بقول المثل-5
صور تراثيه شعبية من وحي الأمثال الشعبية
بقلم الداعي بالخير : صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
الأمثال الشعبية هي جزء من التراث شعبي .. ومراجع يومية لعلاج المشاكل أو التنفيس عنها على الأقل .. والأمثال الشعبية حكم ومأثورات فلسفية خرجت ببساطة من أفواه البسطاء .. وتناقلناها عبر الأجيال .. وتقال في مواقف معينة .. وتتسم في معظمها بالطابع الساخر .. وسر خلودها يرجع إلى أنها ليست بدعاً أو ّتقاليع وإنما صادرة من العقل والقلب للإنسان البسيط ولا يوجد شعب من شعوب العالم إلا وله أمثاله والحكم وأغلبيتها مكتوبة باللهجة المحكية الدارجة ...!!!
1- بموت الغني من التخمه ، وبموت الفقير من الجوع
أي أن الرزق وعد من الله تعالى ، مكتوب لك ، تناله بقدر حقك فيه ، ولن يغتصبه أحد منك أبدا، فكن على ثقة لترتاح نفسك، وتؤمن بخالقك الكريم، مع أن هناك من يموت من التخمة ، وكثيرون يموتون من الجوع ....!!!
2- انت كنت في الحصايد تغني قصايد
حسب معرفتي أن هذا الجواب قالته النملة للزيز عندما حضر في الشتاء يطلب منها طعاما ، حيث كانت طوال أيام فصل الصيف ، موسم الحصاد والجمع والعمل تعمل بجد وكبَد فيما كان يقضي كل وقته بالطرب والغناء، وبالتالي فقد الفرصة لجمع طعام يكفيه مؤونة الشتاء ، وعليه قد فقد الفرصة وعليه أن يتحمل النتائج، فما جنته في وقت العمل لمؤونتها عندما لا يكون عملاً....!!!
وعليه أن يتعلم من التجربة في المستقبل ويتذكر زمان الجوع والطوى ، وتكون التجربة درسا بليغا ، للأمم التي تغرق بالديون والمجاعات بسبب جهل ساستها الأغبياء...!!!!
3- لِقصار يوم الجمعه بربطوهم
أي أن قصار القامة هم سبب المشاكل والفِتَن ، ولتحاشي ضررهم ، يجب ربطهم يوم الجمعة ، وهو يوم راحة الناس وعيد الأمة الإسلامية الأسبوعي لوجود صلاة الجمعة وفضلها العظيم والساعة المستجابة فيه ،وفي ربطهم مصلحة للبلاد والعباد ووقاية من الشرور ، وقيل أن قصيرا ذهب يشتكي خصما له ضربه ، فقيل له أن القِصار لا يُضربون ، فقال : ولكن الذي ضربني أقصر مني ....!!!
4- إذا أقفت بتقطع الجنازير ، وإذا أوجهت بتنقاد بشعره
أي الدنيا والحظوظ والمال والرزق إن لم تكن مقسومة لك كوعد من الله سبحانه وتعالى كعمرك وأجلك وكان حظك أسود وألزج من القطران ،لن تنالها حتى لو جذبتها بجنازير ، سوف تقطع الجنازير ، دون أن تتحرك قيد أنملة ، وإذا كان حظك مواتيا ورزقك مقسوما ، فسوف تنقاد لك بشعرة ، وللمثل قصة طريفة قد نرويها في مكان آخر.....!!!
5- مثل اللي بتعكز عَ الوحل
كناية عن الإنسان الذي يستند إلى حجج واهية ، ومنطق ضعيف ، فهو يستند إلى دعائم واهية... والوحل الطين الطري ، ومن الصعب أن تتعكز عليه وتصل إلى مآربك، والوصول إلى الأهداف لا يكون إلا بالسير على الطرق الصلبة، وصعود الجبال وسهر الليالي الطويلة ، ونحت الصخر بالأظافر والأسنان .....!!!!!
6- متخبي في الخم وبلِم
تقال للذي ظاهره الفقر والحاجة ولا ينبئ عن باطنه وهو الغنى والمال ، وهو غير محتاج ولكنه يتظاهر بالحاجة ، وهو المظهر العام لمعظم الناس ، وبعضهم يملك المال والعز والعقارات ، ويزاحم المعدمين على دنانير قليلة من الصدقات و صندوق المعونة الوطنية ، وهذه آفة الأفايا .. فكم بالخم يقبع تحت فقر مزعوم ، وهو يجمع بلا حساب ، معافى من داء الكرم والجود ، متبرئا من اليد العليا....!!!!!
7- بخت الشاطر خاطر ، وبخت لِمعفنات بالحفنات
البخت هو الحظ ، والشاطر هو الذي يتقن كل شيء ، ولكنه لا يملك شيئا ، فالدنيا تخاصمه والخيبة تلاحقه ، ويحصد منها الكثير الكثير، رغم الذكاء والمهارة والنشاط ، وكل ما يدور في فلكها من معاني ومصطلحات وألفاظ ...!!!
