بقول المثل - 14
صور تراثيه شعبية من وحي الأمثال الشعبية
بقلم الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
الأمثال الشعبية هي جزء التراث الشعبي .. ومراجع يومية لعلاج المشاكل أو التنفيس عنها على الأقل .. والأمثال الشعبية حكم ومأثورات فلسفية خرجت ببساطة من أفواه البسطاء .. وتناقلناها عبر الأجيال .. وتقال في مواقف معينة .. وتتسم في معظمها بالطابع الساخر .. وسر خلودها يرجع لأنها ليست بدعاً أو ّتقاليع وإنما صادرة من العقل والقلب للإنسان البسيط ، وهي خلاصة للتجارب الإنسانية الحية على مر العصور....!!!
ولا يوجد شعب من شعوب العالم إلا وله أمثاله والحكم . وأغلبيتها باللهجة المحكية الدارجة ، ومنها باللغة العربية الفصحى ، والقرآن الكريم زاخر بالقصَص والأمثال لسهولتها
وسلاستها وعمق معانيها وصدق مراميها...!!!
1 - قالوا للسعدان بدهم يسخطوك ، قال : أكثر من ها لقفا لِحمَر : تقال من باب عدم المبالاة ، وأن ما به أكبر مما سيلحق به ، أو سيصيبه ، فهو غير آبه بأي شيء ، ويقال في هذا الباب : (إيدك وما تعطي)....!!!
2 - أعمى ويصلح ساعات : تقال للذي يعمل بعمل لا يتناسب مع قدرته ، فالأعمى لا يمكن أن يكون مصلح ساعات ، لأن المهنة تحتاج إلى بصر ثاقب ، بل ويضع الساعاتي عدسة مكبرة على عينه ليتمكن من البراغي الدقيقة ...!!!
3- القرعة بتتباهى بشعر بنت أختها : تقال للعاجز عن فعل شيء ، ويفتخر بمآثر الغير ، كالقرعة الذي حرمها الله من زينة الشعر ، فصارت تتباهى وتفتخر بشعر ابنة أختها ، وهذا عيب البعض الذي يتباهى بمآثر الغير ، ولا ينظر إلى افلاسه ...!!!
4 - ألتم المتعوس على خايب الرجا : تقال في معرض التهكم على شخصين جمع الفشل والخيبة بينهما ، وتقال للنذلين تآلفت قلوبهما وجمعت الصحبة بينهما ، وتقال أمثال أخرى شبيهة مثل (سير التف على مداس ) ، و (عدي رجالك عدي من لِقرع للمصدي) و(طير في السما طقع ، كل من على شكله بقع) ، ويقال : (الشبشب والقبقاب عملو الاتنين صحاب.....!!!
5 - المتعوس متعوس ولو حطو في قاعه فانوس : أي أن سيء الحظ ليس له فيما يسعى ، وأين ما يولي يجد الفشل والخيبة ، حتى ولو أشعلوا في مؤخرته فانوسا ، وعليه أن يستسلم للأمر الواقع ، وهذا المثل يحض على السلبية ، لأن الحياة مستمرة ، وهو لا يدري متى ينزع الله النحس عنه ...!!!
6 - لبس البوصة بتصير عروسه : أي ان للملابس قيمة للإنسان ، ولها أهمية بنظرة الناس اليه ، حتى لو ألبست البوصة ، أو عود القصب ثيابا جميلة لأصبحت بجمال العروس ، وقد قيل (أمرق عن عدوك جوعان ، ولا تمرق عنه عريان) ، فهو لا يرى معدتك المتضورة ولا يشمت بك ، في حين ان كنت عريانا ، فهو يرى عريك ويشمت بك ، وذلك لأهمية الملابس والهندام وتأثيرها على النظرة الأولى للشخص ساعة يراه ، وقبل التعرف إلى جوهره ....!!!
7 - أصلك فعلك : ويحض على الجهد والعمل والاعتماد على جهدك وذراعك ، وتلك المآثر الحقيقية التي يصنعها الإنسان ، وليس أولئك الذين يفخرون بغيرهم ، فلماذا لا تكون مثلهم ، فأصلك هو جهدك وجهادك في الحياة ، وهذا أصلك الحقيقي...!!!
8 - الحيه ما بتنحط في العب : أي أن الأفعى عدوة تقليدية لك ، ولا يمكن تدجينها ، والأمن من ناحيتها ، والمثل يقصد عدم أمان العدو والاغترار به ، وخصوصا إذا كان العداء عقائديا ، وبينك وبينه دم ، فإذا صالحته فكن على حذر منه ، وكما قال المثل العربي (إذا صالحت الذئب فاجعل فأسك حاضرا) ولا تثق بعدو حتى لو صالحته ، وكذلك : (الحيه ما بتصير خيّه) ...!!!
9- الحيه ما بتعض بطنها : ويدل المثل أن الأفعى لا تخون نفسها ، ولا تؤذي بني جنسها ، وتعض فقط من بينها وبينهم عداء ، بعكس الأنسان الذي يخون ويقتل نفسه ، عندما يحتكم إلى عقله الخرب ونفسه الخبيثة ، وقيل أيضا : (الغراب ما بنقر عين أخوه) الذي يعطي نفس المعنى...!!!
10- الزن على الآذان أبلى من السحر : أي أن الحديث المتواصل ، وخصوصا في التحريض ، له أكثر من تأثير السحر ، ويؤدي إلى قلب المعايير وتحقيق أهداف الذي يستعمل أسلوب (الزن) ، وهو الهمس والوسوسة المتواصلة بلا هوادة ...!!!
11- أذن على اذن غلبت السحر: ويعطي نفس المعنى السابق ، والمثل يعني الإشاعة وتأثيرها السلبي على من هي موجهة اليه...!!!
12- يا نحلة لا تقرصيني ولا بدي منك عسل : أي أن الاتجاه الذي يؤدي إلى الأذى لا نريده ، فإن كانت النحلة ستعطينا عسلا وبالمقابل تقرصنا ، فنحن في غنى عنها ، لا نريد عسلها ولا قرصاتها ، ويضرب المثل على وجوه كثيرة ليس لها حصرا...!!!
13 - قالوا للكذاب احلف قال قرّب فرج الله : يقال للذي يجد القسم الكاذب فرجا له ، وفي صيغة أخرى (قالوا لأبن الحرام إحلف يمين ، قال قرّب فرج الله) ، للدلالة على عدم تصديق الخائن ، والمشهود له أنه لا يخاف الله عز وجل ، ولا يتقيه ، فمن الأحرى أن لا تطلب منه اليمين الغاشم ..!!!
14 - فى الوجه مراه وفى القفا مذراه : تقال للذي يظهر لك بمظهر المحب ، وكأنه المرآة ترى وجهك وكأنك أنت الذي تتكلم ، ولكنه من وراء ظهرك يروغ بك كما يروغ الثعلب ، فلا يترك صفة سيئة إلا ونعتك بها ، ويذرو سيئاتك كما تذرو المذراة صليبة القمح ، مع عدم دقة التشبيه ، حيث المذراة تذرو الرزق والخير ، ولعل السجع هو السبب ...!!!
15- سكتنا له دخل بحماره : للدلالة أن التهاون يؤدي إلى الأسترسال ، ومثله : (ركبناه ورانا ، مد إيده عَ الخرج) ، والأصل عدم السكوت ، وقطع الأمور والحلول ، والبت بها ، وعدم تركها في مهب الأرياح تخفق بها كيفما تشاء ، وعدم الركون لأنصاف الأمور ، بل وضعها في مداراتها الطبيعية ...!!!
16 - يا حافر البير وموسع مراقيه ما داهية لا تقع انت فيه : المثل يدل على الحذر من العواقب ، فإذا أردت أن تؤذي أحدا ، أو تنصب له فخا ، فاحذر لعلك تكون المصيود ، بعد أن خططت أن تكون الصياد ، وكم من ديكتاتور بنى السجون والزنازين ورسم سياسة الضيق والخنق ، وكان مصيره هناك ليقضي بقدر ما فعل وبما صنعت يداه الآثمتين من جور وتنكيل ، ومثلها : (يا باحش جورة السوّ يا واقع فيها) و في المثل العربي (من حفر لأخيه حفرة أوقعه الله فيها) ....!!!
17 - الغول أكل كل الناس إلا مرته : للدلالة على مكانة الزوجة ، ومحبتها واحترامها ، وأن الزوج لا يمكن أن يتسبب بأذى لشريكة حياته ، وهي القاعدة السائدة في الحياة ، ولكل قاعدة شواذ ، وضرب المثل بالمخلوق الأسطوري الخرافي الذي كان يأكل البشر ، وهو الغول ، أنه أكل كل الناس إلا زوجته ، مع أن زوجته من المفترض من صفة غير صفة الناس ، فهي جنيّة مثله كما تروي الأساطير عن ذلك ...!!!
18 - من أمنك لا تخونه ولو كنت خاين : للحض على الأمانة والوفاء والخلق النبيل وعدم الأنزلاق بمزالق الخيانة ، وأن للأمانة حرمتها ، وأن لا تخون من ائتمنك حتى لو كنت خائنا ، والمثل يبالغ بالمثالية ، فكيف لا يخون الخائن ، والخيانة طبعه وفي دمه ، ومن ائتمنه قدم له الفرصة الذهبية ووفر عليه عناء الرسم والحفر للأصطياده وقنصه ؟؟
ولكنها الأمثال الشعبية تبالغ بالمثالية...!!!
19 - اللي ما لوش مالوش تدبير : للحض على الشورى وأخذ رأي كبار السن ، ذوي التجارب ، للأخذ عصارة السنين منهم ، والكبار أهل العقل ولا يجوز التهاون برأيهم ، بعيدا ، أو مع الأراء الفجة للوصول إلى الأهداف السامية ، وقال الشاعر :
ولا خير بالناس بلا سراة ، ولا سراة إذا جهالهم سادوا ...!!!
20 - التاجر لما يفلس يدور في دفاتره القديمه : الإفلاس وهو الخسارة التي تلحق بالإنسان فتلقيه في مهاوي الردى ، وعندما يفلس أحدنا ، تاجرا كان أم غيره ، يبحث في دفاتره القديمة لعله يجد دينا بائدا يحيه ، ولعله يجد موقفا يستطيع النهوض به ، وهكذا وقد لا يجد أبدا ، وقد لا يفلح بإحياء ما مات...!!!
