يا مْرَحْرَح..يا مْلقلق
حكاية شعبية تجري على الواقع
بقلم :الداعي بالخير صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
هناك مثل شعبي يقول (يا مرحرح لا تترحرح ، اللي راح راح ، ويا ملقلق لا تتلقلق اللي إلك إلك) وقصة المثل كما بلغتنا :
يحكى أن رحالا (صانع حلوس الحمير) ، كان له محلا في إحدى المدن ، يصنع الرحالات للحمير والبغال ، والسروج للخيل ، ويبيع بعض الأساسيات للفلاح مثل الفؤوس والمحاريث والحبال ، وما يلزم من ملحقات الحمار التي تنفع للمواسم والفلاحة ...!!!
وكان الرجل يحتفظ بماله و(غلة العمر) في صرة من القماش خبأها بحلس كان يعرضه كنموذج وليس للبيع....!!
وذات يوم طرأ له أمر ما ، غادر المحل وترك ابنه مكانه يبيع ويشتري ، ريثما يعود ..
وجلس الابن مكان أبيه ، وأثناء ذلك دخل أحد الفلاحين لشراء حلس لحماره ، ووقع نظره على الحلس المعروض ، ووقع في نفسه موقعا حسنا وقرر شراءه بأي ثمن ، وأنزله له ، وباعه له بمبلغ محترم قياسا لأسعار الحلوس ، ودفع الرجل المال وأخذ الحلس وخرج ...!!
ولم يلبث صاحب المحل وأن عاد ، ومجرد ما أن دخل حتى نظر إلى مكان الكنز ، الحلس الذي يحتوي على تحويشة العمر ، ولمّا لم يجده غاص قلبه بين ضلوعه ، ومادت الأرض به ، وسأل إبنه عنه ، فقال بفرح : بعته لك بمبلغ لا يخطر على بالك ، بعته بمبلغ (125) قرشا ...!!!
وجُزع الأب عند سماع ذلك الخبر المشؤوم ، وصفق كفا بكف أسفا على ما حدث وقال : لقد أضعت تحويشة العمر وخربت بيتنا ، فما العمل الآن ..؟؟؟
ولم تكن باليد حيلة ، فالرجل أخذ الغنيمة الباردة ومضى ، ولا تعرف له هوية ولا شخصية ..!!!
وصار طلب المال من المحال ...!!
وكما يقول المثل : (راحت السكرة واجت الفكرة) ، وعاد الرجل إلى صوابه ، وليس بالإمكان غير ما كان ، وليس من اللائق أن يبقى الرجل على حاله اليائس والحزين ، وتذكر المثل الآخر والذي يقول : (يا مرحرح لا تترحرح اللي راح راح) ، أي ما مضى قد مضى ولا سبيل إلى رجوعه ، وصار يردد هذا المثل ليخفف عن نفسه وقوع المصيبة ، ومضاعفة العمل لتعويض ما قد حصل ، وانكب على عمله بهمة ونشاط ، شعاره (يا مرحرح لا تترحرح...)...!!!
ومضى زمان طويل وقد يأس الرجل من عودة ماله إليه ، وطلب العوض من الله الكريم الذي يرزق من يشاء ، وينزع الرزق ممن يشاء ، آملا بالله أن يرزقه بدل ما ضاع منه ....!!
وذات يوم فيما هو منهمك بعمله إذ دخل عليه فلاح وبيده حلس قد تآكل وهو يلومه لوماً شديدا لأنه باعه حلسا ثمينا ، وهو لا يساوي المبلغ الذي اشتراه به ...!!
ورقص قلب الرّحال فرحا عندما رأى الحلس الذي لا يخفاه ، وراودته أحلام جميلة تعيد ماله إليه ، وأخذ الحلس من الفلاح بعد أن اعتذر له ووعد أن يصلحه له على حساب المحل ، ولكن ذلك يحتاج لمدة من الزمن ، عليه أن يذهب ليقضي بعض شؤونه لساعة من الزمن ، ثم يعود فيجد الحلس وقد تم إصلاحه ...!!!
وما أن أدار الرجل ظهره حتى سارع إلى الحلس ، وفتحه باحثا عن صرة المال ، وكم كانت دهشته وفرحته التي لا توصف عندما وجد الصرة على حالها ، وما أن فتحها حتى وجد المال على حاله ، وعندها أضاءت الدنيا بنورها بوجهه ، وفرح فرحا شديدا وحمد الله تعالى على ذلك وردد المثل الذي يقول ( يا ملقلق لا تتلقلق اللي إلك إلك ) ، أي أن ما لك سيعود اليك ، وما ليس لك محرم عليك...!!!!!!
وهذه هي تصاريف الدهر ، نشاء ويشاء الله ، ولا يكون إلا ما شاء الله ...!!!
