الثعلب
صورة تراثيه شعبية من وحي القرية القديمة
بقلم الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
أول مرة عرفت الثعلب باسمه التقليدي (ألحصيني) عندما اصطاده أحد جيراننا بالفخ ، وعاد به كالأسكندر الفاتح ، وحضرنا مراسم ذبحه وسلخه وطبخه ، وإن لم نذق لحمه ، لأن أحدا لم يدعنا لذلك الشرف ، حيث فرك ذيله الكبير أولا بحجة أن دمه يجتمع في ذيله ، ثم أنامه مبطوحا على جانبه وذبحه ، ثم سلخ قليلا من قائمتيه الخلفيتين ، حتى أظهر عند المفاصل ثقبين ، قام بتعليقه بكلاّب على شجرة وأتم سلخه ، وقام بتمليح جلده ليصنع منه فروا ، ويبيع ذيله لسائق شاحنة ، ليزرعها على (بوز)السيارة ، كما كانت تقاليد ذلك الزمان ....!!!
يقولون : إن لحم ألحصيني لذيذ ، مع أنه مفترس ومن ذوات الناب ، ولا يفرق عن الكلب شيئاً، ولكن لأيام الجوع تلك ، فنون بالتحليل والتحريم ، وقد نأتي على سياقات أخرى بأحاديث لاحقة (إن شاء الله تعالى)...!!!
وعرفت الثعلب ، وأعجبت به شعرا عندما كان مقررا في المحفوظات قصيدة رائعة لأمير شعراء العربية أحمد شوقي في قصيدة رائعة عنوانها (الثعلب) ومطلعها يقول :
قد سمع ألثعلب أهل القرى ، يدعون محتالا بيا ثعلب
فقال حقا هذه غاية في الفخر ، لا تؤتى ولا تطلب
وفكرة القصيدة أن الثعلب أغتر بهذا الإطراء وسأل نفسه ، لماذا لا يزورهم ويريهم من كمائن وبدائع حكمته وحيلته ، لعلهم يحيون له احتفالا يليق بمقامه ، يحضره الديك والأرنب ، وهما من أحب الوجبات إلى نفسه ، وذهب بالفعل ، وقام بهم خطيبا ، فأخذوه من أذنيه وألقوا به للكلب الذي يعشقه كعشقه للديك والأرنب ، فمزقه شر ممزق ...!!!
وهنا يقول الأمير شوقي الحكمة :
فلا تثق يوما بذي حيلة ، إذ ربما ينخدع الثعلب
ومرت بنا قصة الثعلب الذي نزل يشرب بالبئر ، وبعد أن ارتوى حاول الخروج ولكنه لم يستطع ، فجلس منتظرا متفكرا بحيلة تخرجه من مأزقه ، فإذا بعنزة تطل إليه من الأعلى وتسأله عن ماء البئر ، فيخبرها أنه قرر الإقامة بالبئر وعدم الخروج منه ، لعذوبة الماء ، وطلب منها سرعة النزول لترى بنفسها ، وهنا قفزت العنزة فتسلق ظهرها وخرج ،ونصحها أن تحتال لنفسها ، ولا تستسلم للغباء ، وتركها وذهب في حال سبيله ، متباهيا بنذالته ، فالغاية تبرر الوسيلة كما قال أحدهم ...!!!
ومن بدائع حيل الثعلب أن البراغيث أغارت عليه ذات يوم وأراد أن يتخلص منها فلم يستطع ، وأخيرا اهتدى إلى حيلة طريفة ، إذ بحث عن خصلة صوف ، وأمسكها بين فكيه ، ثم توجه إلى مستنقع راكد من الماء ، فنزل فيه ببطْ بقائمتيه الخلفيتين ، واندفع بجسمه ببطء إلى الخلف ، فصارت البراغيث تنتقل إلى الجزء الأمامي من جسمه ، فلما غمره الماء انتقلت البراغيث إلى رأسه وأخيرا عندما غطي الماء رأسه انتقلت إلى قطعة الصوف ، وهنا ترك قطعة الصوف مع البراغيث لتواجه مصيرها المحتوم، وخرج من الماء فورا...!!!
وذكر الإمام الشافعي رحمه الله قائلا :
كنا في سفر في أرض اليمن ، فوضعنا سفرتنا لنتعشى ، وحضرت صلاة المغرب ، فقمنا نصلي ثم نتعشى ، فتركنا السفرة كما هي ، وقمنا إلى الصلاة ، وكان فيها دجاجتان ، فجاء ثعلب فأخذ إحداهما ، فلما قضينا الصلاة أسفنا عليها وقلنا :
- حُرمنا طعامنا ..!!!
وفيما نحن كذلك ، إذ جاء الثعلب وفي فمه شيء كالدجاجة ، فوضعه ، فبادرنا إليه لنأخذه ، ونحن نحسبه الدجاجة قد ردها ....!!!!
فلما قمنا جاء إلى الأخرى ، وأخذها من السفرة ، وأصبنا الذي قمنا إليه لنأخذه ، فإذا هو ليف مثل الدجاجة ....!!!!
والثعلب : حيوان مفترس ذكي ، يتميز بالدهاء والمكر ، وهو عدة أنواع :
1- الثعلب الأحمر : ويعيش في النصف الشمالي من الكرة الأرضية .
2- الثعلب القطبي : ويعيش في شمالي منطقة الغابات ، ولونه رمادي في الصيف ، وأبيض في الشتاء .
3- ألفنك : ثعلب صحراوي ، يستوطن شمالي إفريقيا ، ويتميز بأذانه الكبيرة المنتصبة .
4- الثعلب الرمادي الأمريكي : وهو على ما أظن أخبث أنواع الثعالب ، وهو يتسلق الأشجار.....!!!!