منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

  المئذنة......

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

 المئذنة...... Empty
مُساهمةموضوع: المئذنة......    المئذنة...... Emptyالخميس يونيو 09, 2011 5:59 pm

فتيان الحجارة

سعادة عودة أبو عراق

فتيان الحجارة

قصص قصيرة

منشورات دار آسيا للنشر والتوزيع

رقم الإيداع323/7/1984

الطبعة الأولى
1985

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

الإهــداء
إلى أحبائي ؛ مناف ومحمد ، إنها أحداث
لم تشهدوها ، دعوني أقصهاعليكم

سعادة

القصة السادسة عشر




المئذنة

منذ الصباح ونحن نجلس حسب ماارتآه قائد الدورية ، بعضنا يجلس القرفصاء وبعضنا يمد رجليه ، نتقلّبُ بين جلسة القرفصاء والتربيعة والركبة والقعود ، ألف من الرجال وألف من النساء يجلسون في العراء ، ومثل عددهما طفال يدسون رؤوسهم في أحضان آبائهم وأمهاتهم .
منذ الصباح ونحن نجلس هكذا محتجزين إلى اشعار آخر ، لقد سدوا علينا منافذ القرية جميعها ، لم يبرحها أحد إلى مزرعته أو وظيفته أو مدرسته ، حتى المرضى لم يسمح لهم بالمغادرة للعلاج ، نجلس في الساحة الممتدة بين الجامع الجديد ومدرسة الذكور ، نفترش الأرض وتلفحنا الشمس بأشعة صيفية،تزداد التهابا كلما تعالت في السماء ، ساحة لا ظل فيها لحائط أو شجرة ، ها هم قد سمحوا لنا بعد ثلاث ساعات أن ننزل أيدينا عن رؤوسنا ، وأن نجلس كما نشاء ، إنهم أكثر رحمة مما كنا نتوقع .
أغرب ما في الأمر أن أكثرنا لا يتذمر من هذا العقاب ، ويرى الأمر عاديا ، ومتوقعا وغير مفاجئ ، بل مستهجن أن لايكونوا غير ذالك ، فإسرائيل تحرص جدا على أمنها ، فالأضرار التي لحقت بالسيارة العسكرية عظيمة جدا ، لقد كسر الأولاد زجاج السيارة ،وجرحوا سائقها ، وها هو جرحه واضح أسفل ذقنه كأنه أثر من حلاقة مستعجلة .
تصبح الشمس عامودية , وتتقلص الظلال ، وينحسر الجنود ،إلى حائط المسجد ، يستظلون بظل المئذنة ، يشربون الأشربة المثلجة على مرآى من الأطفال لعطشى ، لا بد أن جريمة مثل هذه تستحق مثل هذا العقاب ، إن فلسفة العقاب شيء لا نفهمه ولا يفهمه أحد ، إنها تخص شعب الله المختار ، هو يفهمها ، وينفذها بحرص وتقنية عصرية ، أربعةآلاف شخص يؤخذون بجريرة أربعة أطفال ضربوا سيارة عسكرية أربعة أحجار ، شيء فظيع ،ولا بد لنا نحن أهلهم وأقاربهم ومجتمعهم الذين نرضى عن فعلتهم ونشاركهم العداء من أن نشاركهم العقاب ، ولا بد للأيدي الصغيرة التي تحمل الكتل الحجرية من أن تقطع قبل أن تحمل الكتل الحديدية .
فأل سيء أن تدشن هذه المئذنة بهذه المناسبة ، أمس فقط فككنا الخشب عنها، واختلفنا في متانتها ومطابفتها للمقاييس ، فالمتعهد يصر على أنه نفذ المخطط تماما، لكن المجلس البلدي يتهمه بسوء التنفيذ ، وأما المهندس المحكّم ، فإنه لم يستطع الكشف عن كميات الحديد، لأن النبش في الأساسات له خطورته أيضا ، فيصيح عضو المجلس البلدي ؛ ليس الحديد فقط ، بل نسبة الاسمنت المتدنية والدبش الكثير ، فيقول آخر : لماذا لم توقفه ؟ فيرد بعنف : أنا لست مخولا، كان على ضميره أن يراقبه ، فيقول بعض الوسطاء : إنه بناها ضمن الأموال المرصودة ، فلا يعقل أن يدفع من جيبه .
