سواليف قاضي معزول
تأليف : سعاده عوده أبو عراق
6- تلفزيون ملون
لما طلع التلفزيون الملون ، كان شغلة عجيبة ، وكان الكل يتمنى يصير عنده واحد ، وخاصة الأولاد ، لكن سعره الغالي كسر في خاطر الناس ، وخلاها تتحسر ، لكن شو بدهم يساوو، فصارت تروح تسهر عند قرايبهم وجيرانهم إللي عندهم تلفزيونات ملونة ، بحجة إنهم مشتاقين الهم ، وكان في واحد مسكين عنده تلفزيون مهكع أسود وأبيض، دايما يشوش ، لا صوت ولا صورة ، وصار بده تغيير ، فما بقدر يشترى تلفزيون أسود وأبيض لأنه موديله راح ولا يقدر يشتري ملون لأنه سعره غالي ، وهو محتار ومحرج مع اولاده وعيلته ، ويوم من الأيام ما شاف إلا واحد من قرايبه جاي من الكويت ، ومعاه سيارة مليانة عفش ، نزل عنده وطلب منه يدور له على بيت يحط فيه عفشة ، لأنه ناوي ينهي شغله هناك ويستقر ، فبالصدفة وجد له في الحارة بيت وسيع ونظيف ومستقل وقريب عليه ، وفعلا نزل العفش في البيت ، ثلاجة وغسالة وتلفزيون ملون وسجاد ومراوح وغيرها، ونام هذيك الليلة وثاني يوم خلى عنده مفتاح الدار وسافر ، الاولاد شافوا التلفزيون وصاروا ينطوا ، ويقولوا خلينا نتفرج عليه ، مهو محطوط محطوط ، فقال لهم عيب نستعمل أغراض غيرنا بدون إذن ، لكن مرته راحت تفول مثل اولادها ، شو رايح يصير بنتفرج عليه أكم يوم بنقضي فيه شهوة الآولاد ، ولما برجع بعد شهرين بنرجعه ، ، الزلمة مش قادر يقاوم ، قام راح فتح الباب وجاب التلفزيون ونصبه وفتحه ، إلا بالصورة الملونة بتوخذ العقل ، قعدوا انبسطوا ، والاولاد بطلوا يقروا دروسهم والجيران صارت تيجي تسهر عندهم ، وبعد أكم يوم صارت الكهربا تتذبذب فوق وتحت ، انحرق التلفزيون ، لا صوت ولا صورة ، وهون وقع المحظور ، وصار الزلمة يحط الحق ع المرة والمرة على الآولاد ، والاولاد على بعضهم ، أخذوه على المصلحين فما عرفوا يصلحوه ، قالوا بدنا المخطط ، هذا نوع جديد ، شو بدهم يساووا ، منين بدهم يجيبوا حقة ، وكرامتهم فوق كل شي ، مابيتحملوا كلمة من ابن قرايبهم ، لا بقدروا يعرضوا عليه حقة ، ولا يطلبوا منه يسامحهم ، فلازم ولا بد أن يشتروا مثلة ، بس منين بدهم يجيبوا حقة ؟ وحقه ميتين دينار كاش ، وهو ما معاه عشر قروش ، ولازم يشتروا من هان لشهرين قبل ما ييجي ، ما بينفع اللوم ، فقرر يقيم من راتبة عشرين دينار ، يعني ربع راتبة على حساب المصاريف الأساسية ، أما الزوجة فراحت تترجى جارتها انها تساعدها في تشطيب الثياب إللي بتخيطهم ، بخمستعشر دينار في الشهر ، أما الزلمة ، فراح بعد الظهر لموقف سيارات السرفيس ، حامل ابريق شاي يبيع للشوفرية والكنترولية والناس الماشيين ، حتى يحوش له دينارين ثلاث في اليوم ، يعني يحوشلة سبعين ثمانين دينار في الشهرين ، حسبوهم على بعضهم ، طلعوا ما بيكفوا ، لكن المرة باعت اسوارة ذهب وكملت على الميتين دينار ، وقبل ما ييجي باسبوع وصوا صاحب لهم رايح ع الكويت يجيب لهم تلفزيون مثلة تمام ، وفعلا جابلهم تلفزيون بورقته من هناك ، وحطوا وارتاح ضميرهم ، وقالوا لو إنّا حوشنا المصاري واشتريناه إلنا مش كان أحسن .
المهم بعد أكم يوم إجا الزلمة من الكويت هو وعيلتة ، وجاب معاه باقي عفشه ، لكنه لا حظ التلفزيون إللي في الكرتونة ، وقال هذا مثل تلفزيوني ، لكنه مش إلي ، تردد الزلمة وارتبك وما دري شو بده يقول ، لكن في الأخير اعترف له بالحقيقة ، وما في مجال إلا أن يشتري واحد مثله ، سأله عن الخراب إللي صار ، قال له ما بعرف ، اتفقدة ، وحطه في الكهربا ، وسحب فيوز وحط فيوز ، فاشتغل التلفزيون ، كأنها مسحة رسول ، بهت الزلمة مش عارف يفرح وإلا يحزن ، فقال له : هذا النوع من التلفزيونات ، في فيوز بيشتغل صمام أمان ، إن زادت الكهربا أو ضعفت بينحرق الصمام بس ،وما بنحرق التلفزيون ، ومعاه واحد سبير ، بينحط بداله ،
عندها شعر ان جبال نزلت عن ظهرة ، وهم انزاح عن صدره ، حمل التلفزيون بكرتونته وراح ع البيت وقال لمرته وهو بركب فيه : الصدق مش بس بنجي ، الصدق بربح .