منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

 القصة رقم (22) : طريد الظــل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

القصة رقم (22) :   طريد الظــل Empty
مُساهمةموضوع: القصة رقم (22) : طريد الظــل   القصة رقم (22) :   طريد الظــل Emptyالخميس يونيو 09, 2011 7:59 pm


طريد الظل
مجموعة قصصية منشورة
للقاص والروائي
سعادة عوده ابو عراق

القصة رقم (22) :

طريد الظــل
الآن … اقرر بحزم أن اصطاد كل الذكريات التي تربطني بك وأن أحصي كل اللحظات التي اخترقت فيها كياني ، وفرضت نفسك على وجداني ، واشتغل بك تفكيري ، ها أنت تمر بي للمرة الألف _ لا اذكر تماما _ فأنا أعرفك كما اعرف ذاتي ، بوجهك المميز المطبوع بالجفاف ، وشاربك الكث المهدل الممطوط ، تحمل فوقه أنفا مجففا حادا كالمخلب ، وعلى جانبيه محجران غائران ، تختبئ فيهما عينان صغيرتان زلقتان معتمتان ، لا يشفان عن عواطفك وأفكارك .
لماذا خلعت نظارتك اليوم ؟ شاهدتك تلبسها أمس بالحافلة ، كانت كبيرة ، تغطي وجهك القاتم ، تبدو ثقيلة كما لو تُميل رأسك إلى الأمام ، وتقوس ظهرك الرقيق اللحم، تجيل من تحتهما نظراتك ، تتفرس الوجوه ، وتلحظ استغراب الناس لملابسك الفاقعة الألوان ، وحذائك القماشي الأبيض ، ذوق نسائي مشوه ، لا ينتابك الحرج ، بل تبحث من تحت نظارتك عمن يسترق منك نظرة فضولية ، تستطلع رأي الناس بك ، وتقييمهم لك .رغم انك تبدو اكثر اهتماما بغليونك وملابسك وعطرك .
أوكد لك أنني لم اكن لاهتم بك بادئ الأمر ، فأنت عاديٌ كما هم ملايين البشر ، لكن فضولي الذي أتميز به ، دفعني نحو متابعتك ودراستك ، وتمييزك عمن سواك ، فأنت مغرق في الذاتية ،_ هل تصغي إليّ ؟؟_ تستمتع بغموضك المصطنع ، تخفي بريق عينيك ، وتطلعك ، واشتعال نفسك بالأشياء ، لكنك تطفئ انفعالاتك عمدا ، تعتقد أن ترفعك له إغراء ما ، كأنك ذو جاذبية آسرة ، ومخزن أسرار ، قمين بالدراسة والاهتمام ، ولا فرق عندك إن ذموك أو مدحوك ، المهم أن تبقى مثارا للجدل .
بالأمس ، حينما نظرت إليك كانت عيناك باهتتين ، ولا عمق لاستبصارهما ، هي نفس النظرات التي كانت لك على شاشة التلفزيون ، ما عدت الآن اذكر موضوع الندوة ، وما كنت تتحدث عنه ، لكني اذكر حرصك على إثارة الترقب والفضول ، تفرشه قبل كلامك ، تحاول أن تكون نجما في عالم الفكر ، لكنك لا تدري كم أشعرتني بتفاهتك ، اعتذر لأني لم اعد اذكر أفكارك لأناقشها ، أو مقطعا لأعرضه ،ولكني اذكر كم كنت تكرركلمة ( يجب...)ترددها باستمرار ، كما تستعمل( من اللازم …) و( من المؤكد )، وكم كانت الأفعال التي تستخدمها مجزومة الآخر ..!.
