مين علمك الذوق
صورة تراثية لمثل شعبي
بقلم: الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
مثل مأخوذ من قصة عن الحيوانات وتقول القصة :انه تمكّن اسد وذئب وثعلب من اصطياد غزال. عندما سأل الاسد عن طريقة مقترحة لاقتسام الفريسة، اعطى الذئب رأيا هو أن لكل من شارك بالصيد نصيبه، فلم يعجب رأي الذئب الاسد ، فركل الذئب ركلة رمته في الهواء، فصار معلَّقا على شجرة مقتولا. عندئذ قال الثعلب عن اقتراحه لاقتسام الفريسة: الرأس لفطورك، الفخذان لغذائك، والباقي لعشائك. عندئذ سأله الاسد (ميَن علّمك الذوق) ، فأجاب الثعلب: (المعلَّق فوق) . اي انه تعلم الذوق بعدما شاهد ما حدث للذئب....!!!
وهذا المثل للجبناء والسلبيين ينفع في زمن القمع ، وهو أكثر الأزمنة وجودا على بني الأنسان ،حيث السلطان الغاشم الذي يقيم حكمه على الظلم ، وكرسيه من الجماجم والعظام ، بل هو مثل الدبابة ذات الجنزير الذي يهرس اللحم والعظم ، ولعل القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني هم أكثر الضحايا ، وخصوصا عند تحريم الجهاد ، والتمسك بأهداب الحياة الذليلة التي أدّت إلى هذه النتائج المخزية ، وصرنا كرة بين أقدام الأمم ، وهذا أحد الأمثال السلبية ، فكان على الثعلب الخبيث أن يدافع عن حقه مثل الذئب الذي يقاتل حتى الموت ولا ينثني ، ولا ينسحب ، حتى ولا للتكتيك ، لأنه مفطور على المواجهة ويعشق الشهادة ، ولا يلعق النعال مثل الكلب ، أو يصطاد بالماء العكر مثل الثعلب....!!!!!
عبد القادر الحسيني مزق شهادته في حفل التخرج احتجاجا على سياسة بريطانيا ، وحمل السلاح وقاتل بكل رجولة ، وحتى معركة القسطل كانت محسومة لليهود ، وهو من العائلات الفلسطينية الثرية والمرموقة ، وكان بإمكانه أن يحافظ على امتيازاته في عهد اليهود ، دون أن يخون ، فقط أن يهادن ، أو يكف فقط عن قيادة الثورة ، ففعل فعل الذئب ولاقى ربه شهيدا مترفعا عن السقوط إلى فعل الثعلب الخسيس..!!!!!
وهنا تكمن البطولات والرجولة ، وهؤلاء الذين يدخلون التاريخ الأبيض...!!
كلنا نعرف كيف أبى صدام حسين توجيه كلمة واحدة للمقاومة ، ويأخذ ما يريد من الأمتيازات ، ولكنه رفض لأن المقاومة هي التي تؤجج الكرامة ، في حين غيره صرح بقرف أن (إذا كانت المقاومة تقتل شعبنا فنحن لا نريدها) ولم يشفع له هذا المنزلق الرهيب بمصافحة نتنياهو ولا ليبرمان ، وان كان أتاح له تقبيل الجوكر الأمريكي (كوندليزا رايس) ، البائد مع ذلك العصر المظلم الكريه ولو كانت تعشق الرجال كبنات جنسها لما قبلت تقبيله ، وكان بنظرها ليس أكثر من تسيفي ليفني عشيقتها الغالية ...!!
الذئب يرمز في هذا القول إلى الشجاعة والقوة والبأس والتمسك بالحق ولو الموت دونه ، فكم من الأموات داخل القبور هم أحياء خالدون بيننا ، وكم من الأحياء على ظاهر الأرض هم أموات رائحة جيفهم تزكم الأنوف ، آثروا الذل على العزة...!! نحن عندما نذكر الأبطال نحني هاماتنا إكبارا وإجلالاً لذكراهم العطرة ، وعندما نذكر سواهم نبصق احتقارا لهم ...
إننا نحيي الذئب الذي أبى أن يتساهل بحقه ، ووقف أمام الأسد كندٍ ، مع أنه يعلم أن الأسد أقوى منه ، وانه قد يفتك به ، وهذا ما حدث ..!!!!
كم يشبه هذا الأسد الشهيد العظيم الرئيس الخالد صدام حسين الذي علم كل الأجيال القادمة أن الموت شهادة أسمى ما على الأرض والوجود ، فزادته الشهادة قوة وعظمة ، فهو كان قد قارب السبعين ، وكم سيعيش الأنسان بعدها ؟؟
لذلك أبى أن يختم عمره الحافل بالعطاء خائفا من الموت والموت حق ، بل بالشهادة ، وما عند الله خير وأبقى...؟؟؟
إن الله عز وجل حفظ لنا كرامتنا بالعزة والفخر ، شرط الجهاد والشهادة ، ومن تركهما أذله الله ، فكان الذئب شهيد الحق ، وكان الثعلب صفيق الباطل ، له أشباه في الأمة كثيرون يقتدون به ،
فا للذئب الرحمة وللثعلب الخيبة وللأسد يوم يذوق به وبال أمره ، والرحمة والرضوان على شهداء الأمة ، واللعنة والبهتان على كل أعداء الأمة
