رثاء متأخر(إلى روح الصديق الباحث والكاتب صالح صلاح شبانه )
عرفته أخًا ودودًا ....... صديقًا مخلصًا .......سديدأ مستقيمًا في قوله الحق ولا يخاف إلا الله.... وفيّا في عهده...وإذا نزلت بكَ ضائقة أو همّ وحَزَن واساكَ ....
أجده صالحًا كما هو اسمه في مجالسة إخوانه ... يطوي عنهم سيئاتهم ... يحاول دائمًا أن يتفقد أحوالهم ..ولا يغدر بإخوانه وأخلائه حتى ولو وقف كل العالم ضدّه ..
بل أجده ينشر لهم حسناتهم , ويتجاوز عن سيئاتهم ويستميت في الدفاع عنهم ....ويحفظ لهم قبر أسرارهم , ويصون حرمتهم , ولا يسمح لأي كائن كان أن يتكلّم بسوء عنهم ...
يحفظهم في غيابهم وحضورهم ,ولا يبوح بأسرارهم , ويطلب المعاذير لهم وهو يعلم حقّ اليقين أصول وثوابت المحبة والود والإخاء لهم ..
لقد عرفت الأستاذ صالح وواكبت كتاباته منذ البدايات، وأعترف أمامكم اليوم أن أدبه متعب، لأنه يحمل المسؤولية ويصيب بالإدمان، وتشعر أنك ترتكب خطيئة إذا لم تقرأه. تغلغل فينا كالجدول الذي ينساب في الحقول، فروى بدون ضوضاء وتابع مسيرته فأزهرت خلفه العقول وتفتحت أجمل الأفكار.
تجده فلاحا ً، يغرس زهور المحبة أنى سار .. دافئ دفء خبز الطابون و صباحات بيوت الطين .. له من سنجل صمود بيوت الحجر والطين .. ومن اشجار بساتينها الثباتُ أيا ً كانت عربدة ُالرياح .. ومن خزانة جدته وجده يعبق بالأسرار وديعٌ كفراشات الحدائق ... جَـلِـدٌ كصـبّـار ِ بلادي
دائم الحركة مثل أراجيح الأطفال .. وكالأطفال : لا ينام " " إلا وعـيناه مطبقـتان على نص من نصوصه التراثية
منذ رحل صالح شبانه ، وأنا أجلس على رصيف الحزن ، مستجديا ً الأبجدية ، باقة ً من ورود الكلمات ، تليق بمزهرية صالح صلاح شبانه .. فمن أين لي بالكأس الذي يسَـعُ نهرَ حزني ، والخيط ِالذي يرتق جرحي الممتد من " عمق المسافة التي عبدتها الاخوة وبنت جسورها الصداقة
صالح .. ما عرفتك تنكث وعـدا ً .. فكيف خذلتَ نداماك واستعذبت الموت يا قنديل ليل سنجل الباسلة
فلقد عهدتك قويا تتجاوز العقبات ... عهدتك بشوشا ضحوكا تحيي القلوب التعسة ... عهدتك ودودا دبلوماسيا تؤلف القلوب.... عهدتك محبوبا من الجميع دون استثناء .... عهدتك فعالا تجلجل كلماتك في رحاب المنتديات .... انسان ذو موجة لا شاطئ لها ...يكسر طوق الاكتفاء والقناعة ...يحول المحدودية الي افق لا يحد... جمرة تتوهج بلا انطفاء ...
طوفان من هدير الاعماق ...كنت كل هذا ولكن كان القدر اقوى ولأنك انسان مؤمن بقدرك اثرت ان تتركنا وتمضي
كفى بي وَجَـعـا ً أنني آخر مَـنْ يبكيك ، لا جحودا ً مني ، ولكن : لأن هجير الفجائع قد أنضبَ ما ادّخرتُ من دموع ... فسلامٌ عليك يوم ولِـدتَ فقيرا من الجاه والأوسمة .. وسلامٌ عليك يوم مُتَّ غـنيا ً بحب الناس .. وسلامٌ عليك يوم تـُبـعَـث ُ حيّـا ً في الفردوس .. وســلام على فلسطين البعـيدة القــريبة .. وســلامٌ عـلى وشـم قـلبك " سنجل الباسلة " .. جعلك الله من عباده الصالحين وجعل مسكنك جنات النعيم والهمنا وذويك الصبر والسلوان
عايد ابو فرده