هم يعرفون الأطفال ونحن نعرفهم ، يجلسون بيننا ولا نشي بهم ، وهم لا يلحون في طلبهم ومعرفتهم ، فالعقاب الجماعي هو الهدف عندهم ، ها هم يسرّون اليوم عما لاقوه من احتقار الشعوب لهم ، ولكننا نفهم أيضا أنهم يرمون إلى تفتيت المجتمع وإلى خلق التباغض بين الناس .
الشمس عامودية على الرؤوس ، تزداد الحرارة ويزداد التململ والسخط ، والاحتمال الذي بلغ حده الأقصى ، يحاول أحدنا الوقوف فقد كلّت رجلاه من القرفصاء، فيبادره الجندي بهراوة على رأسه ، فيسقط بلا حراك .
يحدث هرج كثير ، وتزداد الأمور سوءً ،فإذا كانت هذه الهراوة عقاب الوقوف ، فماذا يحدث ضد الاحتجاج والصراخ ؟ يفكر أحدنا بالحجارة ، فلا مهرب منها إلا إليها ، لا بأس أن تحدث بعض الإصابات ليتسنى لبعضنا القصي النجاة ، أن تفلت في غمرة الفوضى أعداد يسيرة ، أن تخبر أحدا ، جهة ما ، فماذا نستفيد إن تباكت علينا بعد أسبوع الإذاعات والصحف وجمعيات الصداقة والرفق بالحيوانات .
ها هم مجموعة من الشباب يتفقون على إحداث شغب أو صوت وضوضاء ،جس نبض ، أو شيء كهذا ،إنه خروج عن سكون الاعتقال ، يقفون ، فتخترقهم زخات الرصاص ، مات واحدٌ فورا وأصيب الثلاثة الآخرون ، ولم يسمح بنقل القتيل أو إنقاذ الجرحى ، إنه هدفهم ، يودون لو يقتل كلها ، لا أحد يوقف القتلة في مرحلة الاحتراف ، دولة من القتلة ، مجتمع من القتلة ،وشعب وصل حائط اليأس .
ليس الموت فجيعة ، بل الفجبعة أن تحرص على الحياة ، أن تهرب ، ها نحن نجتمع حول القتيل ، نسمع الطلقات وهي تئز ، لا تخلق الخوف فينا ، بل نراها كشيء لا يعنينا ، رصاص مقابل حجارة ، عقاب جماعي مقابل زجاج سيارة ، وقوف عقابه القتل ، ماذا يفعل الانسان حينما يجد نفسه أمام الموت ، هل حقا يرتد اليائس شجاعا ، لا غير السخط والشتائم والابتهالات والدعوات من الله والتضرع إليه ، شيء فوق قدرة الإنسان وتحمله ، ها هي الشمس تدنو من سمت السماء ، لم تبرح مكانها منذ زمن ،أتراك واقفة تنظرين الجرائم كما وقفت يوما تنظرين جرائم يوشع بن نون ، أيتها الشمس ؛ لا تحترقين غيظا وأسفا ، فأنت تحترقين فوق رؤوس عارية مكشوفة ، والمجرمون في الظل يستفيئون ، يتجمعون حول المئذنة ، يتراصون في حيز الظل،يرتبون السيارات لتزداد المساحات لمظللة ، فالشمس لم تزل تحترق ، والمعاناة تزداد وطأة، وتبدأ الأفكار بالتراجع ،ويدب الوهن في النفوس ، فماذا تفعل الحجارة في عصر الأقمار الصناعية ،والقنابل الذرية والعنقودية ، لقد كان الأجدى أن تبوس اليد التي لا تقدر عليها .
اهتزاز في الأرض ، وطرطقة في المئذنة ، يسقط حجر ...، حجران ، تتشقق ويسقط الرف ، ويذعر الجنود ، يتحركون كدجاجة محاصرة ، تتفسخ المئذنة ، تسقط شلالا من تراب وحجارة , صوت رهيب وهزة أرضية ، غبار وحطام وضوضاء ، شيء يجل عن الفهم والاستيعاب ، نفر كأننا ننفلت ، نتراكض في اتجاهات متعاكسة متضاربة ، نتصادم وينقشع غيم الغبار وتتضح الأمور ، تظهر السيارات المحطمة والجثث العسكرية التي تنزف دما يتسرب بين التراب والحجارة .
يهلل بعضنا ويكبِّر ، يراه انتقاما إلهيا ، لكن آخرين يرونها صدفة لها مبرراتها ، ونختلف في تفسيرها ، يقول أحدنا إنها من جنود الله التي تقاتل مع المؤمنين ، بينما يقول آخر : إنها الحجارة التي تقاتل حملناها أم لم نستطع حملها .

8/9/1983
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
المئذنة......
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: