قصص أطفال
سعاده عودة ابو عراق
عمــــــار 10
عمار يتمايل كالبطة في المشي ولا يسقط ، له خطوات تومض في صندله الاحمر ، تتبعه النظرات وتنتبه الآذان حين يرافق الومضة لحن جرس ، يمشي ما شاء له المشي على ساحات تمتد من الباب إلى الباب ، يتفقد ما في البيت من أشياء أو يستعرضها ، عمار يملك هذا الكون بوضع اليد , يتناول ما شاء بيسر ، يحمله ، يهرب به ، تتعب كفاه فيتركه ، في بعض الأحيان يعطيه هدية للماما أو للبابا ، تُلثم كفه ، يشعر بالفرحة والانجاز.
ما أكثر هذه الأشياء الملقاة في كل مكان ، ذات الألوان البراقة، تجذب عينه ، تدفع يده كي يمسكها ، يتذوقها ، يعض بأسنان ما زالت تنمو في فكه ، تستصرخ عن بعد أمه:
- انظر ماذا يأكل عمار ...!!
هذه اللعبة يتقنها ، يتلذذ كالمدمن بالأشياء ، لا يدري كيف غدا يتأملها ، ينقلها ، يسقطها ويدحرجها ، يكسب حبا وقبلات ، لكن مرات تؤخذ منه ، تسرق متعته فيها ،يحتج ويبكي ، يحرد تحت الكرسي ، ينسى ما أغضبه ، تعثر كفاه على شيء آخر، يتأمله ، تخفيه الكف ، يهرب نحو الشرفة ، يكمن في وضع لا يلحظه أحد ، لكن يأتي من يأخذ من كفيه غنيمته .
دوما تؤخذ من عمار الأشياء ، ويعطى أشياءً لا يرغبها ، ها هو يحمل ولاعة ، يحكم قبضته ويواريها ، يهرب نحو الشباك ، يصعد كنبة ، لا ينظر نحو أحد ، كي لا ينظر إليه أحد ، يرميها خلف الشباك ، كي لا تسلب منه ، ستظل الآن له وحده .
لم يعرف بعد الأسلوب الأمثل كي يحفظ أملاكه ،عرفوا كل مخابئه ، لكن هذا القرش اللماع، كالعادة يتذوقه ، يحرص أن لا يفقده ،أين يخبئه ،لكن حين رأته الماما ، لم يتمكن أن يهرب ، بل أطبق فكيه عليه ، وتقوقع كي يحفظه .
صرخت ماما في هلع :
- ابتلع القرش ...!!