منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

  القصة رقم (26) : زاويــة اليقين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

 القصة رقم (26) :  زاويــة اليقين Empty
مُساهمةموضوع: القصة رقم (26) : زاويــة اليقين    القصة رقم (26) :  زاويــة اليقين Emptyالخميس يونيو 09, 2011 8:09 pm


طريد الظل
مجموعة قصصية منشورة
للقاص والروائي
سعادة عوده ابو عراق

القصة رقم (26) :
زاويــة اليقين

منذ عشرين عاما وأنت يا راضي جبارة هنا ، ضمن جدران أربعة وزنازين كثيرة ،محاط بأسلاك شائكة وجنود يشهرون السلاح ، عشرون عاما من المعاناة والقهر والألم والإحباط ، أدمنت السجن ، وتيبّست مفاصلك ، وخلدت عضلاتك إلى السكون ، خمد البركان ، وماتت ملايين الخلايا العصبية ، ومثلها عشرات المفاهيم والأفكار والمبادئ التي خبت وتراجعت .
لم تكن قد بلغت العشرين حينما اعتقلوك ، وحكموا عليك بخمسة وعشرين عاما ، عندها وقفت معتزا ، لأنك كنت تراها خمسة وعشرين وساما ، وترى الأحكام حبرا على ورق ، فأنى لإسرائيل أن تبقى هذه المدة ، لعل القدر يدبر لها سخرية ، كنت رابط الجأش قويا تعكس كبرياء أمة مترامية ، وتاريخا من البطولات ، تخرج من جلدك ، وتتقمص شخصية تاريخية ، تحتمل الإستجواب والتعذيب والإذلال ، بما يفوق الاحتمال البشري ، تُرهبُ به قضاتك وسجانيك ، كانوا عاجزين عن فهم هذا السلوك ، يقولون انه هوس الانتحار أو جنون الموت .
وهذه ظنونك لم تخب ، فالسماعة المعلقة في الردهة ، تخبرك أن عملية عسكرية على مواقع (المخربين) بـ(الكرامة)، وتفهم أن معركة كبيرة يخوضها لواء من الجيش الأسرائيلي في الأغوار ، شيء ما يكبر في داخلك ، تنتشي وتتسع البهجة في صدرك ، وخاصة حينما أُخبرت عن صمود رائع بما لم تخبرك به هذه السماعة اللعينة .
إن طال الإنتظار فلا بأس يا راضي ، فالأمر ليس بهذه البساطة هاهي العمليات الفدائية عبر النهر تشكل حربا حقيقية متصلة ، كما تشكل حرب الاستنـزاف عبر قناة السويس معادلا استراتيجيا ، انه واقع اقرب إلى الصورة التي رسمتها في مخيلتك ، هكذا يجب أن تُناش إسرائيل كل يوم ، اذن فلست الآن وحيدا، هاهي جيوش عراقية وسعودية وتونسية ومغربية ترابط كالطوق مع دول المواجهة ، وها أنت يا إسرائيل (واوي بلع منجل )، تمشين إلى حتفك كالمنومة، فهذه الأمة كالبحر المحيط ، ما دخل جوفه شيء إلا ابتلعه ،والزنزانة أصبحت محطة انتظار .
ولكنك اليوم تشعر بالأسى، وترى الزنزانة اكثر ضيقا ، والحيطان اكثر لزوجة ، صلفة قاسية ، تصفعك الوحدة والاغتراب ، حينما سمعت أن جمال عبد الناصر قد مات ، لأول مرة تشعر بثقل الانتظار ، وتصبرك يفلت منك ، وأعصابك تخونك ، ودموعك تنبجس حارة ، فلماذا هذا الرحيل المبكر يا جمال..‍؟‍
صقيع الزنزانة يمتد إلى عظامك ، يهزك ، ترتعد تؤلمك مفاصلك وأمعاؤك ، حتى وأنت تقنع نفسك بان مسيرة الوحدة لا يقودها شخص واحد ، كما أن تحرير فلسطين ليس منوطا بالفلسطينيين وحدهم بل هي مشكلة الحضارة العربية ، يؤلمك الجلوس وأنت تعيد ترتيب الخيوط وترى على هديها المستقبل ، فكل شيء توقف ، حرب الاستنزاف والعمليات الفدائية ، وابتدأت المغازلة الشبقة للصلح والسلام ، واستجداء الحماية والتمسح لامريكا ، صار اكثر ايقاعا ، والزيارات الأسبوعية صارت شهرية ، وأصبحت اكثر ضيقا بالزمن ، وبِتَّ تعاني آلام القرحة والمفاصل .
وفجأة تستغفر الله على هذه الظنون التي غشيتك ، فأمتك العربية التي آمنت بها لم تخيب ظنك ، هاهم يعبرون السويس ويقتحمون الجولان ، ويتقدمون في سيناء ، يتوقفون ولا تدري لماذا ، لعله التكتيك ، لكن رغم ذلك تغادرك القرحة والأوجاع ، وتتسع الزنزانة وتزايلها الرطوبة ، وتشعر انك قاب قوسين من الخروج ، لا باس ، فقد احتملتَ كل هذه السنوات الست ، جلسة القرفصاء ، والأسلاك الشائكة المكهربة ، فلا تزعجنّك مفاوضات الكيلو 101 ، وزيارات كيسنجر المكوكية ، وغالِب السكري الذي يغشاك ضيفا بعد القرحة ، فها قد غدت حركتك قليلة ، ورغبتك بالبول والشرب شديدة ، والجهاز اللعين الذي يخبرك عن الصلح والسلام والمفاوضات المباشرة ، وتخبرك عن حصار تل الزعتر، والكلام الحيادي الفاتر من أفواه العرب ، أحقا هذا هو الشعب الذي تئن فيه الشام لما يحل في ذرى الأهرام؟ لعلها الفاجعة يا راضي ، التي جلبت لك الضغط ، وجعلتك كمن يتفجر من الداخل .
ورغم طنين أذنيك الذي يسد عليك صوت السماعة اللعينة ، فإنك تسمع عن زيارة السادات للقدس، وعن ابتذال وتنازلات وشتائم كثيرة لهذه الأمة ، وسخرية بها ، وأنخاب وقبلات ، وشيء اسمه كامب ديفد ، وضيف جديد يحل في مفاصلك ، يجعلك عاجزا ، تسترحم سجانيك لكي يأتوك بمبولة وإبريق ماء ، و اعزلَ تقاتل في كل الجبهات ، الأمراض والوحدة والبرودة وصلف السجانين ، ترمم المفاهيم التي انهارت داخلك ، وتحاول أن تجد بعض العزاء فيما يرويه السجناء الجدد ، أن آلامك لا تقل عن ألام غيرك في الخارج ، فهل بدأت الآن تفقد مبرر وجودك ؟ وانك في المكان الخطأ ؟ وانك لم تفعل شيئا ذا قيمة ؟ وانك استهلكت نفسك ولم تبلغ الثلاثين بعد ؟ وجسمك يذوي بين أربعة حيطان كالمجرمين واللصوص ؟
أيسرُّك أن تسمع عن ارض فتح في الجنوب ؟ و عجز إسرائيل عن مواجهة كاتيوشا العرقوب ؟ زملاؤك يدركون أنها لم تـعد لك توازنك ، لأنك تعلم انه جهد معزول ، ولا بد له أن يستهلك ، فلا عملَ مجديا خارج الجهد العربي الموحد ، إذن… تعزَّ بالمنطق والتاريخ ، واعرف أن التاريخ مراحل ، ولا تبتئس ، ولا تجلد ذاتك ، أتراك لو كنت اقل إخلاصا لمبادئك واقل اكتراثا بغيرك ؟ أكنت اسعد حالا واقل تألما …‍‍؟‍‍‍‍‍‍ هاهو الصداع يتسلل إلى مؤخرة رأسك ، ويعاودك الكرة تلو الكرة _ وما عادت تنفع حبوب الأسبرين _ حتى طغى على آلام القرحة والمفاصل ، وصار يمنحك نوبة من الخدر ، يتركك كالنائم ، قد تبول فيها على نفسك .
