قصص أطفال
سعاده عودة ابو عراق
فريــــــــد 9
هذا" فريد " شديد الذكاء ، يحب الهدوء المهيب ، يمارس فيه التأمل ، لا تدري ماذا يشغل باله ، بلغ الخمس ولم يدرس في الروضة بعد ، لكن يمتعه رقص السرو على جنبات الزيتون الخامل ، وأنين السيارة يحزنه وهي تنوء ،ووقع الخطو، وبيع الكعك ، يعجبه أكثر بائع ترمس ، يحمل فرشا خشبيا يتأرجح فوق الرأس ، مملوء بالترمس والفول ، يتمايل أثناء المشي ، يوازن ما يحمل فوق الرأس ، يحمل في يده كرسي شاهق ، يضع الفرش عليه حين ينادي:
- زاكي يا ترمس
يأتي الأولاد فرادى من كل زقاق ، مثل النحل ، أو سرب حمام، ما أجمل هذا الشغل وما أسعد هذا البائع ، إذ يملأ منهم كيس نقود .
فريد راوده إعجاب ما ، أسلمه هذا الإحساس إلى فعل آخر ، أحضر صينية قش ، وازنها فوق الرأس بجهد واضح ، حمل شيئا كالكرسي ، وراح ينادي كالبائع :
_ زاكي يا ترمس
يُلين الصوتَ ، يمد الترمس فوق النغم الرائق ، يتحرك بتثاقل كي يعطي وزنا للترمس ، ويوازن ميل الصينية بالخصر وبالرقبة ، حتى يبدو كالراقص فوق منصة سيرك .
نادى في حوش الدار كثيرا ، حتى أشبع هذه الشخصية تصويرا ،أشعرة بالمتعة والقدرة والراحة ، وأسمع من في البيت نداءه ، فُتح الباب ، أطل البابا والماما والأخت الكبرى والجدة ، ضحكوا من ظرف المنظر ، عجزوا عن فهم المشهد ، قالوا:
- هل يعجبك بيع الترمس ؟
- هل تتدرب كي تصبح بائع ؟
- لا بأس ، سأنقع لك كيلو ترمس
اهتزت من فوق الرأس الصينية ، سقطت ، وشبه الكرسي سقط ، واستسلم خجلا ، من هذا الاستهزاء ، من فعل لم يعجب أحدا . قارفه في لحظة نشوة .
15/10/2009