سواليف قاضي معزول
تأليف : سعاده عوده أبو عراق
27-حجاب للحرامي
في قرية كان اسما بلد الشيخ حميد ،لأنهم بيقولوا كان فيها شيخ أسمه الشيخ حميد ، وكان هذا الشيخ الكل في الكل ، هو اللي بوذن الفجر ، يعني ببدا اليوم مع أهل البلد ، لما يصلي فيهم الصبح في الجامع ، وفي رمضان فببداها معهم لما يصير يطبل بالسحورحتى يصلي فيهم التراويح ، يعني مستلمهم من الليل لليل وفي رمضان بيمنع أي واحد حابب يكسب معاه أجر السحور ، لأنه بخاف يشاركه زكاة الفطر ،عشان ما في له معاش من حدا ، ولا شغلة يترزق منها ، ولا أرض يفلحها ، عشان هيك بوخد كل زكاة المال والثمار يعني بيطلع له خمس شوالات قمح ، غير العدس والفول والحمص والزيت ، أما الفواكه فلا تسأل ، بيجيه بدون حساب ، عنب وتين وخوخ وتفاح ، بيكون مكومهم في بيته ، هذه الأشياء بيوخذها عن طيب خاطر ، وبتعبر عن احترام الناس له ، أما إللي بتعبر عن شخصيته ، فشغلات ثانية ، فما واحد بسمي إبنه إلا ويسأله ، فبيفتح القرآن ، وبيقرا أول كلمة بتقع عينه عليها ، فمعظم أولاد البلد أساميهم مثل الفلق وممنون وحريص وضحى ، وأسماء ما بتخطر على بال ، بيوخذ على كل اسم جاجة ، وكمان تعلم طهور الاولاد ، رغم إنه في واحد حلاق بيطهر قبلة ، إلا إنه قال : الحلاق بيطهر طهور نصراني ، وطلعها في البلد إشاعة ، وبعد سنتين واحد فطن إنه النصارى ما بيتطهروا ، لكن بعد ما أخذ كل الزباين ، ويعدين صار يداوي كل الأمراص ، كيف ؟ كان كل ما إجا مريض بيشكي من شي ، بيطول له كتاب الطب النبوي لابن القيم وببلش يقرا ويشخص ، وبيقول أنا بداوي على السنة ، وبيعطي أدوية إشي مدقوق ، وإشي محروق وإشي منقوع ، وإشي مدحبر ، والناس بتشرب ، فإن شفيت بتقول هذا من الطب النبوي ، وإن ما شفيت بتقول ألله ما كتبلنا نطيب ، وكمان صار بيفسر الأحلام ، يطول كتاب ابن سيرين ويقرا ويكشف الغيب ، وصار بعدها يفتح البخت ويبيعهم أحلام ، تطمنهم على مستقبلهم ، ويساوي حجابات ضد الحسد والغيرة والعين، وعشان المحبة وعشان ييجي العريس، أما التفريق بيقول حرام ما بيعملها ، لكنه بساوي أدوية وحجابات للحبل وبفك سحر الرجال المربوطين .ويعني ما في شي ما بسويه وبقدر عليه . ومش هيك بس، فكل عرس له قرص ، ما في جاهة إلا بيكون أولها ، وكل عزومة بيكون على راسها ، وكل ميت بيغسلة وبصلي عليه وبيدفنه ، وبيقرى لروحه القرآن ، وكمان بيطلق وبيكتب كتاب العرسان ، وبيوخذ النصيب المعلوم من تحت طرف الفرشة .
الشيح حميد صار اسطورة ، لا يمكن حدا يشك في قدراته ودينه وتقواه وورعة، ولا حدا بيستجري يحكي عليه كلمة ، مش لأنه بيخاف من الناس إللي بحبوه وبيحترموه ، إنما بخافوا يدعي عليهم ، أو يسلط عليهم الجن إلي بحكم عليهم ،أو يعمل لهم حجابات تضرهم .
كان في البلد واحد اسمه مصلح ، مش قادر يشوف الشيح حميد مثل م الناس بتشوفه وكأنه نبي ، لا بغلط ولا بضعف ولا بزوغ ، مصلح بيعمل حاله أهبل وعلى نياته وما عنده منطق بالحكي ، لكن بيعرف إنه كل الناس إللي بتفاصحوا وبيعملوا حالهم شاطريم ، هم في الحقيقة عاوزين يكونوا فصحين ، يعني هم لا شاطرين ولا فصحين.، فما حب يبرهن بالكلام لكن بالممارسة .
مرة وهم قاعدين بحكوا عن الشيح حميد إللي شايفينه ولي من أولياء الله ، وشايفينه بخدم الناس كأنه ميت واحد ، ولا بطلب شي أبدا ، كان مصلح في طرف المجلس بيسمع ، وما كان عاجبه الحكي ، قال شو رايكم اثبت لكم إنه غير ما بتتصوروا ، قال له واحد اتق الله ، أحسن ما الله يلوق لك وجهك ، قال تبايعوا ، قالوا على إيش ؟ إنه الشيخ عونطجي ، ومش مثل ما بتقولوا، أنا بثبت لكم بشرط ، قالوا شو؟ ما تحكوا للشيخ إللي بدي أساويه ، وثاني شي بدي اثنين يشهدوا معي ، قالوا طيب .
ثاني يوم أخذ ثنين وقال لهم تعالوا معي ، لكن لا تدخلوا معي على الشيخ ، وقفوا برا ، وهو دق ع الباب ودخل ع الشيخ ، وقال له يا سيدي الشيخ بدي تعمل لي حجاب عشان لما اروح اسرق ما حدا يشوفني ، قال له هذا حرام ، قال له انت بتعمل الحجاب بعشر قروش ، خذ عشرين ، فكر الشيخ شوي وبما إنه عارف إنه مصلح أهبل وعلى نياته إجاه على قد عقله وقال بعملك ، طال ورقة وكتب عليها ولفها بشكل مثلث وأعطاه إياها وأخذ العشرين قرش ، وطلع وورى الزلام الاثنين الحجاب وقال لهم هذا عشان أسرق وما حدى بيشوفني ، لكن استنوا اشوي حتى يطلع يوذن العصر ، وقبل ما يطلع الشيخ من الدار نزل على بصلان الشيخ إللي في الحنان إللي تحت الدار وصار يخلع فيهم ، لما إطلع الشيخ شاف مصلح قاعد بيسرق البصلات ، قام صار يصيح عليه ، قال طيب والحجاب إللي عملت لي إياه ، عشان ما واحد يشوفني ، قام قال له أنا بشوفك لكن غيري ما بشوفك ، قام قال للزلام الاثنين ، أنا شايف الشيخ ، إنتو شافين الشيخ إللي أنا شايفه ؟