كلمة التأبين التي القاها الاستاذ احمد ابو حليوه في نادي الرواد الثقافي
قبل عامين وذات تشرين ، حضر لقاء البيت الادبي رجل خمسيني ،هادئ متزن، وقور سمح، اغدق اذا مدح والان الجانب اذا ذم حكيم الكلم وحليم النقاش مجيد للصمت رغم طيب حديثه ، ليس بالسهل كي تعتليه، ولا بالوعر كي تتجنبه ،هو عوان بين ذلك، مدرك لما يقتضيه المقام من طبيعة الحال ، ورغم عطائه الكبير فيما سبقنا به من سنين الا انه كان يظهر لنا البساطة والتواضع ، رغم ما كان يبطنه من ماض تليد ، وعمل دؤوب ومشهود ، ما عرفنا الا النزر اليسير منه خلال حياته ، لأنه لم يكن معنيا بما انجز، بقدر ما هو معني بما سينجز، ولم يكن كغيره يعشق الأنا ويتغنى بها ، بقدر ما كان يحب الآخر والأرض ، الأرض التي بعثها نصوصا تراثية جعلتنا نشعر انه قطعة من الوطن حين يكون بيننا ، وبيننا دوما كان قابضا على ايام البلاد ، كما القابض على دينه هذه الايام ، وكانت نصوصه مفعمة بحكايا الجدات على مسطبات الروح ،ومواويل الناس المضخمة بآلامهم وآمالهم ، وغصة الاوف والعتابا والميجنا ، نصوصه التي تمتد فيها كروم العنب على معرشات النفس، وتنتشر في جنباتها بيارات الليمون والبرتقال ،مطلة على شرفة العمر وبحر الذاكرة ،تفوح من سفوحها رائحة الشيح والقسوم والزعتر ، وتنبجس من ثناياها عيون الماء الدالة على عطائه الثر الغزير، الذي توزع في عدة دول وقارات كان القاسم المشترك فيها (فلسطين) التي غلفت نصوصه كما غلفت منذ البدء روحه.
فلروحه كل الحب ،ولحضورها في هذا المساء بيننا كل الشوق والحنين ، والتقدير لإنسان اعطى اكثر بكثير مما اخذ وقدم دون مقابل كسماء رؤوم حين شتاء.
قبل عامين وذات خريف عرفناه ،وها نحن نفقده ونفتقده هذا الصيف وسنبقي ..لان البيت الادبي ضم مئات المبدعين من الشعراء والقاصين ، ولكنه لم يضم سوى ثلة قليلة فقط من اولئك الذين يحتفظون بنكهة فريدة خاصة مميزة ،من الصعب – اذا لم يكن من المستحيل – ان تتكرر من امثال المبدع القدير والاديب الكبير الفلسطيني جدا والوطني بامتياز الراحل صالح شبانه
مع تحيات احمد ابو حليوه