وبيروت …‍، لم يدمرها الحصار فقط ، بل قوضت كل ما عشت عليه من مفاهيم وقيم ، وتركتك مفرغ النفس والروح ، تحمل عملة لا رصيد لها ، ولعلها أقسى مرحلة ، بل أعتى على النفس من التجويع والتعذيب والتشريد ، فالمكتنـز بالمبادئ هو الأقوى والأصلب ، وأنت الآن يا راضي نافذ المخزون ، فهل ضعفت قدرتك على مقاومة الأمراض والمتاعب والرطوبة ؟ وقدرتك على مقاومة السموم التي تبثها هذه السماعة اللعينة ؟ هاأنت قد أصبحت تبول على نفسك ، ويدك اليسرى صارت ترتجف ، ورجلاك ما عادتا تحملانك بقوة ، كنت سابقا تسحبهما لكي لا يفلت منهما الشبشب المهترئ ، واليوم لا تقوى على رفعهما ، لعلك لم تعد تسيطر على وظائفك البيولوجية والعصبية ، ولم تبلغ الأربعين بعد ، انك تتمنى الموت كما لم تتمن من قبل ، فأي هدف تعيش الآن من اجله ؟
هاهم بعد عشرين سنة وثلاثة اشهر وخمسة أيام ، يفرجون عنك ، يعطونك ملابس جديدة ، ويحلقون لك ذقنك ، وتستحم بماء ساخن ، وتودع الرفاق ، ويبكون على كتفك وأنت تبكي كالأطفال ، يختلط النشيج بالكلام ، وتخرج وحيدا ،فأمك ماتت منذ سنة ، وأبوك مات من بضع سنين ، وأخوك مغترب في أمريكا ، وأختك متزوجة في الكويت ، ولم يزرك من شهور عديدة أحد ، ولا تعرف من الأجيال الجديدة أحدا ، تخرج وتعلم أن العالم ليس بأوسع من زنزانة ، تخرج بلا مال ولا صحة ولا أمل ، تعلم أن المنظمة قد تصرف لك مرتبا ، لكن من أين تأتي بالرغبة المفقودة للحياة؟
لا تحزن يا راضي ، فها هو جيش من الفتيان والشباب ، ينتظرونك خلف بوابة السجن ، يعرفونك ، ويعرّفونك على انفسهم ، تحاول وسعك استيعاب ما يجري ، فهذه أسماء متشابهة ، ووجوه متشابهة يجري بها دم العائلة ، اثنان سميا براضي تيمنا وتخليدا لك ، نطقا اسميهما باعتزاز ، وثالث اسمه رضا ، شيء يشعرك بالدفء والحنان ، تغمرك السعادة ، مع سيل القبلات ، والسواعد التي لا تأبه لضعف ضلوعك ، أما الكلمات الواثقة الجريئة فتعيد الدم إلى عروقك ، رغم انك لم تستوعب معانيها ، ولم تتعرف بعد لمفاهيمهم التي ينسجون منها أهدافهم ، يتكلمون عن التحدي السافر في الحارات والشوارع ، وعن الحجارة والمقاليع ، وعن العصي والعصيان ، وعن هذه الأجساد التي أصبحت سلاحا ، وعن الأرواح التي غدت طاقة ، فهل عاودك الصداع والدوار؟ أم انك بين النوم والإستيقاظ ؟ لعل الزمان قد دار بك دورته ؟ لعلك تولد من جديد ؟ وتغادرك القرحة والسكري والضغط وآلام المفاصل .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
القصة رقم (26) : زاويــة اليقين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القصة رقم (11) : الزلـــزال
»  القصة رقم (12) : زيــــارة
»  القصة رقم (13) : ســــميرة
»  القصة رقم (28) : المسبــــحة
»  القصة رقم (15) : ابن عم خالي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: