستصلها بعد قليل ، إنها لحظة حاسمة ، تستحق التسجيل والتقاط الصور التذكارية ، عدستك تجوب الشارع العريض ، يجذبك أطفال يتجمهرون ، تراهم عبر الإطار المربع ، تفكر في تصويرهم ، حركتهم تثير فضولك ، تضبط البعد ، وفجأة ، تتحطم العدسة وتسقط من يدك ، يشج رأسك ، يكبح السائق السيارة ، تسقط حولك وقريب منك الحجارة ، يسرع إليك الجنود من السيارة الخلفية ، يمسحون دمك النازف ، ويضغطون على جرحك الغائر ، يطلقون الأعيرة النارية ، وأنت تعاتب القدر :
- ألا بد من إصابة...!؟

10/8/1983



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
الإصابة اليتيمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: