قصص أطفال
سعاده عودة ابو عراق
نديـــــم 5
نديم لم يولد في عمان، بل في الغربة قبل سنين خمس هناك ، ... صمم والده أن يجعل منه مثاليا ، ينشئه كما يهوى، يخشى أن يتعلم من أولاد الحارة سقط القول ، وخُلق السوق .
نديم نظيف دوما ومرتب ، وله قول مفهوم ومهذب ، قريب من شكل الفصحى ، قليل الأصحاب ، أو دون رفاق يلعب معهم ، في البيت ثراء يغني عن باقي الناس ، العاب الحاسوب وأفلام الفيديو ، مجلات ، كتب للأطفال ، يلاعبه البابا دوما أو يقرأ معه قصصا وحكايات ، يصحبه في رحلات للنزهة أو لحديقة حيوانات .
نديم لم يبلغ خمسا بعد، يأخذه البابا للروضة ، ويوصيه بشدة أن لا يجلس مع أحد ، أو يشركه بالأكل وبالشرب ، واعتاد على هذا الوضع وهذا النمط المتعالي ، وسُرَّ أبوه إذ نجحت خطته ، وصار كما يأمل منه أو يبغي .
يعود نديم إلى عمان ، يدهشه أولاد الأعمام وأولاد الخالات والأخوال ، جمهور من أطفال يحسبهم روضة ، ولهم لغة لم يتعودها ، ألفاظ لم يعهدها ،ويحاول طاقته أن يحدس معناها .
نديم محتار، فهو في وضع محرج ، لا يستوعب هذا الكم من الألفة والترحيب ، لم يألف نطق الكلمات ، يبدو دون عواطف أو أفكار ، محدود الذهن ، يتكلم مثل خواجا ، فأثارَ الغيظََ في أحد الأطفال ، فقال بلا رأفة :
_ أنت حمار ....
هي شتم دون جدال ، لكن ... لم يفهم معنى الشتم ، فلماذا يوصف بحمار وادع؟ مستغرق دوما بالتفكير ، فهناك ما هو أسوأ أو أقذر أو أشرس ، شاهدها في حدائق الحيوان، إذاً... سيرد ويشتمه بها ، عبأ حقدا ثم صرخ :
_ أنت أسد ، نمر، حصان ، غزال ، زراف ...!!
ضحكوا منه ، فتعجب من مجتمع لا يغضبه الشتم .
12/5/09