منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

  13 الغويرية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

 13  الغويرية Empty
مُساهمةموضوع: 13 الغويرية    13  الغويرية Emptyالخميس يونيو 09, 2011 6:44 pm


(زرقاء بلا ذنوب)
كتاب منشور بقلم : سعاده عوده ابو عراق

13
الغويرية
لم يُرَ مخلد بني حسن محتدا غاضبا كما هو اليوم ، فقواه الهرمة وهزال جسمه لا يعينانه للبحث عن حماره الذي لم يجده اليوم في الحوش كما هو دأبه طوال عشر سنين أو أكثر .
مخلد بني حسن ، وهذا الاسم الذي يعرف به في الغويرية ، منذ أن هبطها قبل خمسين سنة، ويسميه آخرون بالحَمّار ، لأنه منذ عُرِف وأعماله مرتبطة بالحمير ، ومنذ عرف أيضا وهو يسكن بيته الذي مازال من التراب ، وما زال منتصبا رغم تآكله على الربوة الشمالية التي تطل على حي الغويرية ، لكن الناس لا يعرفون كم حمارا أفناه في عمله ، ولا ذاكرته الهرمة تعرف أيضا .
إنه مذهول لهذا الغياب المفاجئ للحمار ، حد الفجيعة المؤلمة ، فحماره المسكين ما عاد يقوى على شيء ، لذلك لا يستطيع أن يطلقه في الأزقة والشوارع ،تضربه الصبية وتنهشه الكلاب ، ويبحث عن طعام وشراب لا يجده في الطرقات، إنه يحتفظ به كرفيق أمضى معه العشر سنين الأخيرة ، يسمح له أن يتحرك في هذا الحوش ، يمرغ نفسه في التراب كما يشاء، يستمتع الاثنان بشيخوخة متزامنة .
لأول مرة يشعر بالوحدة والغربة ، فهاهو قد أصبح بلا حمار، بعد ما هو دون ولد ولا زوجة. فمخلد بني حسن ، اسم غريب يدل على أنه ليس من بني حسن ، ولو كان من بني حسن لانتسب إلى عشيرة من عشائر هذه القبيلة الكبيرة، أو إلى أحد فروعها أو عائلاتها .
حينما عرف الجيران ذلك، والقريبون من الحارة بما حدث ، طفقوا يبحثون معه ، ويقولون:
_ البوابة المتداعية لم تعد تمنع الحمار من الخروج .
ويقول آخر :
_ الحمير الداشرة تملآ الحارات ، ربما اشْتَمَّ رائحة أتانٍ فتبعها .
إنه نادم جدا ، فحماره قد خرج ، وخروجه هذا يعرضة لمفتشي البلدية ، الذين نشطوا أخيرا في جمع الحمير والكلاب الضالة ، كما شاء المحافظ وكما برر فعلته أمام الذين يملكون الحمير أو لا يستغنون عنها : ( إن مركبات السوزوكي صممت لتحل محل الحمير ، محركها محرك دراجة ،لكنه بقوة خمسة بغال ، وبذلك تحمل أكثر من دزّينة حمير ، وتستهلك أقل مما يستهلكه الحمار ، وتدخل الأزقة التي يدخلها الحمار ، علاوة على أن السزوكي لها ثلاثة عجلات ، فلا تنقلب ، وأيضا لا روث لها ولا نهيق كالحمار أوالبغل ) لكن مخلد قاطعه بقوله :
_ وكيف لعجوز مثلي أن أن يتعلم سوق السزوكي ؟