سمعت نبرتك التي طالما الفتك بها ، صوتك الأجش الذي يغطي على قامتك الهزيلة ، وعظامك الناتئة ، كانت مفارقة عجيبة أن تصرف اصغر بدلة لأكبر رتبة عسكرية ، وكنت تحتال ، وتلبسها فوق كثير من القمصان والثياب الداخلية ، فتفضحك العروق على رقبتك ، كنت لا تحب السير بين الجنود برفقة أحد ، لأنك ستغدو قميئا ، لذاك كنت سيِّء الإدارة ، لا تتواصل مع أحد إلا من فوق الورق ، تقرأ تعليماتك من خلف شباك منيف ، نستمع إليك ونعرف انك تقف على صندوق ، نكتم قرفنا وسخريتنا ، ونستعيذ من هذا السخط الذي حل بنا ، نتصبر ، ونحن نسمعك متلذذا ، تعلن الجزاء والعقوبات علينا ، كنت أمقتك وأخبئ رأيي بك مع أشيائي الخاصة ، في الصندوق المقفل ، وأحاذر أن تفوح ، ولكن حينما حاربنا معك ذات مرة ، كسر الصندوق ، وتطايرت محتوياته ، بل تطايرنا أيضا ، إلى أن رأيتك يوما تكلم الصحفيين عن انتصاراتك العظيمة ، عندها عادت لي آرائي المهاجرة ، رايتك مجردا من اسمك ورتبتك وكنيتك، وجميع ألقابك التي كنت تجعلها معرِّفةً بك.
لكني أسميتك يوما (وندي) ، لست على يقين يجعلني عارفا بالسبب ، ربما لأنك كنت تشبه بطل قصة ( وندي ) التي كنت تدرسنا إياها ، إذ كان وندي راعيا للأغنام ، وكان في تصرفاته معها إمبراطورا ، يعقد محكمته العليا على ربوة ، عن يمينه حمار وعن يساره كلب ، فيقرر (الثلاثة) إعدام التيس الذي نطح الشاة بغير ذنب ، دون استماع لدفاع أو إصغاء لاحتجاج ، بل يقطع على المتهم كل قول ، ويقاد إلى المقصلة ، ويهوى على رقبته بالبلطة ، فينبثق الدم ، وتتحقق العدالة ، لا أدري لماذا قارنتك به ، وأوجدت أسباب التشابه ، ربما كنت تضربنا بقسوة ، وتدمي اكفنا الصغيرة بالعصا ، تستمتع بإرهابنا وتخويفنا ، لا تعرف أي معنى لوجودنا سوى أن نضرب.
لم تكن طفولتي تسمح لي بمزيد من فهمك ، لكني مخرتك بكل تفاصيلك وأبعادك ، كنت أكبر منك ، لا أخافك ولا أمقتك ولا احبك ، كنت عندي مريضا ، أو حالة مرضية ادرسها ، أكتشفك كما الجيولوجي ، أجسّك في كل موضع، أفهمك كمجموعة من المساحات ، والعلاقات ، كنت أقول فيك بما يقوله صديقي فرويد حينما يحلل حالات الكبت ، كنت أراك مزدوج الشخصية ، مصابا بالفصام ، تتمظهر بالملابس الغريبة الشاذة ، تنهار أن لم يثن عليك كثيرا ، لم تكن وسيما أو أنيقا ولا مثقفا ، ولم تكن ناجحا او متميزا ، لكنك كنت تعتقد في نفسك كل هذه الأشياء ، وتحب أن يصفك الناس بها ، ويعاملوك على أساسها ، كنت رجل صالونات ، يغرك أن تحظى بإعجاب النساء ، لكنك لم تظفر إلا ببنات الهوى ، كانت تستنـزف جيوبك وأعصابك وحيويتك ، ورغبتك أن تكون محبوبا ، ربما لان أمك لم تكن تعطيك من الحب الذي تريده ، لقد كانت مشغولة عنك بابيك ، ثم بزوجها ، ومن فرط وحدتك حاولت الانتحار صغيرا ، وما زال اثر المحاولة على جسمك ، ها أنت تحب النساء وتكرههن ، تحب الآباء وتمقت الأزواج ، ترى كل شيء ملتوٍ ، فتتناقض كما هي الحياة متناقضة ، أو كما أنت متناقض معها ، لكنك ارتضيت لنفسك هذه الشخصية .
هذا أقصى ما عرفتك به ، لكن أبا نصر السيوفي ، حدّثنا في مقاماته ، فأسهب فيك وأطنب،وقال انك كنت صاحب خان ، في الطريق الذاهب إلى خراسان ، تستقبل القوافل الذاهبة والآيبة ، ينيخون في فسيح خانك ركائبهم ، ويغسلون عندك عناء تعبهم ، لكنك كنت ذا رأي غريب ، هو في القياس عجيب ، تنـزلهم كما أنت تريد ، وتوزعهم حسب تصنيف فريد ، تنظر في القوم أيهم الطويل وأيهم القصير ، أيهم الغني وأيهم الفقير ، أيهم المليح وأيهم القبيح ، تجبرهم على أن يكونوا كما تشاء ، لا كما يشاؤون أو كما خلقهم الله ، إلى أن جاءك رجل وقال لك انه شاعر ،ولم يخطر ببالك أن الناس يتمايزون بالمواهب ، ونبهك إلى وجود قضاة ومناطقة ومتكلمين وصناع ، وهكذا مد لك بصيرتك ومجال رؤيتك ، دفعك لكي تخيره مكان نومه ، فاختار أن ينام معك ، لم تعجبك هذه الجرأة ، لكنك طمعت بقصيدة منه ، فلم يبخل عليك ، تسامرتما طويلا ، إلى أن قال لك ؛ ما رأيك برجل طويل اسمر سمين ، أين يمكن أن تضعه؟ لم يخطر ببالك أن لكل إنسان أوصافا متعددة ، وان كل فرد يختلف عن الآخر بما يملكه من صفات خَلْقيّة وخُلقية ، فأفضى بك إلى أحد أمرين ، إما أن تجعل لكل نزيل غرفة ، أو أن تعتبرهم أنسانا واحدا .
أما شهرزاد ، فقد جعلتني صنوك اللدود ، أبتلى بك ردحا من الزمن ، في كل ليلة تجمعنا مغامرة ، في الحارات المتجاورة في بغداد ، ثم المراكب والصيد البعيد ، مخاوف الغطس وفرحه ، نركب معا سفن الآمال إلى شواطئ اللؤلؤ والمرجان ، نبحر صيادين إلى حيث يختلط الشمال بالجنوب ، وحينما تجتاحنا العواصف والأمواج ، يغم علينا ، كأننا لم نزل في الأرحام ، يأتينا عفريت من أجواز الفضاء ، لا ادري ، ربما من أعماق البحر ، يعرض علينا النجاة ، بمساعدة مشروطة ، مطلبه أن ننفذ له ما يريد ، كانت النجاة اكبر من أي شرط ، لم يكن بوسعي الموافقة ، ولا كان بوسعي الرفض ، لكنك لم تكن مترددا مثلي ، وافقت ، ولم يأخذ ميثاقا عليك ، واعتبرني موافقا بالتبعية ، فأنقذنا ودلنا على مصائد اللؤلؤ ، هناك ، انزلنا مراسينا ، توقفنا ، وكان دوري ، خلعت ثيابي وشددت الحبل إلى وسطي ، أخذت نفسا عميقا ثم قفزت ، وجدت المحار كثيرا ، يصطف الؤلؤ فيه كالاسنان ، أفصده ، تنفد أنفاسي ، تضعف قواي ، اصعد إلى السطح وآخذ نفسا ، وأطمئنك أن المنطقة لم يرتدها أحد قبلنا ، وان المحار بحجم الخوان ، امتلئ شهيقا ثم أغوص ، اترك لك انتشال المحار الذي الملمـه بالشبكة ، وحينما ترى انك جمعت كنـزا ، تقطع الحبل الذي يصلني بك ، وتمضي ، وتتركني لخوفي وإرهاقي وجوعي ، وخيبة أملي ، تتركني أصارع الليل والموج وحيتان البحر ، لا أستطيع اللحاق بك ولا المكوث حيث أنا ، يظهر لي الدلفين ،امتطيه ، والحق بك ، بل أسبقك الى الشاطئ ، وانتظرك حتى تأتي ، تتفاجأ أني سبقتك ، أرى الجبن في عينيك، لكنك تعاركني بقوة ، أكاد اظفر بك وأقتلك ، لولا الصباح الذي أدرك شهرزاد ، فيمنعني أن أقتلك وانتصر عليك
وفي الليلة التالية ، تجعلني معك مرة أخرى ، فتخدعني كالعادة ، ولكنك لا تنتصر علي، كلانا في صراع دائم ، لعل هذا ما تطمح إليه شهرزاد ، أو لعلها سنة الحياة .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
القصة رقم (22) : طريد الظــل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  القصة رقم (15) : ابن عم خالي
» القصة رقم (29) : اللبــــؤة
» القصة رقم (16) : الوشــم
»  القصة رقم (30) : الأعـــور
» القصة رقم (18) : المفتـــــاح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: