سواليف قاضي معزول
تأليف : سعاده عوده أبو عراق
25- طالب مش تلميذ
في الخمسينات كانت المظاهرات وسيلة للمطالبة بالتغيير ، مثل ما هو دايما بين االشعوب والأمم .وقتيها ما كان عندنا جامعات فيها طلاب كبار متعلمين وواعيين وفهمانين ، فكانت الأحزاب تعتمد في حركتها على طلاب المدارس وخاصة الثانوية ، فكانوا وهم طالعين من المدرسة بعملوا مظاهرة وهم مروحين من المدرسة بيعملوا مظاهرة , جننوا الشرطة إللي كان عددها قليل في هذاك الوقت ، أو لأن الشرطة كانت إيديهم رخوة ومش ساخيين في اولاد خمستعش وستعش ،فراحوا جابوا قوات بادية عشان تقمع المظاهرات .
في هذاك الوقت كان وزير الداخلية واحد من مخلفات القرن التسعتش ، متقاعد من الجيش العثماني ، بيعرف إنهم أولاد مشاغبين ، والآولاد لازمها تربية ، وإذا ما تربت على الطاعة واحترام الأوامر ، والطاعة التامة معناها ما بصير لا حكم ولا سلطة ، يعني تربية انكشارية ، عشان هيك أصدر فرما ن ، أيوه فرمان هيك كان يسميه مثل ما كان يسميه على زمان تركية , والزلمة مش داري إنه الزمان تغير ، وإن المظاهرات عبارة عن مطالبات مشروعة بالتغيير ، عشان هيك مش عارف شو إللي بصير ، ومش عارف كيف يعالج الأمور ، لكن حسب ما هو متعلم في الإدارة إنه ما بجوز قيادتين وحدة للشرطة ووحدة للجيش ، فلذلك أعطى ألقيادة للشرطة ، ووجه فرمانه لقائد الأمن العام .إللي قال فيه { يا قائد الشرطة ، أمرناك أن تقبض على كل التلاميذ الشياطين إللي في الشوارع ، إللي بتظاهروا والماشيين كمان ، لأنه مشيهم مثل مشي المتظاهرين ، لا تخلي ثنين يمشوا مع بعض ، لأنه الاثنين بصيروا أربعة ، والأربعة عشر ة ، دوروا ع التلاميذ في الباصات والحارات ، وتأكدوا من هوياتهم إنهم تلاميذ وإلا لأ ، إذا كات تلميذ امسكوه واحبسوه ، وإذا كان مش تلميذ دشروه ، ما بدي اسمع باسم تلميذ بالمرة ، مفهوم ...! }
لكن سبحان الله كان مدير شرطة متعلم وفهمان ، لأنه دارس في بريطانيا ، وبعرف تمام شو واجبات الشرطة ، وما كان يوم من الأيام واجباتهم يطاردوا صبيان ويمسكوهم ويضربوهم ، كمان بيعرف إنه ما في جيش في العالم من عقيدته الركض ورا أولاد ، لأنه هذا بقلل من هيبة الشرطة والجيش ، وما بيعطي نتيجة مليحة ، لذلك صار يفكر كيف بده يرضي وزير الداخلية ، وفي نفس الوقت ما يخالف عقيدته الشرطية والعسكربن ، قرا فرمان وزير الداخية كويس مرتين وثلاث ، وبعدين ألله فتحها معاه ، فوزير الداخلية ضد التلاميذ مش الطلاب ، عشان هيك راح يصدر أوامرة بالقبض على التلاميذ مش الطلاب .
ثاني يوم راح على مكتبة وطال ورقة وقلم وكتب ، إلى كل أقسام الشرطة والمخابرات ووحدات الجيش المساندة ، عليكم الالتزام بالتعليمات التالية .
1-القبض على كل من يثبت عليه بأنه تلميذ وإحضاره لي شخصيا
2- بجب التنأكد من أنه تليذ وليس شيئا أخر ، كأن يكون طالبا أو نجارا أو بياع ترمس ، أو شحادا
3- إطلاق سراح كل من لا يعترف بأنه تلميذ
4- التأكد من أنه يحمل هوية تلميذ
5- للتنفيذ فورا دون إبطاء
لما ودّى الورقة على الطباعة ، قرراها الطابع وصار يضحك وما صدق إنه مدير الشرطة بكتب هيك ، راح وداها لرئيس الديوان شافها وضحك واستغرب ، حملها وراح على المدير الإداري عشان يشوفها، فتعجب كما ن ، رغم إنه عارف خط الباشا كويس ، حمل الورقه ودخل ع المدير ، أدى له التحية وقال وهو محرج ، إنت كتبت هذه الورقة ، ضحك وقال آآآ, انحرج أكثر وقال هذا مزح وإلا جد ، قال له هيك مزبطة بدها هيك ختم ، الوزير قال اقبضوا على التلاميذ بنقبض على التلاميذ وبس ، وبنتاكد إنهم تلاميذ ، إحنا ما بنخالف أوامر الوزير ، المدير الإداري فهم استغباء المدير ، ووداه على الطباعة ، وسحبوه على الآلة الناسخة ، وأرسلوه على كل الوحدات الميدانية .
في اليوم الثاني كانت الشرطة توقف الأولاد وتقول لهم أنت تلميذ أو طالب ، فإن قال طالب يقولو له روح وإن قال تلميذ ، يمسكوه ويحطوه في السيارة ، ولما بصير يحتج ويصرخ ليش مسكوه ودشروا غيره ، يقولوا له هذاك طالب ، بقول لهم يعني...؟ يقولوا له إحنا بندور ع التلاميذ ، يقول لهم وأنا طالب كمان ، يقولوا له إي قول من زمان إنك طالب مش تلميذ ...!
شاع الخبر إنهم بدوروا على التلاميذ مش الطلاب ، وصاروا ينكتوا على غبا الشرطة والجيش إنهم مش قادرين يعرفوا إنه التلميذ هو الطالب ، واتعرضت الشرطة للمسخرة والبهدلة ، قام طلع ضباط وضباط صف للمدير بيقولوا له شو هذا الشغل اتبهدلنا ، قام مدير الأمن العام قال : خليهم يظحكوا عليك ميت مرة أحسن ما تعيط أم على ابنها مرة وحدة ,
في بيت شعر بيقول :
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي
أنا متغابي وأنتم متغابون ، بكرة بتفهم الناس قديش كنا حكماء في غباءنا