سواليف قاضي معزول
تأليف : سعاده عوده أبو عراق
15- عشاء خيري
ابو محمود موظف محترم يسيط ، ظل واقف على باب المدير ت طلع الظيف الموجود عنده ، ففتح الباب ع المدير ودخل ، لاقاه واقف على حيله وقاعد بصيح وبهاوش مع حالة ، منفعل فانحرج من هذه المفاجأة ، فإذا المدير ما صدق وينتا يدخل عليه واحد ، حتى يلاقي مين يسمع له ، ولما شاف أبو محمود , المدير غير نبرة المهاوشة وصار يشرح بانفعال و يقول ، ناس نصابين سرسية ، عاوزين يلموا فلوس باسم العشاء الخيري، ببيعوا البطاقة بعشر دنانير ، م أنا بجيب فيهم نص خاروف بحاله، وما بنخلصة في اسبوع ، لويش آجي آكل خبزة ومعلقة فاصولية وأدفع حقهم عشر دنانير, شو هي نهبة ؟ وإلا يعني بده يرتفع مقامي ومستواي أكثر لما اتعشى عشا خيري ؟
أبو محمود مش عارف شو بده يقول لمعلمة ، صار يهدّي فيه ، ويقول له الدنيا بتتغير وإحنا بنتعلم من الأجانب ، ولسا ما ظرينا على هيك أساليب ، المدير كأنه فطن فكرة ثانية قام قال ؛ أنا عارف شو بدهم ،المسألة ما وقفت على عشر دنانير، بدهم يخجلونا عشان ندفع تبرعات أثناء الحفلة ،ويخلونا نصير نغار من بعض ونتباها ، وكل واحد يزاود ع الثاني ، هذا ابتزاز ، هذا تخجيل ، هذا قلة حيا ، عشان هيك ما أنا رايح ، ورمى الكرتين إللي أخذهم ودفع حقهم ، قام أبو محمود طالهم وجابهم إله ، مد إيده تياخذهم ، لكنة تراجع وقال ، خلص مش رايح أروح ، أنا مش فاضي ، خذهم إنت ، وروح ع الحفلة إنت ومرتك .
ابو محمود انبسط وما صدق فيها ، لأول مرة بروح لمرته شغلة بتحرز ، حط إيده في جيبته ونادى مرته وقال لها كأنها بنت صغيرة ، احزري شو جبت لك ، استغربت وصارت تتوقع ، لكنها ما حكت خوف تكشف عن إللي بتتمناه ، قالت شو يعني ؟ ما بعرف ، قام طلع الكرتين إللي في المغلف وحنورها فيهم ، قالت شو هذول مكاتيب ، منين هذول ، قال احزري ، قالت ما بعرف ، اعطاها المغلفين وقال افتحيهم ، وفتحتهم ، شافت كرتين عرس قالت فكرتهم زيادة راتب ، قال لها هذول أحسن ، هذول كرتين دعوة إلى ولك لعشاء خيري في فندق ، قالت وأنوا أعطاك إياهم قال أنا اشتريتهم ، كل واحد بعشر دنانير، نفرت وقالت شو ، بعشرين دينار؟،قال له بثقة وتدليل يعني إحنا حرام علينا نعيش ، وراح يشرحلها إنها حفلة معتبرة ، فيها ناس راقيين ، والأكل ببلاش ، وفيها غناني ، حتى الساعة تسعة في الليل ، استغربت وقالت الزلام مع النسوان ، قال آآآ ، قالت له ما بروح ،قال ما تبقيش متخلفة .
