منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

  6 نادي الضباط

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

  6 نادي الضباط Empty
مُساهمةموضوع: 6 نادي الضباط     6 نادي الضباط Emptyالخميس يونيو 09, 2011 6:27 pm


(زرقاء بلا ذنوب)
كتاب منشور بقلم : سعاده عوده ابو عراق


6 نادي الضباط
لم يكن هذا الصباح عاديا عند فاروق بازرجي ، فها هي زوجته الجديدة تطيعه في رغباته، تخلع الجلباب والحجاب ، وتقبل أن تلبس فستانا ، وتسرّح شعرها وتلبس برنيطة ، وترافقه إلى نادي الضباط ، يمضون هناك ساعة أو ساعتين ، فأم فؤاد ماتت قبل سنتين ، ولم تلبي له هذه الأمنية خلال ستين سنة من الزواج .
ما زال فاروق بازرجي يجاهد ما أمكنه أن يبقي على تاريخه العسكري ، متمسكا بمظهرية عسكرية عاشها من ستين سنة ، حينما قُبِل تلميذا مرشحا قبل أن ينهي دراسته ، وهاهو منذ أن كان في السابعة عشرة من عمره ، مهووسا بالحياة العسكرية ، التي يراها في ضباط الانتداب البريطاني وجنوده ، المقيمين في معسكر الزرقاء ، كأنما يعيش في حلم لذيذ متصل مذّاك اليوم، تراه في شوارع الزرقاء يمشي مشية عسكرية ، كأنما يستعرض طابورا أمام منصة الشرف ، يضع عصا المارشالية تحت إبطه ، وجنادا على صدره كالوشاح ، يتدلى منه جراب مسدس، حركات لافتة مستهجنة مما دفع أحد الباحثين في الجامعة الهاشمية أن يدرس هذا السلوك، فماذا يريد هذا الضابط المتقاعد من عمل يثير كل هذا الاستهجان والسخرية ؟
فاروق بازرجي متصالح مع نفسه ، لا يرى فيما يفعله شذوذا ، فعلى كل إنسان أن يخلص لما يحبه ، لقد أحب الانجليز بل أحب بزاتهم العسكرية ، يراهم صغيرا وهم يسيرون مع زوجاتهم متنزهين ، هم بقيافتهم العسكرية وهن بملابسهن الهفهافة والقبعات المتموجة ، مزينة بريش النعام، يدور حولهم كلب مستأنس مربوط بسلسال ، لا يعيرون اهتماما لأحد ، أبهة ارستقراطية تعكس الأبهة الإمبراطورية , عند باب النادي ينزلون بوقار محسوب ، كما في اللقطات السينمائية ، يجتازون حراس البوابة بلا سؤال ، بل تُؤدى لهم التحية ، ثم يمضون إلى الحديقة المعشوشبة الواسعة ،يصعدون الدرج إلى المبنى ، إلى مكان خاص بهم ، محرم على غيرهم .
يبلغ الثمانين ، وما زال على عاداته التي اكتسبها قبل ستين سنة ، يحلق في السابعة ذقنه ، ويشذب شاربيه ، يستحم ويلبس روبا حريريا فوق بيجاما ، يمضي إلى حديقة البيت الصغيرة ، يجلس إلى الطاولة المخصصة ، ويدخن الغليون كمن هو يتبجح ، ويقدِم له فنجان القهوة خادمٌ استخدمه لهذا الغرض في الساعة الثامنة صباحا فقط.
أيام عذبة تلك التي كان تشتعل بها الأمنيات ، فتضيء الدنيا ويورق الزمن ، حَلِمَ طويلا بأن يكون ضابطا ، يسير بأبهة ، يخافه الناس أو يهابونه ، فيرتقي أو يرقّونه إلى مرتبة يورثها لأولاده وأحفاده ، كما هم البارونات في بريطانيا ، ويعظمونه بلقب بيك أو باشا ، لكن جيرانه يسخرون من رطانته بالانجليزية رغم ضعفه بها ، ويتندرون بحكاية مفادها ؛ أنه ذهب إلى منجِّد عند جامع الشوام / عمر , وقال له : سكس فرشة و فور لحاف ، هاو متش بدك عليهم ؟
ويقول جيرانه إنه اشترى كلبا لكن زوجته أم فؤاد رفضت هذا التقليد السقيم ، ورفضت أيضا الخروج معه كما تخرج نساء الانجليز ، والحفلات التي تقام في النادي ، واللباس الذي أرادها أن تلبسه ، والأرستقراطية التي يسعى للصعود إليها .
توفيت زوجته أم فؤاد قبل سنتين ، ماتت وتركته وحيدا ، بلا ولد ولا حفيد ولا قريب ولا صديق ،فالناس في غنى عن شخص ، يرى نفسه من اللوردات ، فقد سمى ابنه فؤاداً كما سمى الملك فاروق ابنه فؤادا ، وشحنه بشعور العظمة الملكية، والإعجاب المفرط بالإنجليز ، والتحقير الشديد للعرب ،وأرسله إلى بلادهم دارسا ، فدرس ولم يعد إطلاقا ، تزوج وعمل واستوطن ، وكان يصف الزرقاء بأنها بلد البدو والعمال واللاجئين ، ولم يجد في نفسه رغبة أن يأتي ليشارك في تشييع أمه ، فالزرقاء لا تصلح مهبطا لقدميه . وكان يرفض صراحة أن يستضيف والده لمدة شهر، وغير معنيٍّ أن يقضي لوالده شهوة طالما تمناها .
