منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
اهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيـل لتتمكن من المشاركة معنا وتتمتع بجميع المزايا للتفاعل مع أسرة سنجل في جمع التراث الفلسطيني وتراث العرب وحكاياتهم الشعبية هذه الرسالة لن تظهر بعد أن تسجل او تقوم بتسجيل الدخول ان كنت مسجل مسبقا!
منتديات سنجل الباسلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى تراثي فلسطيني
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
أهلا وسهلا بكم رواد  منتديات سنجل الباسلة نتمنى لكم أسعد الاوقات

 

  القصة رقم (30) : الأعـــور

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صالح صلاح شبانة
المدير العام
المدير العام
صالح صلاح شبانة


عدد المساهمات : 2459
تاريخ التسجيل : 21/05/2011
العمر : 70
الموقع : الأردن

 القصة رقم (30) :  الأعـــور  Empty
مُساهمةموضوع: القصة رقم (30) : الأعـــور     القصة رقم (30) :  الأعـــور  Emptyالخميس يونيو 09, 2011 8:21 pm

طريد الظل
مجموعة قصصية منشورة
للقاص والروائي
سعادة عوده ابو عراق

القصة رقم (30) :

الأعـــور

لو لم يكن عباس سترالله اعور ، لكان شيئا آخر ، يعيش حياة افضل ، وينعم بمستقبل اعظم، هذا ما يعتقده ويؤمن به ، ولا يبرح مؤكدا لكل من يلتقيه او يحادثه ، قائلا بكثير من الحسرة والأسى : ( كان من الممكن أن ادخل الكلية العسكرية، وان أتخرج ضابطا ، فرصة ضاعت ولم يبق إلا كلمة لو ) .ويتكلم بإسهاب مفعم بالأماني الضائعة :
_ لو دخلت الكلية العسكرية لكنت الآن عقيدا أو عميدا، وهي توطئة لأن أكون مرشحا لرئاسة هيئة الأركان ، أو قائدا للجيش ،أو في أسوأ الحالات قائدا لسلاح الدروع أو المدفعية أو المشاة .
لا يشعرك أن في هذا القول فرضا محتملا ، أو فرصة أفلتت منه ، إنما يرهقك بتفصيلات ثانوية ، كأنه يقرأ لك سيناريو محكما ، فيحسب لك سنة التخرج والسنوات التي تقتضيها كل رتبة ، بل يذكر المهمات والوظائف والدورات والتخصصات والعلاوات وسنة التقاعد ، وما سيوكل له بعد ذلك من مهمات دبلوماسية ، وتستمع له باستغراب وعجب، وتكاد أن تسخر منه ، لما في هذه الروايات من تلفيق ، لولا ما يملكه من خطاب محكم الصنع ، يظلك بكابوس من الوهم فلا تدري ما أنت سامعه ، أحقيقة أم هراء وهلوسات ، لكنك تبقى معجبا بالحديث العذب المسهب ، وكيف أتقن فنَّ القص، وخاصة حينما يقول بثقة وقناعة تامة :
_ لو تقدمت حينئذ إلى لجنة انتخاب المرشحين _ وكنت سليما _ لقبلت بكل تأكيد ، فما لديّ من قدرات قيادية فذة ، تجعلني مؤهلا لأن أكون ضابطا ناجحا .
كم يتمنى عباس ستر الله أن تلغى كل المفردات التي تتصل بعيوب العين ، أعمى ، اعور ، احول ، اعمش ، اشكل، عمص ، بل لا يطيق أن تمر بباله ، أو تأتي عرضا ضمن حديث، ولو سمعها عرضا لرأيته كيف يتغير ، يصمت فجأة ، يتنحنح، يغير وقفته أو جلسته ، بشكل يبدو واضحا ومعروفا لكل من يعرفه ، ولكن بقدر ما يتحاشى الطيبون استعمال هذه الكلمات، فإن الخبثاء يتعمدون إحراجه وإغاظته ، للتقليل من غطرسته وغلواء شعوره بالعظمة .
يبدو وهو على هذا التكوين النفسي العجيب ، اكثر الناس حضورا في الأذهان ، أهل الحي يعرفون بإسهاب تفاصيل الحادثة التي أصيب بها ، غالبا ما يبدأون الحديث بقول أحدهم:
_ لقد ضربه عناد الجوفي دون عمد
فيعلق آخر
_ماذا تعني بقولك عن عمد ؟ ألم تفقأ عينه ؟
فيرد ثالث
_ في ذلك الوقت لم يكن الطب متقدما .
_ لا… كان هنالك مستشفيات وأطباء عيون ، كما هو اليوم ، لكن أباه هو الذي عارض إسعافه الفوري
ويعقب آخر بمرارة :
_ وهل كان على عناد الجوفي أن يضربه لأنه كسر زجاج السيارة ..؟
إنها قصة ساخنة من ربع قرن أو يزيد ، يتداولها الناس ، كقصة تخص حي رويبض وحده ، يتميز بها وتتميز به ، يتوارثونها كحدث تراثي، بالرغم من رحيل عائلات عن الحي ومجيء أخرى ، فالصغار والجدد على السواء ، يرون فيها قصة مثيرة ، أما الكبار فيذكرون ذاك الطفل العنيد الشرس _ عباس _ السلطوي ، عاشق التحدي ، لا يسكت على إهانة من أحد ، فكرامته اكبر من أن تخدش ، واثمن من أن تعوض ، كان يردد المتسامحون منهم ( كل الناس ولا عباس ) ؟ أما الذين لا يطيقونه فيقولون : ( عباس…! أعوذ برب الناس ) هكذا وهو في ذروة عنفوانه ، يشتمه عناد الجوفي شتيمة سوقية ، ناهرا إياه، خشية منه على سيارته ، يأمره بان يلعب وشلته بعيدا ، فلم يطق الشتيمة فوقف متحديا وقال بصوت ممتلئ مشحون :
_ اعتذر وإلا حطمت سيارتك
ما كان يطلب اعتذارا بقدر ما يريد الإذلال انتقاما، ورد الاعتبار بإهانة مماثلة ، لم يكن هناك نديّة ، إنما وقاحة من طفل سفيه ، لذلك فالتجاهل كان الرد ، لم تعجبه نظرات الاستخفاف وصمم على تنفيذ إنذاره ، فعدَّ للثلاثة كإنذار أخير، ثم ضرب السيارة حجرا ، ذُهل عناد ولم يدر أن في يده سلكا كهربائيا ، حينما تفجرت به سورة الغضب ، وضربه مرات كثر _ كما قيل _ بجنون
أما عباس ، فما زال يروي ما حدث بالتفصيل ، كأنه يتلذذ ، فيذكر أن قامته قد طالت ، ولم يشعر بألم قط ، بل يقسم انه كاد أن يقتله ، لولا تدخل الآخرين ، أما الذين هرعوا فقد ذكروا أن والده اقسم بالطلاق أن لن يسعفه قبل أن يقلع عين عناد الجوفي ، وحيث أن الناس لم يروا مكانا لهذه العنجهية ، فقد حملوا الطفل إشفاقا ، إلا أن عباس راق له هذا الموقف ، وأصر أن لا يؤخذ للمستشفى ، وبعدما لم يتمكن أحد من قلع عين عناد ، انتشرت الآلام في مساحات كبيرة من رأسه بما لم يقو على احتمالها ، فسقط مغشيا عليه .
ولم يبق أحد في حي رويبض إلا وأذهلته الحادثة ، فخرج الرجال والنساء والوجهاء والمخاتير والشرطة والتعقيب لتطويق الحادث ، فرفض والد عباس التنازل واقسم ليقلعنَّ عين غريمه ، فوضع في السجن ، وأرغم على قبول عطوة الصلح ، فتعسف في مطالبه ، فباع عناد سيارته التي يعتاش منها ، وباع بيته الذي ابتناه حديثا ، ولم يوفِّ غرمه ، ففر خلسة إلى مكان مجهول .
منذ ربع قرن أو يزيد ، مات أبو عباس ، وترك لابنه ميراثا من الحقد والمكابرة ، تركه لثأر يعيش من اجله ، تركه باحثا عن لذة الانتقام ,
منذ ربع قرن أو يزيد ، وهو يبرر مشاريعه الخائبة ، وخوفه وفشله ، بتلك الحادثة ، يذكر حبه الأول بمرارة قائلا: ( عندما اكتشفت أن نظارتي السوداء ليست طبيّة ، بدأت تنسحب بلطف، انسحاب جندي وجد نفسه في حقل الغام ، تراجعت بحذر ، اهتمت بشكليات لا تقدم ولا تؤخر ، لكن … لا بأس ، سأجعلها تندم كثيرا ) طلبها للزواج فرفضت ، ولم يخبرأحدا إن كانت قد ندمت أم لا .
منذ ربع قرن أو يزيد ، وهو يتلمظ ليوم الانتقام ، فحينما يسمع أن عنادا في استراليا ، يقسم ليذهبن إلى هناك ، ويعد العدة للانتقام ، لكن خبرا آخر يعلمه انه في كندا ، ويبدأ إعدادا آخر ، ثم يأتي من يذكره في المانيا ، ومن يذكره في برتوريكو ، وبلاد لا يدري أين هي ، فيدرك أن عنادا وراء هذا التضليل ، أو انه يهرب حقا من انتقام مروع .
أيمكنك أن تعرف عناد الجوفي _ إذا ما التقيته _ بعد هذا الزمن الطويل ، هل تحمل له صورة ، لا…. ، فمنذ ربع قرن وأنت تحاول الاحتفاظ بملامحه سليمة في ذاكرتك ، انه قميءٌ ، ضعيف البنية ، تجاوز الخمسين ، عيناه صغيرتان مطفأتا البريق ، رقيق الشارب واللحية ، اسمر البشرة ، ولكن .. ؟ألم تعبث بها السنون بعد ؟‍‍ ربما ‍، ولكن ماذا لو مات عناد الجوفي ؟ فكرة قاسية تراودك ، فتقسم على الله ان يهبك فرصة اللقاء والإنتقام.
ها قد تجاوز عباس الأربعين وما زالَ عازبا ، وما زال يفتش عن عمل يملأ عليه غروره ، فعاهته التي سدت عليه كل أبواب الحياة ،تركته مهمشا في أحد المقاهي ، يبحث عن فوز له على طاولة الورق ، لكنه لم يحرزه منذ سنوات ، ويتساءل عن هذا الحظ الذي يناكفه ، ويأبى عليه الانتصار ، لكن الذين يلاعبونه متفقون على تجهيله ، ومسايرته في مقولة الحظ التي ابتدعها ، فخير لهم أن لا يعلم أن نظارته السوداء هي التي تكشف ورقه ، وهو يقربها من عينه الكليلة .
يكاد أن يطلّق فكرة البحث عن عناد الجوفي ، لولا نزيل طيار دخل المقهى ، يستعين بعصا لكي يبقى منتصب الظهر ، لاهثا كأنه صعد للتو درجا عاليا ، أو انزل حملا ثقيلا ، جلس متهالكا على كرسي ، دنا منه صاحب المقهى ، الذي جاء يسأل ما يشربه ، طلب بصوت مطفأ فنجان قهوة ، ثم اخرج ورقة من جيبه ، وقال بصوت لاهث :
_ الله يرضى عليك ، اتصل لي بهذا الرقم ، وقل له عناد الجوفي ينتظرك هنا ، اعطه عنوانك.
انتفض عباس وترك اللعب ،ودنا منه ، متفاجئا خالي الذهن ، وجلس مقابلا له على كرسي وقال كمن سيقتص منه على مهل :
_اسمك عناد الجوفي يا حاج ؟
دنا منه مستوضحا ، فاغرا فما فارغ الأسنان
_ نعم ……
لم يشعر عباس انه يتصنع الطرش فقال بصوت كالمناداة
_ أنت اسمك عناد الجوفي
_آآآآآآ …… اسمي عناد الجوفي
قالها ببراءة لا تخفى ، لكنه أصر على المفاجأة التي سيهزه بها .
_ انا عباس … عباس ستر الله
_ حياك الله ….. خدامة …؟
_ أتذكر الولد الذي ضربته على عينه وقلعتها قبل خمس وعشرين سنة ؟
كانت الجملة طويلة ، تشبث عباس بآخرها مستفسرا ببلاهة :
_ عشرين سنة ؟
لم يشعر مرة أخرى انه يصطنع الطرش ، بل بلغ مرحلة من الخرف لم يعد يعي معها شيئا.
_ أنا سأقلع لك عينيك الاثنتين.
ومد إصبعيه أمام وجهه ، لكنه لم يتفاداهما ، وكأن عباس لم يأت بحركة .
والآن …. ماذا تفعل يا عباس ؟ هاهو عناد امامك جثة تجاوزت الثمانين ، هيكل بشري محنط ، فماذا تقلع بعينين غزتهما المياه الزرقاء ؟ فقدتا الإبصار على بعد شبرين ؟ ماذا تسلب من شخص سلبته الحياة كل شيء ؟
موقف لا تحسد عليه يا عباس سترالله ، تتمنى لو لم تسلمك الحياة إلي هذه النهاية ، فلم تُمنح شرف العفو ولم تظفر بلذة الانتقام .







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://turathmo5ayam.yoo7.com
 
القصة رقم (30) : الأعـــور
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  القصة رقم (15) : ابن عم خالي
» القصة رقم (29) : اللبــــؤة
» القصة رقم (16) : الوشــم
» القصة رقم (18) : المفتـــــاح
» القصة رقم (19) : حلم دجـــاجة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات سنجل الباسلة :: 
القرنـــــــة
 :: قرنة سعادة أبو عراق
-
انتقل الى: