منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

 بيروت......

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

بيروت...... Empty
مُساهمةموضوع: بيروت......   بيروت...... Emptyالخميس يونيو 09, 2011 6:04 pm


فتيان الحجارة

سعادة عودة أبو عراق

فتيان الحجارة

قصص قصيرة

منشورات دار آسيا للنشر والتوزيع

رقم الإيداع323/7/1984

الطبعة الأولى
1985

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

الإهــداء
إلى أحبائي ؛ مناف ومحمد ، إنها أحداث
لم تشهدوها ، دعوني أقصهاعليكم

سعادة

القصة الثامنة عشر


بيروت

نترك الحقول ونجلس في المقهى ، شيء لا نجد له تفسيرا ، القمح والشعير والعدس ، يتفتت في الأرض وتلتهمه الطيور ، ونحن نحترق في المقهى ، مثل أم العروس ، كما قال أحدنا : فاضي مليان ، كل شيء فينا مشلول ؛ اليدين والرجلين والتفكير والإرادة ، لو سألت أحدناعن هذا المكوث الطويل ، لما أجابك بيسر وإفهام ، بل يتهرب بكلمات متوترة ، كأنه لا يطيق سؤالك ، بل لا يجد في نفسه الرغبة للكلام .
يقول بعضنا الذين يوصفون ببرودة الأعصاب : إن معركة بيروت لا يمكن أن تدوم إلى أكثر مما دامت عليه ، فالأمور ليست على هذا النحو من التسيب ، فلا بد للعالم من أن يضع حدا لجنون إسرائيل .
هذه الجرائد ملقاة على بعض الطاولات ، واللهفة تزداد إلى أخبار جديدة ، فأخبار الصباح صارت قديمة ، وكل ساعة هي في شأن ، هناك تطور دائم ، وتحرك للخط البياني مستمر ومستقر حينا ومتذبذب حينا آخر ، يتأرجح بين وصول المبعوث الأمريكي ، وبين التندبد السوفيتي الذي تذيعه برافداعن الدورالأمريكي المشبوه في الشرق الأوسط .
يتناقص منذ اليوم الأول للحرب عدد الذين يؤمنون بالتوازن الدولي ، والأحلاف الاستراتيجية ، ويزداد عدد الساخطين على دول العالم وشعوبها ومجتمعاتها الإنسانية ، لعله وهمٌ كبير أن نثق بدول كبيرة أو أقل كبرا ، فالعالم مجنون ، والجنون مرض معدٍ ، فهذا أحدنا يصنع شجارا آخر لأسباب تافهة ، كلنا متحفز للعنف والقتال ، نتخاصم مع ذاتنا إذا لم نجد مسربا لإفراغ توترنا العصبي ، فمنذ الصباح لم يتوقف القصف لحظة ، برا وبحرا وجوا ، قصف لم تشهده برلين ولا غيرها ، لم يبق إلا أن تضرب بالقنابل الذرية ، يزداد القصف بشكل لا يصدقه عقل ولا يحيط به وجدان ،آلاف الأطنان من القتابل العنقودية والفراغية والتقليدية ، تتهاوىالأبنية والمستشفيات والمدارس والجوامع ، القتلى بلا حساب وكذلك المشردون ، لا أرقام ثابتة ، بل كل شيء يقدر تقديرا .
على صفحة واحدة من الجريدة الملقاة أخبار كثيرة، هجوم للدبابات الإسرائيلية وانتصار عظيم للقوات الفلسطينية على محور خلدا ، إسرائيليون يرفضون التوجه إلى لبنان، سعد صايل يسقط الجنرال هيغ ، اسقاط طائرة إسرائيلية برشاش دوشكا ، شارون يصل بيروت الشرقية ويجتمع بزعماء الكتائب ، أبو عمار يلعب مع ضباطه كرة الطاولة ، ويسبح في البحر أيضا ، ويتفقد المواقع العسكرية ، دمار في بيروت وجرحى لا يجدون العلاج ، وأطفال مشردون وهجرة جماعية من الجنوب ، و...
تدق الساعة دقاتها المعروفة ، تعلن اقتراب نشرة الأخبار نتكاثف حول المذياع ، يتحازن المذيع ، ويتكلم بصوت متهدج : زعيم عربي يدعو الفلسطينيين إلى الانتحار، زعيم عربي يعلن عن ترحيب بلاده بالمقاتلين اذا خرجوا من بيروت ، زعيم آخر يعلن عن نجاح مساعيه الدبلوماسية وآخر يبعث برسالة خطية إلى الرئيس الأمريكي ، أما زعيم كبير فيصرح بأن هذه هجمة امبريالية ضد حركة التحرر العربي ومنجزاته الثورية ، وآخر يعلن أن قواته سترد الغزاة الطامعين ، وثانٍ يستقبل مساعد المبعوث الأمريكي وثالث يستقبل وفدا من الكتائب ، ورابع يحضر التصفيات النهائية لمباريات كرة القدم وخامس وسادس وسابع...
لا جديد سوى الاستفزاز وحرق الأعصاب ،وخواء وعجز ولامبالاة وشعور بالغربة والضياع ، ومسافات تتسع بين الحلم والحقيقة ، بين الواقع والخيال .
يغير المذيع لهجنه ، ويعلن أن مئات الألوف من الإسرائيليين يتظاهروت احتجاجا على غزو لبنان ، يطوقون رئاسة الوزراء ، وهاهو المذيع يبشرنا بتفتت الكيان الصهيوني ، ويستجلب لنا نصرا من حيث لا ندري ، يرتفع صوت المذيع حماسة ونبدأ بالتثاؤب ونقول لا حول ولا قوة إلا بالله .
تأتي السيارة العسكرية ، تستقر بمكانها في الساحة ،أمام المفهى كعادتها في مثل هذا الوقت ، نعرف جنود الاحتياط من غيرهم ، نعرف وجوههم المتغضنة الكهلة ، فالشباب يرسلون إلى الجبهة ، ويبقى العجائز والمتقاعدون ، يجوبون الشوارع ويتفقدون المناطق ، كأنهم يبحثون عن بقية من شجاعة أو حمية أو إباء .
يطفأ المحرك ، وينزل الشاويش من السيارة ، يدور حولها دورتين ،يصبح مع السيارة في دائرة من الأولاد ، ينظرون إليه على غير عادة ، صامتون على غير المألوف ، الأحداق المسلطة تستفزه تحرجه وتضايقه ، يتلهى بشيء ما ، كأن هواجسا تقيده ، يخرج عن صمته ، ينهر الأولاد فلا يهربون ، يزداد حيرة ويصعد إلى السيارة ويشعل المذياع ، ومذيع آخر يتكلم عن دعوة جادة لوزراء الخارجية العرب لتداول الأمر ورفع شكوى شديدة اللهجة إلى هيئة الأمم.
لعلنا الآن أكثر إحباطا من أي وقت مضى ، فالصمت من ذهب والسكوت من ذهب والاستسلام من ذهب ، وهذا الشاويش يرى كل شيء هادئ ، يدير محرك السيارة، يتحرك بالسيارة قليلا ، يسير ببطء ، يسقط على السيارة حجر ، حجران ، ثلاثة ، يسرع في الحركة ولا يلتفت ، يمضي كأنه يلوذ بالفرار ، كأنه يستعجل اللحاق بالمتظاهرين في تل أبيب ، بل لعله من الحكمة ما يجعله أكثر احتمالا وتسامحا مع عدة أحجار في محيط الصمت والموات .

15/9/1983






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
بيروت......
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: