مقهــــى المغتربين
بقلم : سعادة أبو عراق
مروان الشاطر-13
ما في حدا في سنجل ما بعرف مروان الشاطر ولا كان له معه حكاية ، فمروان الشاطر ، لا هو مختار البلد ولا الوجيه ولا أغنى واحد أو أقوى واحد ، كل ما فيه إنه أقصر واحد ، ف عشان يتغلب على هذا القصر صار يظهر شطارة مبالغ فيها ، مروان الشاطر اسمه الحقيقي المركب ، خلاه يفطن لمعنى الشطارة ، ومثل ما قالوا لكل له من اسمه نصيب .
ورغم إنه قصير جدا ، وممكن يتوه بين الأولاد الصغار ، ويتعرض للتعليق والمسخرة ، إلا إنه له هيبة وقدر ، ولسان سليط بذيء ، وله بديهة وجرأة على عمل إللي ما بيقدر عليه الكثير ، لأنه عنده ذكا عالي ومنطق وتمثيل بيخليه يتقمص الشخصية إللي بده إياها ، فلما يقول لك إنه كان ضابط في البحرية ، بتسمع له باهتمام رغم إنك عارف إنه بيسرح فيك ، وبيقدر كمان يقنعك إنه كان مندوب دائم في الأمم المتحدة ، وإنه طلع ع القمر مع ارم سترونغ ، وإنه كان دكتور في كامبرج ، كله هذا بسبب خياله الساحر ، إللي بيصنع كل شي جميل وممتع ، وكأنه موجود وجود فعلي .
مروان الشاطر ما بحتاج أكثر من نقشة بسيطة ، كأنه بيكون مستني واحد يستثيرة ، ف كانوا في القهوة بنادوه يا شاطر ، رأسا بميل وبيقعد ،في أي وقت ؛ الصبح ، الظهر، العصر ، في الليل ،وبطلبوا له قهوة ، فبقول ما بدي قهوة ، بدي أزوزه ، وبطلع في غنوية ليلى نظمي ، مشربش الشاي أشرب أزوزه أنا ، فيطلبون له كازوزة ، ويقعد منتظر التحدي ، فبقولوا له وهم عارفين إنه ما راح على أمريكا ، مش إنت سافرت على اميركا ، خرفنا شو شفت هناك ، قال أنا رحت عدة مرات ، وعلى بلاد كثيرة ، حددوا ،قال هذا، وهم عارفين إنه مخه بيشتغل ، فبيعمل حركات حتى يوخذ وقت تيرسم في خياله الهشته ، فواحد قال المره اللي قبل الثالثة ، يعني أعطاه وقت أكثر ، واحد ثاني قال المرة إللي رحت فيها على إلبلد...شو اسمها ؟ قام قال آآآ افطنت ، قالوا تقضل ، صار يحرك حاله ، قام واحد طال سيجارة وقال له خذ ، دخن عليها تنجلي ، ولع له إياها وقال له تفضل ،
فقال بعد ما أخذ أول نفس :إنتوا ما بتعرفوا إني كنت من جماعة غيفارا ، قالوا ، هذي أول مرة بتقول لنا إياها ، قال ما قريتوا في الجرايد ، قالوا ما بتصلنا لهون الجرايد البوليفية ، قال هذا ذنبكم مش ذنبي ، قالوا إحنا معترفين ، لكن احكي لنا ، قال لما كنت أنا وغيفارا قال لي إذا متت أو قتلوني هذول الأميكان القوادين ، وصاتك الثورة ، إنت لازم تقودها بعدي ، أنا ما شفت أصلح ولا أشجع ولا أقدر ولآ أفهم في الحرب منك ، الأميركان بدوروا علي وعليك ، ولما مسكوه قال لي اهرب ، خلي واحد منا على القليلة يظل ، وهربت ، وتركته المسكين للأمريكان يعذبوه ويوخذوه على أمريكا ، قام واحد غشيم قال بس الأميركان قتلوه حينها ، قال له لا تصدقش أنا هذا صار قدام عيني ، وبعدين قالوا له وين يا غيفارا صاحبك ، قال لهم ما بعرف وظلوا يظربوا فيه وهو يقول ما بعرف ، ما بعرف ، فعز علي إنه يتعذب عشاني وانا أهرب مثل الجبان ، فلازم أعمل شي عشانه ، صرت أفكر شو بدي أعمل ، قلت أفضل شي أروح على الرفيق كاسترو أخبره شو إللي صار ، بس كيف بدي أروح وانا ما معي ولا قرش احمر ولا جواز سفر ، قال واحد :ما هم هيك الثوار دايما ، ما معهم فلوس ، فتابع : شو بدي أساوي ، وأنا ماشي في السهول والغابات ، المهم وصلت هـ القرية الصغيرة وانا ميت من الجوع والتعب ، عرفوني إني من المورو ، يعني العرب المغاربة ، ولو عرفوني من جماعة غيفارا كان ذبحوني ، لكن الله ستر واطعموني ونيموني عندهم ، وثاني يوم وإللا هالطيور الواحد قد النعامة ، بتهدي حواليهم في الليل ، وبيقربوا عليها وما تطير ولا بتخاف من البشر ، وصاروا يوخذوا منها ويذبحوا ويوكلوا ، لكن طلعت في راسي فكرة مش عارف كيف الله الهمني إياها ، قلت لهم عندكم خيطان مصيص ،قالوا فيه قد ما بدك ، قلت لهم أعطوني ، قالوا لويش ، قلت لهم بدي أطير لكوبا ، ومن هناك ع أميركا ، اتعجبوا وقالوا كيف ، قلت لهم من الصعب اشرح لكم ، لكن أعطوني وبتشوفوا بعينبكم ، جابوا لي أكم لفة ،ورحت أربط كل طير من وسطة بطرف حبل ، وأربط الطرف الثاني في حزامي ، ربطت تقول عشرة أو أكثر ، وقعدت استنى الطيور تتوكل من السهل وتشبع ، والناس قاعدة تتفرج شو بده يصير ، ثاني يوم قبل ما تطلع الشمس صارت الطيور الكبير تصيح كأنها بتفيق بعضها ، وطارت مرة وحده ، وطارت معها الطيور إللي انا مربوط فيها ، وصارت ترتفع وأنا أرتفع ، وين ما طارت وأنا معلق فيها ، وظلت تطير ليل نهار، وأنا ماني عارف وين رايح ، أطير فوق جبال فوق سهول فوق صحاري فوق نهار فوق بحور ، وما شفتها إلا هي مهدية على هالساحل تتريح من السفر ، مين بدي أسأل وأنا مربوط فيها ، ما شفت إلا على مدى عينك قارمة مكتوب عليها كوبا ، اتريحت وقلت وصلت ، كانت الدنيا المغرب قلت بكرة الصبح بروح ان شاء الله للرفيق كاسترو، وكنت تعبان فما فكيت الحزام عن وسطي ، ولا حليت عنه الحبال المربوطه فيه ، وظليت نايم ، لكن ثاني يوم من الصبح ما شفت حالي إلا وأنا برتفع ، صرت اشد الحبال واحاول أوقفها ما قدرت ، صارت هذي الطيور طالعة ، ثاني يوم وإلا أنا في تكساس .
واحد اعترض وقال له شو عرفك إنها تكساس مش فلوريدا ، قام قال أي هو أنا غشيم عن تكساس ، ماني عارف أميركا خزق خزق ، وبعدين أخوي عز موجود فيها ،قالوا طيب وبعدين ؟ قال اول شي عملته فكيت حزام الجلد إللي حزز في بطني ، ورحت أدور على شي اوكلة ، أدور أدور وابعدت كثير ، وما لقيت ، رديت رجعت وأنا راجع شفت الطيور طايرة وتركتني ، وكان لازم توديني على واشنطن ، واحد قال أنت قطعت التذكرة لواشنطن وإلا لتكساس ، قال له لواشنطن ، واحد ثالني قال هي شركة طيران ، قام ضحك الجميع ، قام وقف وقال بتتمسخروا ، قالوا أبدا... بس كيف ارجعت ، قال رحت عند أخوي عز الدين ، ولما شافني فرح وخاف علي من الأمريكان يستهدوا علي ، قام يترجاني أروح ع البلاد واترك شغلة غيفارا إللي جيت عشانها ، قلت له ابدا ، أنا أقسمت يمين الثورة ، إما الموت أو النصر ، وقلت له ، وبعدين أنا ما معي لا فلوس ولا جواز سفر ، قال لي ولا يهمك ، خذ جوازي وروح فيه ، لأني أنا وياك بنشبه بعض ،وأما التذكرة فأنا بقطع لك إياها ، ومن كثر ما ضغط علي روحت ، لأن أخوي عز ما بقدر أ خالف له أمر. قام قالوا الناس والله الحمد لله على السلامة ، بس أميركا مش عارفة إنك هان ؟ قام قال : لا أميركا عارفة إنه إللي هان عز مش مروان ، لأني دايما بتخفى ، شوفوا هذه الصور إللي فيها أنا وغيفارا في الغابة ، اتجمعوا يتطلعوا ع الصورة فقالوا وين صورتك ، هذول قردين اثنين ، قال مهو أنا وأياه كنّا متنكرين بأواعي قرود