وها هو أخيرا يتزوج من فريال ، امرأة في الثلاثين ، قَبِلت به بعد ممانعة شديدة ، على أن يكتب باسمها بيته ، الذي هو في حي الضباط ، وكان زواجا يثير التندر والحكايات ، قيل لها (روحه في يدك ، إن أردت التخلص منه ، اسقيه حبة فيا غرا ) لكنها كانت تعاني من رجل لا يعرف عن الزمن شيئا ، يتمسك بلحظة عبرت منذ أربعين سنة أو أكثر ، يتقمص العمر الذي خلعه هناك ، وما زال يرى في الذهاب إلى نادي الضباط برفقة زوجته _كما كان الانجليز يفعلون_ أمرا يعيد له عهد الشباب .
منذ الصباح وهو يعد نفسه لهذا المساء الرومانسي في نادي الضباط ، يلبس بدله فاخرة نضرة على جسم هرم غير نضر ، يطلي شعره الأشيب بالزيت ، ويرش العطر ويتفقد عصاه اللامعة ، وغليونه الذي ما عاد يستخدمه كثيرا _ لكنه من لوازم الشخصية_ أما هي فكانت كما أراد ، بلوزة وفستان شنيل ، وشعر منفوش مصبوغ ، وعنق يستريح عليه عقد من اللؤلؤ، وفوق الرأس برنيطة بنية تزينها ريشة طير هفهافة ، وفي اليد حقيبة يد مصنوعة من جلد الثعلب .
تنازل عن الكلب الذي لم يستطع أن يحصل عليه ، لكنه حينما أوقف سيارة الأجرة ، طلب من السائق أن يمسحها ، استغرب السائق الطلب ، لم يستسغ الأمر فمضى ، وجاء ثان وثالث ورابع ، إلى أن جاء سائق فهم الأمر على نحو آخر ، نزل ومسح السيارة ، ركب وزوجته الكرسي الخلفي ، ونزل عند بوابة النادي ، بعد أن أعطى السائق إكراميته ، بذل جهداً كي يقف منتصب القامة ، يسوي ياقته ويعقد أزرار جاكيته، وفريال كأنها تتعلق بذراعه اليمنى، تنظر إلى فستانها وملابسها التي لم تعد سائدة ، يمضيان إلى الحديقة المعشوشبة ، يشعر بتعب فيميلان إلى طاولة ، يجلسان ، يأتي النادل بالقهوة السادة ، كضيافة مجانية ، يحدثها عن ذكرياته المطبوعة على كل ركن ، فقد سمع عبد الوهاب وهو يغني في هذه الساحة ، وسمع أيضا عبد الحليم حافظ يغني في حفلة زفاف ابن حيدر شكري ، سألته بحماس عن عبد الحليم حافظ ، بعد أن شاهدت مسلسلا عنه على شاشة التلفاز ، فبدا أنه يجيب عن فهد بلان ، لم تشأ أن تكسر صورته داخلها ، فقالت تغير الموضوع :
- ليس هذا مهما ، ماذا عن أول مجيء لك هنا ؟
- لقد كان حفل ترفيعي إلى ملازم ، بعدها حصلت على بطاقة عضوية ، وصار من حقي أن احضر متى أشاء . وكذلك حفل تقليد الأوسمة، وفي الأعلى _وحول البركة أقامت لي مديرية الأركان بعد التقاعد حفل وداع.
نهض ، كأنما وجد في نفسه رغبة في لكلام ، بدا كأنه مرشد سياحي ، راح يشير بعصاه :
- هناك سلمت على جلالة الملك ، بمناسبة عيد الأضحى المبارك عام ....
لم يستطع أن يتذكر العام ، كأنه قد غُم عليه ،وقال بعد شرود :
- حفل زفاف فريدة ابنتي كان حول البركة، وهناك داخل المبنى دعانا رئيس الوزراء لمأدبة عشاء .
بدا لهاثه عاليا ، وتقطع أنفاسه واضحا ، وهو يرتقي الدرج المديد إلى مبنى النادي ، مسترسلا في ذكريات تشع له سحرا ، تجعل المسافة بين الحاضر والماضي بسيطة ، وزوجته تعينه على الصعود بشكل خفي ، تريحه دقائق على كل درجة ، كي يكمل ما استحضر من ذكريات ، يحكي عن جلسة يتمناها على الشرفة ، يشرب كوبا من الشاي كما شربه أول مرة ، قبل خمسين سنة .
على الدرجة الأخيرة، اهتزت عصاه وثقل وزنه، ولم تستطع فريال أن تعينه أكثر ، سقط .... , وتدحرج درجات كثيرة .
وحينما استقر، كان بلا صوت أو حراك.


الزرقاء 24/ 3 / 2007




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
6 نادي الضباط
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: