سقط من الجماعة واحد
حكاية شعبية تجري على الواقع
بقلم :الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
يحكى أن أحدهم كان كريما ، يحب أن يقري الضيوف ، وتكون موائده عامرة للناس ، ولكن لحكمة شاءها الله سبحانه أحب امرأة صارخة الجمال ولكنها كانت شديدة البخل وتكره الضيوف ، واشترطت على الرجل أنها حتى تصبح زوجته ، عليه أن لا يدعو للبيت ضيوفا إلا بأذنها وموافقتها ، ولم تحِدْ عن هذا الشرط ، ولكنه أمام جمالها الصارخ رضخ موافقا على شرطها الكريه ، ممنيا النفس تغييرها مع الأيام والعِشرة ....!!!
وبعد الزواج حاول الرجل تغيير أطباع زوجته ، ونزع فتيل البخل من نفسها ، فقد كان كريما ، وكان على رأي المثل (يكرم ويزرم) ...!!!
وذات يوم أخبرها أن رجلا كبير القدر ، كبيرالأهمية آتِ ولا بد من دعوته وتكريمه ...!!
وبدأ يزين لها صفاته الحميدة ، ومزاياه الكريمة ، وخصاله العريقة ، حتى رضخت ووافقت على استقباله شريطة أن يوافيها بأخبار الطعام وأرغفة الخبز أولا بأول وكل ما أكل الضيف رغيفا عليه أن يخبرها أول بأول....!!!
ووافق الرجل على مضض ، ولكن العقد شريعة المتعاقدين ، وكان شرطها للزواج أن لا يكون للضيوف في حياتهم مكان ، وهو قد وافق وعليه أن ينفذ الشرط ، ولم ينجح بنزع فتيل البخل من نفسها وتغيرها إلى الجهة الذي يريد...!!
وتمت دعوة الضيف ، وقدم له الطعام وجميع الأرغفة التي كانت في البيت ...!!
وأثناء تناول الضيف الطعام ، كان المضيف يحدث ضيفه عن القرية وشؤونها ، وكانت الزوجة تستمع اهتماما بالخبز ، وليس اهتماما بقريته وتراثها ، وعليه من خلال حديثه يخبرها بأخبار الخبز أولا بأول ، فقال :
- في الحقيقة يا ضيف الرحمن ، أنه حدث نزاع بين عائلتين في القرية ، وكمن أحدهم لرجل من العائلة الأخرى ، ولمّا اقترب منه فإذا به يطعنه بسكين كانت معه ، فأرداه قتيلا ..!!
وقد كان الضيف في لحظتها قد أكل رغيفا كاملاً ، فعلمت الزوجة أن أحد الأرغفة قد سقط قتيلا في بطن الرجل ...!!
وأحس الضيف أن الرجل يرسل رسائل مشفرة لزوجته ، وأن هناك مغزى من إثارة هذا الحديث المشفر ، ذلك أنه كان على قدر كبير من الذكاء والفراسة ...!!!
ومضى الضيف في طعامه ومضى المضيف بحديثه ، حتى كاد الرجل يلتهم الرغيف الثاني فقال المضيف :
- ولم يقبل أهل المغدور الإستسلام ، ورفضوا السكوت على قتله ، وكَمَن أخوة المغدور لأحد أخوة القاتل ، وأردوه قتيلا ...!!!
فعلمت المرأة أن رغيفا آخر قد أصبح في بطن الضيف ...!!!
فأدرك الضيف أن المقصود بالقتيل هو الرغيف ، فأحب أن يغيظهم ، فأخذ يمسك الأرغفة فيمزقها واحدا بعد الآخر ويلقي بها ، وأراد الزوج أن يبلغ زوجته فقال :
- ثم حدث هرج ومرج ومشاجرة عنيفة والتحم بها الجانبان وبدأ الضرب والطعن ، حتى لم ينجُ أحدا من إصابة أصابته ، وأدركت الزوجة أن الأرغفة قد تعرضت للضرر ، فصارت تولول وتصرخ : (يا حسرتي يا ضيم حالي من اللي حصل لي وجرالي ...!!!
وسأل الضيف عن شأن الزوجة ، فقال له الزوج : إن القتلى والجرحى الذين سقطوا من أبناء عمومتها وأقاربها ، وكلما تذكرتهم تندب عليهم وتصيح ...!!!
وكان ذلك الضيف هو آخر ضيف حل على مائدتهم ، وبعدها خيّرَت الزوج ، إما طلاقها ، وإما دخول الضيوف إلى دارها ... وامتنع الرجل عن الكرم ، وعن دعوة الضيوف للمحافظة على بقاء بيت الزوجية عامرا ، وإن كان حزينا إلى النتيجة ، إلا أنه اتبع قول المثل :
- (إذا حظك عظمه قرقشها) ...!!!