مأساة مخلد كمأساة الحمير تماما ، مشكلتهما مع العصر الذي يتغير دون استئذان، ودون علم مخلد وحماره العتيد، فكيف لرجل سبعيني أن يطور نفسه؟ يعمل حَمّاراً منذ خمسين سنة ، وإذا لم يطور مخلد نفسه ، فأنى للحمار أن يطور ذاته...! ، منذ خمسين سنة جاء مخلد إلى الزرقاء ، جاء ككل الطامحين الذين قدِموا يبحثون عن عمل ، وتحديدا تقديم خدمات يحتاجها الجنود في المعسكر ،فإذا بالحمار الذي جاء عليه راكبا ، صار وسيلته إلى لعمل ، إذ راح ينقل للوحدات العسكرية من القرى والمزارع الخضار والفواكه والحبوب ، إلى أن أصبح للجيش سيارات تنقل المؤن، وطرقات تصل القرى ، بعد ذاك استغنوا عنه ، فماذا يفعل بحمار ما زال قادرا على العمل ؟ فكر وفكر ، فرأى أن يحمل عليه بضائع يبيعها في قرى بني حسن البعيدة، فوضع على ظهره صندوقين ، ملأهما أولا أقمشة ومناديل وجوارب وكشكش وحطّات وعُقُل، ومرة أخرى إبرا ومرايا وبُكَل وخيطان وكبّاسات وأزرار ، ومرة ثالثة حلقوما وكعكبان وهريسة وقطينا وزبيبا وعنبا، ثم رأى أن يبيع الصابون المعطر و النابلسي والبرش ، والبودرة والحناء والكحل والعطر وزيت الشعر ، يبيع بالنقد حينا وبالمقايضة حيناً آخر ، وإن عز الأمر فبالدَّين ، لكن حينما فتح بعض القرويين دكاكين يبيعون بها ما يبيعه ، لم تعد تجارته رابحة .
ومرة ثالثة غيَّر عمله وعمل الحمار ، إذ صنع له حدادٌ عربةً بمقياس الحمار ، تتسع لبضعة صناديق من الخضار ينقلها من الحسبة إلى محل في سوق الغويرية ، يحمل عفش بيت متواضع ، ويوصل مونة العائلة الشهرية إلى البيت ، ويركب الأولاد عليها في نزهة عند كل عيد.
هذا العمل جعله يعرف كلَّ سكان الغويرية وجعلهم يعرفونه ، وصار ذاكرة الغويرية ، يعرف من نزل الغويرية ومن خرج منها ، ووجدته الشرطة مرجعا للتعرف على الأشخاص المطلوبين ، واعتبره المتصرف مختارا ، لأن الناس تعرفه ويكنّون له احتراما .
في حالة نادرة ينطلق أهل الغويرية للبحث عن حمار مخلد الذي يعرفونه ، ويعرفون أن البلدية قد حملته إلى الضليل ليعدم هناك ، لكنهم يخشون عليه المفاجأة ، يصر على أن يذهب إلى الضليل ، فيحمله أحدهم بسيارته إلى هناك _دون مقابل_ ، ويرافقه جيران ومعارف ، وهناك على حافة الصحراء ، كان صعيد جاف ورائحة نتنة تصدر عن جيف تتحلل ، فكانت دليلا لهم، اقتربوا منها ، فوجدوا مجزرةً لحمير الزرقاء ، وكان موظفو دائرة الصحة قد أحضروا للتو سبعة من الحمير ، صفّوها بجانب بعضها ، كانت رؤوسها على خط مستقيم ، وكان يكفيها طلقة واحدة من بندقية سمينوف ، تخترق رؤوسها، فيقضى عليها جميعا.
وصلوا ساحة الإعدام ،كانت جثث الحمير ملقاة ، عشرات وعشرات ،منها المنتفخ ومنها المتعفن ، و كان حمار مخلد في الرمق الأخير ، فالرصاصة لم تخترق دماغه، بل اخترقت فكَّه والأوردة التي في رقبته ، وقتلته على مهل ، فُجِع مخلد إذ رآه ممددا في حالة النزع هذه ,حينما حرك ذنبه ببطء ـ تحية له أو وداعا ـ ، وربما حرك قدمه أيضا، لكنه نظر في عيني مخلد نظرة ثم أغمضهما ، فصاح مخلد وقد ملأ صوته الأسى :
_ يا بلدية الزرقاء ، لماذا حكمتم على حماري بالإعدام؟ ألم يتفتق ذهنكم عن حل آخر غير القتل؟
الزرقاء 18/4/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
13 الغويرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: