سواليف قاضي معزول
تأليف سعاده عوده أبو عراق
29- الليلة الثانية بعد الألف
من زمان سمعت إنه الف ليلة وليلة كان اسمها إلف ليلة وليلتين ، لكن الخليفة المستزيد العباسي حذفها ، وصارت الف ليلة وليلة ، هذي معلومة ما بيعرفها ناس كثير ، لكن من كثر ما تابعت الكتب القديمة والمخطوطة ، لقيت القصة المحذوفة في احدى مكتبات تمبكتوا في مالي ، واسمعوني وطولوا روحكم علي ، لأني راح أقصها مثل ما قريتها هناك .
القصة بتحكي عن الخليفة المستند على الله ، في زمن سلاطين البويهيين ، إللي استولوا على الخلافة في بغداد ، وصار الخليفة ما إله شغلة ولا عملة غيرمجالس الأنس ، يقعد فيها ويسمع الأغاني من القيان والرقص من الجواري ، والسمّار يحكوا له القصص والنوادر وكمان بيسمع قصايد المدح ، يوكل ويشرب وآخر دلال ، لأنه عنده سلطان بويهي ما بوفر عن جهده جهد ، بيعمل كل شي وما ع الخليفة غير يوافق ، مبين الخليفة المستند ما اعجبه هذه الخطة المرسومة لحياته ، فحب يمارس واجباته المكلف بيها ، وما يقتصرحكمه على الجواري والخدم فقط ، فصار بده يستقبل السفرا إللي من برا ، ويشرف على العطايا ، ويزور الجند ويتفقد السوق ، ويحضر سباق الخيل والمبارزة بالسيوف ، بعني أهل بغداد صاروا يعرفوا إنه في خليفة ، وانبسطوا إنهم صاروا يشوفوه ، لكن هذا الشي ما أعجب السلاطين البويهيين ، وقرروا إعدامه ، وقبل ما يعدموه صاروا يفكروا في الشخص إللي راح يحطوه خليفة بعده ، فطنوا لواحد من العباسيين هرب على سامراء ، لما اختلف مع أخوه ، وما حدا سمع عنه من عشرين سنه ، المشكلة إنه ما واحد بيعرفه ، المهم دوروا على واحد كبير بالسن ، بإمكانه يعرفه ، وراح يجيبه في موكب ، ليلة ما سافروا يجيبوه مات الخليفة المستند على الله في الحمام إللي مليان بخار، لما صبت عليه راسه الجواري زيت بيغلي ، وثاني يوم أعلنوا موت الخليفة ، وشيعوا جنازته والشعرا رثوه بقصايد طوال ، وفرقوا عن روحوا الحلوا وأعلنوا الحداد عشرة أيام.
الختيار إللي راح على سامراء استطاع إن يسأل عنه ويتعرف عليه ، وجده صار كبير وما بيقدر يساوي شي ، قفال خذوا ابني المستزيد ، المستزيد كان عمره فوق الثلاثين ، لبس لباس الملوك وركب على فرس جابوها له مخصوص ، وطلع في موكب كبير فيه طبل وزمر مشوا فيه أهل سامراء لخارج البلد ، وودَّعوه وظل ماشي .
