ليلة تراثية عالمية
بقلم صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
من ليالي الزرقاء مدينة الثقافة الأردنية شاهدنا ليلة لا تنسى ، امتزج بها الفن العالمي ، والمحلي ، وكانت الحوشيات النشميات لمطرب الرمثا إغريقيات وبلغاريات بيضاوات مثل شق اللفت ، وتجلى الفن بأبهى صورة راقية ، وكانت عروض في غاية الروعة ، وخصوصا لمن يشاهد ثقافات الشعوب التراثية لأول مرة ، حيث يبرهن التراث على أنه حافظة لقلوب البشر ، وأنه يوحد ما تفرقه السياسة ، لأن السياسة مرحلة والفن جذورعميقة ...!!!
كانت ليلة اختلطت بها الألوان الزاهية والفنون الراقية ، وثقافات الشعوب ، تجمع بينها جذور الثقافة العربية الإسلامية التي زرعتها الخلافة الإسلامية العثمانية في كل من اليونان وبلغاريا أثناء وقوعها تحت الحكم العثماني ولقرون عدة...!!
هذه الآثار الجميلة كانت سائدة وظاهرة من خلال لباس الفرقة اليونانية المحتشمة والمطرزات والمناديل الملونة للنساء والمحرمة باليد والرقصات التي تشبه إلى حد بعيد رقصة (الخرسون) في الريف الفلسطيني ، ولباس الرجال الشروال الذي يظهر به غوار الطوشة ، وكذلك فنان الشعب أبو صياح ، والطواقي ، وحركات الرقص والدبكة ، والموسيقى الشرقية والإيقاعات الجميلة ، وما عدا اللغة التي لم نفهمها كان كل شيء شرقي بامتياز...!!!
وأذكر عندما كنت أقيم في أمريكا فقد كنا نشتري حاجيات الطعام العربي من المحلات الإغريقية مثل زيت الزيتون والطحينية وورق الدوالي المكبوس والجبنة البيضاء ، ومسحوق الفلافل ، والحلاوة ، والدبس والقهوة العربية والتركية الأكسبرس ، ومكبوس الزيتون وكل ما نحتاج إليه ، لتشابه الصفات بيننا وبينهم ، حتى على عداء إسرائيل كنا نتفق ، وأنا أتحدث عن أفراد لا عن سياسات دول وحكومات ...!!!
وكذلك الفرقة البلغارية التي كانت قريبة من حضارتنا بعروضها التراثية والفلكلورية مما يدل على الجذور التي تركتها الحضارة الإسلامية في بلغاريا ، مع أني لا أزعم أني عرفت البلغار أو تعاملت معهم كما حصل مع اليونانيين ، فهذه الثقافات كان لفرقة الرمثا اليد الطولى بتعريفنا إليها لجذورها العميقة في التراث الأردني ، وامتداد جذورها مع الحضارات الأخرى ، كما عرّفتنا ذات مرة بالثقافة السويسرية بأمسية على مسرح مركز الملك الحسين الثقافي في رأس العين ، فشاهدنا ثقافة فلكلورية أروبية ، لا أزعم أنها تقترب من ثقافتنا على الإطلاق ...!!!
لقد رقص الأغريق على الشبابة والإيقاع الأردني كما رقصوا على إيقاع موسيقاهم القومية ، برغم من قربها الشديد منا ....!!!
أمسية كانت موفقة فنيا وعرضا على مسرح مركز الملك عبد الله الثاني بأناقته وفخامته ، وغير موفقة من ناحية عدد الحضور ، وذلك يدل على عدم الدعاية المناسبة لمثل هكذا عروض فخمة ، مع انهم في ذات أمسية قدموا مقترحات لبث الدعاية ولفت أنظار الناس ، إلا أن ذلك على ما يبدو لم يحدث ، وقد لا يحدث ونحن في الشهر الثالث من الزرقاء مدينة الثقافة ....!!!
http://www.zarqanews.net/?t=show_news&t_id=8&news_id=541