المهم أم محمود ظلت تفكر في هالشغلة الجديدة ، تروح ما تروح ، وفي النهاية قررت إنها تروح ، وراحت تستعد عشان تكون في مستوى الناس إللي راح يحضروا هذه الحفلة ، طالت المصاري المحوشتهم في الكجة ، وراحت تدور على محلات الملابس الهاي هاي ، المشكلة إنها مش ظارية على هيك لبس ، وكمان ما بتعرف اسعارها ، لكنها كانت راضية ةهي بتنغلب ، لأنها بتعتقد أنه الغالي سعره فيه ، وكمان اشترت كندرة وغيارات داخلية وعطر ومكياجات وجواهر تقليدية ، مش هذا بس ، أخذت أبو محمود واشترت له بدلة وكندرة وقميص وغرافة ولما ورجت هذه الآشياء لجاراتها بيتعجبوا منين جابت مصاري، ويسألوله شو المناسبة ، بتقول لهم إحنا معزومين على حفلة عشا خيري ، بيسألوها شو معنى عشاء خيري ،فبقول هذه حفلة للناس الراقيين ، فتبرم النسوان شفايفهم وبتقول عشنا واسمعنا بالعشى الخيري ، عندها بتعرف إنها غاظت جيرانها وقهرتهم .
ولما راحت عند دار أخوها . قررت إنها تغيظ مرته مثل ما غاظت جاراتها، وفعلا انقهرت من هذي المقنزحة بنت حماتها ، وطلبت من جوزها يجيب لها بطاقتين ، فخبرها إنه ما اشتراهم ،أعطاه إياهم المدير ببلاش ، قالت له هذا مش مهم ، خلي مديرك يعطيك ثنتين ، قال لها مافيه ، قالت مادخلني دبر حالك ، بدي بطاقتين ، اما الجارات إللي برمن شفايفهن رحن يقل لازواجهن جيب إلنا بطاقات ، وصار الزلام في الحارة تسأل أبو محمود منين جاب بطاقة الحفلات .
أم محمود طلع في راسها فنط جيد ، إنها توخذ معها بنتها سارة ، بلكي شافها واحد من اولاد الميسورين وأعجبته ، أوشافتها مرة بتدور لأبنها على عروس وصار النصيب ، لكن هذي الفكرة إللي في راس الأم ما بفهمها باقي الأولاد والبنات إللي طالبوا يروحوا مثل أختهم الكبيرة ، ما قدرت تقنعهم باللي في راسها ، وصارت مشكلة كبيرة في الدار ، لكن بينت مشكة ثانية وهي إنها بحاجة لبطاقة خاصة ، فراح يدور على بطاقة لبنته ،في الأخير وجد بطاقة مع واحد باعه إياها بعشرين دينار .
ومن الصبح قامت أم محمود تحممت وهي وبنتها ، وراحت ع الصالون صففت شعرها هي والبنت ، وما عملت غدا لأنها هي وجوزها وبنتها راح يتعشوا في الفندق ، تيظل بطنها فاضي وتوكل وتشبع، عملت للأولاد مجدرة ، ولبست فستانها الجديد وكندرتها، وطلعت في الحارة تمشي وتستعرض حالها مع أبو محمود ، حاطة على راسها منديل خفيف ، حتى ما تخرب التسريحة ، وكانت تلبس حجاب ، ووقفت مع جوزها وبنتها ع الطريق يأشروا لسيارات الأجرة ، وكانت شاعرة أن الناس بتتطلع عليها ،وبتغار منها .
المهم طلعوا بالسيارة وراحوا للفندق قبل الموعد بنص ساعة ، لكنهم تفاجأوا بأن الحفلة التغت ، وإللي معاه تذكرة بيرجعها وبيوخذ مصاريه ، إذن شو بدهم يساووا غير يرجعوا على الحارة. وكانوا خايفينى من الناس تشوفهم وهم راجعين ،ويصيروا يشمتوا فيهم ، وخاصة نسوان الحارة ، ومرت أخوها ، وصاروا يتفطنوا وين بدهم يروحوا ،على بين ما تغيب الشمس عمرهم ما طلعوا برا، لآ بعرفوا المنتزهات وين ، ولا السينمات إللي بقولوا عنها حرام ، لأول مرة بيعرفوا إنه البلد ضيقة ، وما فيها شي ، وإنه كل الناس راح تشتفي فيهم .
قال أبو محمود لمرته وهو داخل ع الحارة يتنسنس ، طلعنا وبدنا كل الناس تشوفنا ورجعنا وما بدنا حدا يشوفنا