منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

  القصة رقم (28) : المسبــــحة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

 القصة رقم (28) :  المسبــــحة Empty
مُساهمةموضوع: القصة رقم (28) : المسبــــحة    القصة رقم (28) :  المسبــــحة Emptyالخميس يونيو 09, 2011 8:15 pm



طريد الظل
مجموعة قصصية منشورة
للقاص والروائي
سعادة عوده ابو عراق

القصة رقم (28) :

المسبــــحة
أرجوك …، إصمت … فأنا أعرف كل ما يدور بخاطرك ، والأسئلة التي تنوي طرحها ، فالصحفيون يشتمّون الأخبار من أبعاد طويلة ، يقتفون أثرها ، أكيد انك قد سمعت عن المسبحة ، مسبحة البسطامي ، ورأيت فيها قضية صحفية مثيرة ، وسبقا إعلاميا فذا ، رغم أنها تراثية ، كان عليك أن تعرفها من الكتب المخطوطة ، أنا اعرف انك لا تقرأ المخطوطات ، بل برقيات وكالات الأنباء .
لا عليك ، فأنا أخرج دائما عن الموضوع ، وعليك أن تعرف ذلك ، لعلك تريد أن تراها ، أن تلتقط صورة ، انظر ، لا تستعجل ، فالعلبة المحفوظة بها قديمة قدم المسبحة ذاتها ، تحتاج إلى أناءة ولطف ، انظر …. ليست مدهشة كما كنت تتوقع ، قديمة تعبق بروائح خاصة ، لونها باهت ، حباتها غير منتظمة ، ولا جيدة الصقل ، مثرمة الحواف ، بها كثير من التلف والتكسير ، هي هكذا ، وهذه ميزتها ، فالمسابح الحديثة لا تملك سحرا ، كما تملك هذه المسبحة، نعم … أقول سحرا ، بالطبع العقلانيون لا يؤمنون بذلك ، ولكني أؤكد لك أنها تملك سحرا ، فجدي الأول (غيث ) الذي تحمل العائلة اسمه ، كان لصا قاطع طريق ، سفاك دماء ، نعم … أقول هذا وأنا في غاية التيقن والافتخار ، هكذا كان جدي (غيثا) _ بركاتك يا سيدي غيث _
قلت إن جدي غيث كان قاطع طريق ، وحدث أن قتل أربعة رجال في قافلة ، هم أصحابها وحماتها ، وساق الجمال المحملة إلى مكان قريب ، وباتت عصابته ، تنتظر الفجر ليقتسموها ، هكذا بات وظهره إلى بعير راقد ، لم يدر حينها انه نائم أو يقظان ، إذ هبط عليه سيدي البسطامي بطلعته البهية، رجف قلبه ، وشعر انه تافه حقير ، ضربه بعصاة كانت معه ، خرج منه شيء كان بداخله ، خرج هذا الشيء وتسرب بدهاليز العتمة ، شعر معها انه أخف وزنا واكثر انتعاشا ، سأله بصوت اقرب إلى الاستعطاف :
_ من أنت يا سيدي ؟
قال بلهجة ملؤها الثقة :
_ البسطامي ..
لم يحر جوابا ، فتش في ذاكرته عن هذا الاسم شعر بخجل شديد ، لكنه لم يشأ ان يمعن في تعذيبه وإحراجه فقال:
_ غدا اسأل عني من يعرفني
عزّ عليه أن يبرحه هذا الطيف ، فقال كأنه يناشده :
_ ماذا تريد مني يا سيدي ؟
_ لقد اختارك الله أن تكون وليا من أوليائه .
كأنه لم يحتمل مثل هذه السخرية ، فلم يضحك ، وقال كالمصدق :
_ ولكني قاطع طريق ، لص قاتل ، قتلت أربعة للتو .
فقال له :
_ لا عليك ، إن الله يغفر الذنوب جميعها ، هاهم الذين أغمدت سيفك فيهم أحياء
لم يدر كيف يصوغ أسئلة كثيرة في رأسه ، فما معنى أن يكون وليا صالحا ؟ ما هي مهمته؟ هل ما يراه حلما أم حقيقة؟ أدرك البسطامي ما يدور بنفسه ، فاستل مسبحة من جيبه وألقاها في حجره وقال :
_ المس الحقيقة بيدك
ثم غاب كأنه ذبالة مصباح تنطفئ و تغيب
واستفاق من غفوته ، ليجد المسبحة حقا في حجره ، تفوح عطرا يعبق بالأجواء ، ما زالت إلى اليوم تبث شذاها المميز ، تلمسها وهو لا يصدق ، نظر إلى الجمال الراقدة ، المحملة ، وكاد أن ينكرها ، لولا بقايا ذكرى عرفته بها ، ذهب إلى الطريق ، حيث تجندل أربعة رجال ، وجدهم نياما ، منهم يعدل رقدته ، ومنهم من قد استفاق لتوه ، لم يشأ أن يكلمهم، شعر انهم يفتقدون جمالهم ، فعاد يقودها إليهم .
طبعا أنت لا تصدق هذه الكرامة ، أو هذه الحكاية ، قد تسميها أسطورة ، أو خرافة ، لكنها حقيقة ، اعترفت بها أو لم تعترف ، فهي مدونة في تاريخ المسبحة ، الذي ما زلنا نكتبه ، وجدي ( غيث ) اصبح وليا من أولياء الله ، له كراماته وبركاته ، وطريقته _ الطرقة الغيثية _
المهم ، أن هذه المسبحة أصبحت فيما بعد ميّزة لجدي وصار مميزا بها ، لقد كان يضرب بها على رأس المريض فيشفى، ينقر بها على موضع الألم فيختفي ، يهزها بوجه الكفيف فيرتد له بصره ، يفركها عند أذن الأصم فيسمع ، يلقيها في حجر العاقر فتلد بعد تسعة اشهر ، بل كان يلقيها نحو الخصوم فتتوجه نحو الكاذب أو السارق أو المذنب ، يمر بالبيادر فيلقيها فوق كومة القمح أو الشعير ، فإذا بهذه الكومة الصغيرة تملأ كل الخوابي التي أعدوها في بيوتهم وتزيد ، واكثر من ذلك أنها كانت تطفئ الحرائق ، وتنـزل المطر وتلطف الجو ، وتفجر الينابيع ، وتملأ الآبار ، لقد حاول أحدهم أن يسرقها لكنه ما إن وصل إلى بيته حتى افتقدها ، فتش جيوبه ، والأماكن التي يحتمل انه وضعها بها ، فلم يجدها ، فعاد يبحث في الطريق لعله أسقطها ، فلما وصل جدي وجدها في يده ، ولكن آخرَ _ وقد عرف أنها عصية على السرقة _ قرر أن يستعيرها ، وفي ذهنه أن يستبدلها ، لكنها لم تفعل فعلها المنشود ، فلم يجد بدا من إرجاعها .
انه كلام لم اخترعه ، انه مرقوم في تاريخ المسبحة ، انظر إلى هذه المخطوطة ، إنها مملوءة بالكرامات والأعاجيب ، والقصص التي سطرتها ، انظر إلى هذه المخطوطة أيضا ، إنها أوراد جدي وابتهالاته وادعيته وتسبيحاته التي كانت تفيض عليه وهو ممسك بها ، هذه المخطوطة ما زلنا نتوارثها جيلا بعد جيل ، نزمع طباعتها ، لكننا نخشى أن يقع بها الطابعون بأخطاء إملائية أو نحوية تفسدها، نحن نحرص أن لا يتغير بها حرف واحد ، ولو انه لا يستقيم مع قواعد اللغة ، كما أننا لم نوافق على أن يقوم طالب بالجامعة بتحقيقها لينال درجة الدكتوراه ، إنها اكثر قدسية من أن تستعمل لأغراض دنيوية .
أنا لا ادري كيف أقنعك بهذا القول ، فأنتم معشر الصحفيين قوم ماديّون، لا تؤمنون بالخوارق ، لذلك سوف تستخدمونها مادة للهزء ، لكن تأكد أن مسبحة سيدي البسطامي هذه مبروكة ، ولا يمكن أن تكون إلا في اليد التي ترضاها ، والشخص الذي تريده ، فعندما مات جدي غيث ، كان ولده سروج قد تشبع اللصوصية صغيرا ، وظل محترفا لها ، ففقدت المسبحة منه بعد أن ورثها ، وعبثا فتشوا عنها ، وظلت مفقودة أيضا في حياة حفيده زناد ، وابن حفيده فطيم ، لكنها وجدت في جيب غيث بن فطيم ، أحدهم لا يعرف كيف حدث هذا ، ولكنه حدث ، غيث هذا كان صالحا ، وظهرت الكرامات مرة أخرى . فكان يشفي بها المرضى والمجانين ، ويكثر الزرع والطعام ، بل كان يضعها تحت المخدة ، ويضمر أمرا يريده ، فإذا به يراه بالمنام ، كان يعرف موضع المسروقات، ومكان المفقودين والمشردين ومصير الغائبين والمسافرين ، بل يعرف اسهل الطرق وايسر السبل والمسالك ، يزود بها المسافرين ، ويعرف أيضا أين توجد الغلال الرخيصة والأمكنة التي تفتقر إلى مثل هذه البضائع ، كان يعرف تحرك الجراد ، ويعرف أين تمطر وأين تمحل ، وأين أماكن الصيد الوفير .
وفقدت مرة أخرى في عهد ولده مانع ، ولكنها ظهرت مع ولده غيث الثالث ، _ وغيث الثالث هذا هو جدي ، أي والد والدي ، لم بستطع أن يكتشف قدرات جديدة للمسبحة غير التي اكتشفها غيث الأول والثاني ، غير أن أحد الضباط الإنجليز الذين كانوا يحكمون هذه البلاد كان يستعملها للبحث عن الثوار ، ومخابئ الأسلحة ، جاء هذا الضابط يوما إلى جدي ، وقال له إن مسدسي قد ضاع ، هل تستطيع أن تعرف لي أين هو ؟ لم يشأ جدي أن يبخس المسبحة قدراتها أمام هذا الكافر ، أضمر في نفسه ونام ، وحينما أفاق قال له إنها على جانب طريق ، قرب عبارة ،وثلاث شجرات زعرور ، ذهب الضابط إلى هناك ، فوجده كما اخبره ، فجاء إليه يشكره ، ويقدم له هدية ، وأعلن انه سيكون من اتباع الطريقة الغيثية ، وأعلن انه سيغيّر اسمه من غيشر إلى غيث ، وهكذا اصبح هذا النصراني ببركة هذه المسبحة مسلما، وداوم على حضور مجلسه وحلقات ذكره ، وآمن هذا الإنجليزي بكرامات جدي وبركاته ، ومعجزات المسبحة ، فكان يسأله عن عدد البنادق في قرية ما ، فيفك خيطها ، ويلقيها ، فإذا ما سقطت عشر حبات قال هناك عشر بنادق ، فيذهب إلى القرية ويفتشها فيجد عشر بنادق ، وبنفس الطريقة يعرف عدد الثوار في بلد ما ، أو موقع معين ، أنت الآن تتساءل وتتهم المسبحة بالتواطؤ والخيانة وخدمة المستعمرين ، وتتهم جدي غيث بالعمالة ، بالعكس ، لم يكن من همِّ جدي ذلك ولا فكّر به ، كان صادقا ومخلصا ، حتى مع الأعداء ، لم يستطع أن يكذب أو يمتنع عن الصدق ، ولو كان يعرف عاقبة هذا الصدق .
وبقدر ما تشترط هذه المسبحة أن يكون حاملها اسمه غيثا ، فإنها تشكله على هواها ، وفق إرادة معينة كأنها القدر ، لقد احب والدي _ غيث الرابع _، أن يكون حدادا ، ويبدو أن الحدادة تستهلك وقته وتلوث يديه وثيابه ، فلا يكون قيما مناسبا عليها ، ولا متفرغا للذكر والعبادة ، فحدث أن أقفلت المحددة التي راح يتعلم بها بعد شهرين ، فغادرها إلى محددة ثانية، فاحترق صاحبها ومات ، وحاول مرة ثالثة ، فسقط فيها والدي من شباك ، وكُسر حوضه ، وما عاد قادرا على المشي والحركة، فأجلسته المسبحة خادما ، يظهر معجزاتها وكراماتها الكثيرة .
أما أنا غيث الخامس ، فقد كنت متفوقا في دراستي الثانوية ، كنت انوي أن أكون طبيبا ، وكدت افقد إيماني بما نتناقله عن هذه المسبحة ، لأن الأمور كانت تسير وفق إرادتي ، إلى أن توفي أبي ، غيث الرابع ، وأنا في بداية السنة الثانية ، عندها ما عدت أطيق الجامعة ولا الكتب ولا الدراسة ولا مهنة الطب ، وفقدت القدرة على الفهم و الحفظ، عدت إلى البيت وأنا أومن أني حلقة في سلسلة ممتدة إلى ما شاء الله ، قدر اسبح في تياره ، مكملا كتابة هذا التاريخ العظيم ، الذي ما زلنا نكتبه منذ قرنين أو يزيد ، وما زلنا نضيف إليه الكثير من الورق والكرامات .
اعرف انك تريد مني برهانا ، تريد أن أقوم أمامك بمعجزة ، كي اثبت لك صدق هذه الأقوال والإدّعاءات ، انها عملية صعبة جدا ، لأني لو ضربت بها على رأسك وشفيت من ألمك ، لعزوت ذلك إلى جهاز المناعة الفعال ، وليس ببركة المسبحة ، ليس هذا فقط ، بل ما كانت تفعله من أعاجيب ، ما عادت أعاجيبَ ولا أمنيات ، انظر هذه الفواكه والخضار والغلال ، تنوء بقدرة القاطفين ، ما عاد أحد يطلب البركة لصليبة القمح ، فالآلات تبذر وتحصد وتعبئ بالأكياس ، والقمح من السلع المدعومة ، والأقمار الصناعية تخبرك عن كل حدث فور وقوعه ، دوائر الأمن يمكن أن تعد عليك أنفاسك تتكلم مع أي شخص في أي مكان في العالم ، تفطر في بلد وتتغدى في بلد وتتعشى في بلد ثالث ، يستنسخونك كفقاعات الصابون ، أي معجزات تريدها غير هذه المعجزات ؟
إذن ، فالعجز لم يعد في هذه المسبحة ، بل في قدرتك على تخيل المعجزات ، قديما كانوا يحلمون بالصحة والقوة والخصب والمال الوفير ، يحلمون بالسفر البعيد ، والمعرفة الخفية ، واكتشاف الأسرار ـ والتحليق في عالم أسطوري غريب ، لا يخضع لعقل أو منطق ولكن قل لي ماذا يدور في ذهنك الآن ؟ ماذا تتمنى ؟ هل تحلم بمعجزة جديدة ، هل تحلم بقدرات ومطالب لا تستطيع تحقيقها ؟
حينما يجنح بك الخيال وتشتط بك الأماني ، وترى أنك محتاج إلى معجزة ، فاعلم أن هذه المسبحة قادرة على تقريب أحلامك.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
القصة رقم (28) : المسبــــحة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  القصة رقم (15) : ابن عم خالي
» القصة رقم (29) : اللبــــؤة
» القصة رقم (16) : الوشــم
»  القصة رقم (30) : الأعـــور
» القصة رقم (18) : المفتـــــاح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: