سواليف قاضي معزول
تأليف : سعاده عوده أبو عراق
14- ورقة يا نصيب
أحلام الغنى الفاحش ، والرزقة إللي بتدفع الباب وبتعبر ، ومغارة علاء الدين المليانة ذهب ، إللي ما بدها أكثر من كلمة افتح يا سمسم ، وأحلام الذهب المدفون ، وإللي عليه رصد من الجن ، وما بده غير مغربي شوية زئبق أحمر ، حتى يستجيب لك شمهورش ، وبيسمح بجرار الذهب ، أما في الأيام هذه صارت شي أسمه ورقة يانصيب ، بتشتري من البياع ورقة أو نص ورقة بربع نيرة ، فبيجيك آلافات مؤلفة من الدنانير ، والناس بتحب تحكي عن قصص إللي ربحوا بالصدفة ، أو اشتروا يانصيب بغصب عنهم ، وكل الناس بتتمنى تربح لكن ما بتسخى تشتري نص ورقة بربع دينار .
في واحد شوفير تكسي عمومي ،عنده نفس الأحلام ،بيتمنى يربح لكن ما يده يشتري ورقة يانصيب . ومرة كان في موقف السيارات ، وكانت الحركة هادية ، والشوفرية بتملَّحوا بالحكي ، وبالصدفة مر من جنبهم واحد ببيع وراق يانصيب ، قام واحد من الشوفرية تذكر إللي بيقولوه عن الورقة الرابحة هذا الشهر أنها مفقودة ، وهذه الورقة مبيوعة في هذي البلد ، وصاحبها مش جاي يسأل عنها ولا جايبها ، طبعا هذا الخبر أثار أفكار كثيرة عند الشوفرية ، لكن صاحبنا هذا تذكر قبل أسبوع أو عشر تيام كان مركب زبون ، وبعد ما وصله على المكان إللي بده إياه ، ظرب إيده على جيبته وإلا ما فيه معاه مصاري ، خجل يقول له سامحني ،أو أو الشوقير يسامحه ، فقام طال من جيبته ورقة يانصيب وقال له بكل تهذيب : قدم عذرك ولا تقدم بخلك ، معي ورقة يانصيب اشتريتها مبارح بنص دينار ، شو رايك توخذها وإن شاء الله بعوضك فيها خير ، وعشان كمان أنا ما بدي أشعرإني ركبت ببلاش ، الشوفير كان بده يسامحه ،لأنه شافه محترم ، لكن مع اصرار الراكب أخذها ، وحطها بدون ما يركز وين حطها . ونسي الموضوع .
اليوم اتذكر كل هـ الأشياء هذه ، لذلك صار يفكر باحتمال تكون هذي الورقه هي الربحانه ، وكل ما فكر بالموضوع زاد يقينه إنا الورقة الضايعة ، وفي الأخيرصابه يقين بالفوز ولازم يلقى هذه الورقة وترك شغله وصار يدور عليها .
أولا قام بتفتيش جيوب السيارة ، نظفها ورمى منها كل شي مابده إياه ، ةتحت الكراسي وصندوق العدة والطبون ، وورا المرآه ونظف السيارة من دون ما يدري ، وراح يتذكر شو القميص إللي كان لا بسه قبل عشر تيام ، راح على البيت دور جيوب بنطلوناته وقمصانه وجاكيتاته ، والدزدان والاوراق وفي الخزاين رف رف ودرج درج وتحت الحصيرة وما خلى نتفه إلا نبشها .
ما وقفت الأمور عند هذا الحد ، راح المكان إللي نزل الراكب فيه ، راح يدور على الزلمة ، بلكي شافه صدفة لأنه ما بعرف أسمه ولا عيلته أو من أي بلد ، بيجوز إنه لو لاقاه ممكن يكون سجل رقم البطاقة ع ورقة , سألوه ناس في الحارة ، شوبدك ، عليش بتدور ، عل مين بتبحث ، لكنه خجل إنه يقول عن إيش بدور .
الزلمه صابته حمى اليانصيب ، ببحث عن الورقة وكأنه الرابحة بالتأكيد، وأن المسافة بينه وبين العشر تالاف دينار إنه يلقى الورقة ،راح يسال بياعين اليانصيب من عند مين انباعت ، ورغم كل هذا ما قدر يطلع بشي . لكنه ما توقف فعلة الجسماني ، إنما راح خياله يشتغل ، وتصور إنه ربحان ، وصار يفكر شو راح يساوي بالفلوس ، شو يشتري ، شو يلبس ، شو المشاريع إللي بده يسويها ، مواصفات البيت إللي بده يشتريه ، وكل أحلام اليقظة هذه خلته مخبول ، خلقت مشاكل كثيره بينه وبين مرته وأولاده ، لأنه في نظر مرته صار صبياني مش الزلمة إياه .
أكثر ما جننه وطير عقله ، لما وجد ورقة مكتوب عليها رقم الورقة الرابحة ، فنط من الفرح وقال لمرته هييه ، أنا سجلت رقم البطاقه لما أخذتها من الزلمة ، ونسي إنه هذا الرقم أخذه من الشوقير أول ما سمع بالخبر حتى يدور عليها ، لكن لما قالت له مرته هذي الورقة إللي أعطيتك إياها مبارح وكتبت لك شو الخضريات إللي بدنا إياها ، لكنه قال لها روحي ، إنت ما تفهمي وصدق المنطق إللي بميل له .
الزلمة بعد يومين صار نص مجنون ، لا بشتغل ولا بوكل ولا بنام ، حتى أهل الحاره شافوا تصرفاته الغريبة ، وعرفوا قصته ، وصار مسخرة للي بيسوى وإللي ما بسوى ، صارت الناس تتمهزى عليه وتلعب بأعصابه ، فكانوا يرموا قدام بيته أوراق يانصيب قديمة ، وفي سيارته ، أو يحكوا له أخبار بتحمسه أكثر ، وصار أقرب للجنون التام .
بعد اسبوع من الكابوس المتصل ، بلاقي الورقة مدسوسه في شق عند فتحة السقف ، اتذكر إنه كان حاطتها ونسيها ، فرح كثير لكن شك إنها يمكن تكون لعبة من من اللعبات إلى تعرض لها ، المهم راح على مكتب اليانصيب ، ونسي يقارن رقمها والرقم إللي سجله ،عشان يظل ماسك بطرف أمل ، وهناك قالوا له لما عرض عليهم البطاقة أنها إنوجدت مغسولة في قميص صاحبها ، وكان كل شي تالف فيها إلا الرقم
مرته اشتفت فيه وقالت له ما فادنا إلا حمّة البال ، قال لها لا ، لا أمضينا أسبوع وعندنا أمل كبير عايشين معاه , أخذت نفس وقالت لا... وانت الصادق صرت فيلسوف .