سواليف قاضي معزول
تأليف : سعاده عوده أبو عراق
26- عجايز المطر
عجايز المطر للي ما بيعرفها ، هي إللي بتصير لما المية بتبرّك ع الأرض ، ولما تمطر، بتصيركل نقطة تسقط تعمل حركة لفوق ، على شكل بيادق الشطرنج ، وكل ما زاد المطر ، بتزيد هذه العجايز ، وبزيد رقصها فوق المية ، وهذا منظر ببشر في الخير ، وبتفاءلوا الناس فيه بالموسم والبركة ، أما لا تسألوني ليش سموها عجايز مش عرايس ، لأني ما بعرف . لكني بعرف هالقصة عن عجايز المطر ، واسمعوها مني .
هذا مرة واحد بياع قماش اسمه أبوسماحة ، وهو مروح ع بلدهم (ارجف) ، بايع كل مقاطع القماش إللي بشيلهم دايما على كتفه وبترزق فيهم بين القرى القريبة ، ومش ظايل معاه إلا شقفة قماش وحدة ، ومبسوط إنه نفّقهم ، وحاطط مصرياتهم بجيبته ، وهو في الطريق لبلدهم صارت الدنيا تريهم وتنقط وبعدين بلشت تزخ مطر، لأن الفصل شتا ، فحط شقفة القماش على راسه مثل العباه ، لكن الدنيا زادت ، والطريق صارت لبص ، اتذكر إنه في مغارة في هـ المنطقه ، فعلا استهدى عليها ، وطلع لها يتذارى في الشقاف على بين ما المطر يخف ، قعد في الشقاف مبسوط وهو يشوف المطر إللي ببشر بالخير ،وشاف الوديان إللي بتسيل وبتهمر ، وصار قدام المغارة بركة مي ، وفوق سطحها بترقص عجايز المطر ، إللي بتزيد كل ما زاد المطر.
وهو واقف بستنى على بين ما يخف المطر ، إلاهالزلمة ماشي في الطريق ، شفق عليه وناداه ييجي يتخبا عنده ، ويسليه ، الزلمة طلع يتعكز على فرع شجرة عامله عصاة ، رغم إنه شب طويل عريض مليان ، الزلمة عرفه قال أهلا أبو سماحه ، ابو سماحة عرفه بالوجه ، قال له إنت من أي بلد قال من (الشمالية) قال له أهلا وسهلا ،قال له إنت إبن مين قال له إبن جميل الزايد ، قال له يعني إنت واصف ، قال له صحيح ، تعارفوا وقعدوا يتسولفوا قال له واصف شو إللي معك قال شقفة قماش ما ظل غيرها ، إذا بدك إياها مبروكة عليك ، قال له مهي مبلولة ، قال له ما بدهاش تنغسل ؟ قال له أعطيني إياها لهالمرة ، ما جبت لها شي من المدينة ، قال له مابصير، لكن براعيك فيها ، قال هاتها ، أخذها ولفها وفي فكرة يوخذها ببلاش .
واصف مش حرامي لكن الشيطان كان أشطر، لعب في عقله وصار يفكرويقول مادام باع بضاعته ، يعني حقها بجيبته ، إذن ممكن اوخذهم منه ، وخاصة إنه أبو سماحة ختيار ضعيف ، صار يفكر ، اطَّلَّع على جنبه لقيه حاطط تحت حزامه بلطة أو طبر مثل ما بسموها أو شرخة ، وبحملوها كسلاح للمدافعة والمهاجمة ، مثل ما هي لقطع فروع الشجر، كيف بده يوخذها منه ؟ قال له أعطيني هالطبر بدي انجّر فيها عصاتي ، قام تناولها من تحت حزامه وأعطاه إياها ، أخذها وبعدين قاله وهو يلف شقفة القماش الله بعوضك ، قال له شو...؟ قال بعوضك الله ،ورفع الطبر في وجهه , قال له شو بتهددني ؟ قال وكمان طلع المصاري إللي معاك ، صاح إيش...؟ قال وهو يهزالبلطة : مثل ما بقول لك ، وإلا ما سمعت ؟ ولأنه زلمة كبير وضعيف شاف المقاتله معه ما بتجيب نتيجة ، وقال الله بعوضني وطال المصريات وأعطاه إياهم ، أخذهم وبده يطلع ، لكن شاف المطر لساته بزخ ، وفجأة إجته فكرة ، فما دام عارفه إنه واصف ابن جميل الزايد ، راح يروح يشكي عليه ‘ وراح يورط أبوه ويبهدلوه وتتسود سمعته ، وينحط بالحبس ، فأحسن له يقتلة وما حدا داري ، رجع من باب المغارة وقال له ، إن تركتك راح تشكي علي لأبوي واتبهدل وأرجع المصاري ، لكن ما في حل إلا أقتلك ، ولا حد شاف ولا حد دري ، وما في حد يشهد إني قتلتك ، قال له الله بيشهد عليك ، قال له الله ما بنزل من السما عشان يشهد قدام القاضي، قال له بتشهد عليك عجايز المطر ، قام ظحك ظحكة عجيبة ،وقال بمسخرة ؛ تشوف كيف عجايز المطر بدها تشهد علي ّ؟ وقام هجم عليه وحشره على حيط المغارة ،وضربه بالطبر على راسه وإلا هو فالقه ، ودمه رشق على الحيط وعلى الحجار ، وتركه مرمي ، واخذ شقفة القماش والطبر بعد ما غسلة من الدم ، وروح ولما وصل الدار قال لمرته شوفي ، جبت لك شقفة قماش لكن لما مطرت علي الدنيا ، تقبعت فيها ، حتى ما أنبل ، قالت الحمد لله على سلامتك ، فداك كل الدنيا ، وشافتها هدية مفاجئة ، وانبسطت فيها وفصلتها فستان .
أهل أبو سماحة استنوه يوم يومين ثلاثة ما إجا ، راحوا يدوروا عليه هون وهون ، ويسالوا البلاد والقرى إللي بروح عليها ، ما لقوا له أثر ، بعد شهرين ثلاث ، أي بعد ما دفت الدنيا ، انتفخ وطلعت ريحته ، شمها مرّاقين الطريق ، راحوا ع المغاره ، لقيوه هو ، أخذوه لكن ما عرفوا مين إللي قتله ، وأخذ مصاريه ، لأنه ما في شرطة ولا تعقيب ولا أمن وقائي ولا طب شرعي ،ولا تحقيق سليم .
بعد سنتين زمان من هالحادث، كان واصف إبن جميل الزايد قاعد هو مرته جنب كانون النار ، وبتطلع من الباب وبتفرج ع المطر إللي بزخ ، وعلى عجايز المطر إللي بترقص في البركة إللي في الحوش ، قام تذكر إللي قاله أبو سماحة ، عن عجايز المطر إللي راح تشهد عليه ، قام ظحك ، شافته مراته بيتبسم ، قالت له شو بيضحكك ؟ قال لها ولا شي ، قالت بالله عليك تقولي شو ظحكك ، قال نكته تذكرتها ، قالت له إحكي لي إياها ، قال لها بلاش ، وظلت تنق عليه وتقول له عشان حبيبتك ، وتتدلع عليه ، قام قال لها لكن مش تحكي لحدا قالت أبدا ، واعترف إلها إنه هو اللي قتل ابو سماحة بالبلطة ، ورشق الدم من راسه ع الحيط ، والفستان إللي لابسته هو منه ، ولما قال لي عجايز المطر راح تشهد عليك ظحكت، ولما شفت عجايز المطر تذكرت وظحكت مرة ثانية .
المراه تفاجأت بجوزها إللي بيحكي عن قتل بني آدم كأنه بحكي عن قتل فار ، أو صرصور ، شعرت إنها لابسه كفن ، ما صدقت وهي شلحت الثوب إللي منه ، وصارت تكرهه وتخاف منه ومش قادرة تطيقه ، ليوم تهاوشت هي وإياه ، هد عليها يظربها ، قامت طلعت تصيح ، يا ناس واصف بده يذبحني مثل ما ذبح أبو سماحة ، ساعة زمان إلا كل ( الشمالية ) دارية وبتحكي في الخبر ، ووصل الخبر لقرية ( رجف ) في نفس اليوم ، وإجا وجها (رجف) ل ( الشمالية ) عشان يتأكدوا من الخبر ، إجوا سألوا مرت واصف ، واعترفت إنه قال لها إنه ضربه بالبلطة على راسه ، ورشق الدم ع الحيط ، وأخذ منه شقفة القماش إللي عملتها ثوب ، سألوها عن الزمن إللي جاب الثوب فيه ، لاقوه نفس الوقت ، أخذوا الطبر لآقوه تبع أبو سماحة ، راحوا ع المغارة لقوا الدم لساته على حيط المغارة