وفي الطريق ، من بين هالوديان طلع له هالحرمية ، وقفوا لهم بوسط هالطريق وقالوا لهم أرفعوا أديكم ، شلحوهم أواعيهم ، وأخذوا إللي معهم وبدهم يوخذوهم عبيد يبيعوهم في البصرة ، لكن الستزيد ، اعتقد لو يقول لهم إنه خليفة ممكن يعفوا عنه وبيمرقوه وبيحترموه ، لكن لما قال لهم المستزيد إنه الخليفة الجديد ، زعيم الحرمية اندهش ، وصار يفكر شو بده يعمل ، في الأول صار يسأل ويتأكد من الكلام ، فشاف إنه صحيح ، فكر إنه يجبر الخليفه إنه يحطة سلطان ، قالوا له إللي معاه : ممكن يحطك لكن ما بتعرف وينتا بيغتالك ، دشر الفكرة وقال نوخذه أسير وبعدين بنطلب فدية ، لكن شافها خطيرة . قام راح يسأل الختيار إللي معاه ، مين بعثه قال السلطان عزيز شاه ، قال له والسلطان بيعرفه ، قال له :لا ، شيخ الحرامية دارت في راسه فكرة ثالثة جهنمية ، لما شاف الخليفة وجماعته عريانين مربطين وقاعدين ، وقال لجماعته قطع روسهم كلهم ، وأول ما قطع راس الخليفة المستزيد ، وبعدين الحرس إللي معاه ، وظل الختيار إللي جابه ، ولما بده يقطع راسه ، كان ناشف مكانه ، فقال له ، أنا مش راح أقطع راسك على شرط تتعهد لي في إللي بقوله ، قال له وهو بيرتجف اشرط ، أنا تحت أمرك ، بس لا تقتلني قال أولا بتقدمني للسلطان عزيز شاه إني أنا المستزيد ، قال له بأتعهد ، وثاني شي بتحكي لي في الطريق أسرار القصر ، ومين إللي كلمته مسموعة ، قال له بحكيلك , وثالث شي بتقتل السلطان عزيز عشان أحطك سلطان مكانه لما اتنصب خليفة ، قال بقتله ولا يهمك ، أصلا هذا إللي بدي إياه ، قال له لعاد قوم إلبس أواعيك إللي شلحتك إياهم ، وكمان قال لجماعته إلبسوا أواعي إللي قتلتوهم ، أما هو فشلح أواعيه ولبس أواعي المستزيد المزركشة بالحرير والذهب ، وتركوا حميرهم في الواد وركبوا الخيول الأصيلة المشرشبة ، وتابعوا مسيرهم لبغداد ، ولما وصلوا قريب من بغداد ، لقوا نص بغداد طالعين يستقبلوهم ، وثاني يوم أعلنوا تنصيب الخليفة المستزيد ، وعملوا أفراح وموائد للناس وغنى المغنين ، وورقص الراقصين ، والشعرا قالوا قصايدهم في مدح المستزيد ، بأنه دره في سلالة العباس بن عبد المطلب ، وإنه أشجع الشجعان وأكرم الأكرمين ، وأنه أتقى الأتقياء ، وثالث يوم انقتل السلطان عزيز شاه ، لأنه وقع عن السلم وانكسرت رقبته ، وفي اليوم الرابع مسكو كل أتباعه وزلمه وحاشيته وقطعوا روسهم كلياتهم ، وفي اليوم الخامس إللي لازم فيه يصير الختيار سلطان بدل عزيز شاه ، ثم قتله يسهولة وببساطة ، ولا حدا دري فيه ، أما في اليوم السادس فكان شيخ الحرامية الخليفة المستزيد وفيا لأفراد عصابته ، وجعل أحدهم قائدا للجند ، ووصاه إنه إي عمل لازم يعملة لازم يقول هذا في سبيل الله ، وحط واحد ثاني رئيس العسس ، عشان يعد ع الناس كم شهيق بيخذوا في اليوم ، وحط ثالث مأمور العطايا ، حتى يعطي الذهب والفضة للي بستحقوها من الأوفياء المطيعين الشاكرين لفضله ، واحد رابع مفتي الخليفة عشان يفصل القرآن والحديث على قد الخليفة ، أما في اليوم السابع فقد استراح الخليفة المستزبد على عرشه ، وجاءه الشعراء يمدحونه ، وحاءه الوجهاء ووفود القبائل يبايعونه
وبعد ميت سنه أمر المستزيد الرابع بحذف هذه القصة من كتاب ألف ليلة وليلتين لتصبح ألف ليلة وليلة ،
وبعد ألف سنة بالتمام والكمال ، اعتبر غينس سرقة الحرامي المعروف بالمستزيد للدولة أكبر سرقة في التاريخ وأدخلها في مسوعته المعروفة بموسوعة غنس .