قصص أطفال
سعاده عودة ابو عراق
حسام 6
ما أعذب هذي الخطوات الأولى ، متثاقلة إذ يخطوها حسام ، تتبعه الأعين في شغف ، ترقبه بغبطة ، يهوي القلب إذا ما يتعثر أو يسقط ، يتكئ على الكنبات وعلى الحيطان والأبواب ، ويعاين ما شاء بيمناه ، يتذوقه بفمه ، تبهره البقع الحمراء والألوان، ينظر مبهورا وهو يلامسها ، يدخل إصبعه في حفر يلحظها وزوائد يسحبها ، تجذبه ألوان فاقعة ، أو أضواء لافتة .
حسام يسعى نحو التلفاز الموضوع على طاولة منخفضة ، يحث خطاه العُجلى صوب سطوع من نقطة ضوء أو ومضة ، يغمره إحساس بالقدرة ، فغدت قدماه تطيعان يداه ، يملك بهما الحركة ، يستعرض قدراته ، يحظى بالتصفيق وبالإعجاب ، يشعره بكيان و حضور .
وصل التلفاز، تسبق نظرتُه قدميه ،حط على دائرة سوداء تتوسطها نقطة ضوء ، يوشك أن يسقط ، لكن يضبط توازنه ، تطول كفاه البقعة ، يتلمسها بأنامل صار يحركها ، يضغط في الحال عليها ، ينطفئ التلفاز ، يصرخ من كان يتابعه محتجا ، ينظر مغتبطا مسرورا ، يتبسم ، يستشعر نصرا ، إذ صار في مرمى الأنظار ، يهبُّ وسام كالمغلوب على أمرة ، يشعله ، فتضيء البقعة ثانية ، تتحداه ، تحفز فيه جسارته ، تثير مكامن قدرته ، يعود إليها ، يتلمسها ويطفئ جذوة ومضتها ، يشتعل الصخب كما الثورة ، يتعرض حسام للتهديد ، لكن حسام يعرف كيف يلوذ بحضن الجد ، يكمن منتشيا بالنصر مثل طير حمام .
صارت لعبته الفضلى ، تشعره بالذات وبالقدرة ، يستمتع إذ يحتج الأخوة والأخوات ، اقترحوا رفع التلفاز على طاولة أعلى ، لكن هذا الجد المستمتع بالحركات ، قال : سأجعل هذا التلفاز يضيء بلون أصفرا في وقت يطفئه ، هذا يجعلة لا يهرب ، بل يبقى ويعيد إشعاله .
13/5/09