و(المعفنات) جمع (معفنه)،وهي القذرة المنتنة التي لا تتقن أو تعرف شيئا ومع ذلك فالدنيا والحياة تفتح لها ذراعيها معانقة ، و(الرزقه بتدير عليها دير بلا حساب وحجرها مليان من خيرات المولى) والمعطي ليس بخيلا، إنه أكرم الأكرمين، وله في خلقه شؤون، وله حكمته والتي نجهلها فسبحانه تبارك وتعالى...!!!
8- لمّا اتدِّر عنزتك احلبها
كناية عن وجوب فعل الفعل في وقته تماما ، أي لا تفتح سوق لحليب عنزتك وهي لم تدِّر ولم يجرِ الحليب في ضرعها ، وعليك أن تفعل ذلك عندما يوجد الحليب ، ومثله (لا تبيع جلد الدب قبل ما تصيده)....!!!
9- قديش شريطه بميه ، عَ المزبله مرميه
يعلن المثل عن قماش ثمين أو قطعة منه (شريطه) ثمنها مائة دينار، وكان هذا المبلغ هائلا ، قد نشتري به عشرة دونمات من الأرض (على زمن المثل على الأقل)، ولكنها ملقاة على المزبلة دون مراعاة لقيمتها وثمنها الخرافي ....!!!!
وهذا المثل قد يقال لعبقري فذ يعمل في وظيفة تافهة ، لا تتناسب مع قدرته الفائقة وذهنيته الخارقة ، في حين يحتل مكانه المفروض تافه أرعن لا يعرف نمرة قدمه ، وكثير عليه لو سرح بعنزة أو تيس ، لأنه لو سرح بهما معا لأضاع أحدهما ، ولأن هناك مثل آخر يقول : (رعية يوم بتياسة سنه) وحضرته يحمل كل مؤهلات التياسة باقتدار وثقة......!!!!
10ــ سألوا البغل : مين أبوك ؟ قال : لِحصان خالي !!
يضرب هذا المثل في الناس الذين لا يفخرون بأنسابهم ، أو أنت تسأله عن شيء فيجيبك بشيء آخر بعيدا عن مُرام السؤال، وحيثما ينتسب الرجل لأبيه ينتسب البغل لأمه وفصيلتها لأن أباه أدنى من أمِّهِ في نسبه وسلالته ، وهذا المثل يحث الرجل على الاقتران بامرأة من ثوبه , ومن مستواه الاجتماعي حتى لا يسبب لأولاده هذا الفصام ...!!!
11ــ سألو الغراب : ليش بتسرق الصابونه ؟؟ قال : الأذى طبعي !!
وهذا المثل يبين قيمة الطبع في المخلوق ، الذي لا يتغير لا برقي ولا بمدنية ، ولا بعلم ولا بجهل، وإنما هو في دمه، فالأذى والحذر من طبع الغراب، والغدر وعدم الهزيمة من معركة حتى الموت في طبيعة الذئب،وعدم الوفاء في طبيعة الضبع،والحيلة والختل في طبع الثعلب ، والحمق في طبيعة الحمامة ، والوفاء والخساسة في طبع الكلب ، وغيرها من الحيوانات التي تكتسب كل منها صفة معينة، تعرف فيها ، والغراب بطبعه نتن وقذر، وهو طير الجيف والفطائس، وليس له من النظافة نصيب، ومع ذلك يسرق الصابونة والتي هي رمز النظافة ، مما يثير الاستغراب ، وهذا سبب سؤاله ، ولكنه يجيب إجابة لا تمت للظن الحسن بشيء ، فيقول : فقط لأن الأذى طبعي !!! ، فهل يتغير الطبع ؟؟؟
12ــ الساكن عدو ماكن :
والساكن هو المستأجر في بيت عند مالك ، يعطيه القانون حقوقا أكثر من حقوق المالك نفسه، وبعض المستأجرين يستغلون هذه القوانين استغلالاً بشعا، حيث تتغير الدنيا عشرات المرات ، فيما الزمن وقف عندهم ، فهم يأخذون فروق التغييرات،ولا يجري ذلك على أجرة البيت ، ولا يجرون أي صيانة أو تجديد للبيت حيث تلفت هذه الأشياء من جرّاء استعمالهم لها ، وقد يسقط البيت عليهم لعدم الصيانة ، أو تأكلهم القوارض ، أو يسبحون بالمجاري التي تلفت وتآكلت ، ولم تحصل على حقها من الصيانة والتجديد ...!!!
فالساكن هنا عدو ماكن للمالك ، وبالطبع هناك مستأجرون مظلومون ، ومالكون جبارون ، والعكس صحيح ...!!!
13ــ الساهي تحت راسه دواهي :
والساهي : المتظاهر بالسهو والغفلة ، وفي باطنه شياطين الجن والإنس تؤزه أزا ، الهادئ مثل سطح البحر ، ولكن التيارات والمخلوقات في داخله مدمرة ، والمقصود عدم الاغترار بالظاهر، فالأغلب في طبعه الخبث والدهاء، وبعضهم يرويه : (ياما تحت السواهي دواهي) ، أي تحت أولئك الساهون الهادئون مصائب ، ودواهي، وهي جمع: داهية ، أي : كل شيء مهلك ...!!!!
14ــ السبع سبع ولو في قفص :
المثل ينبئ عن أن المكان لا يغير من جوهر الإنسان ، ولا تستطيع أي قوة من الفت بعضد الأقوياء ، وأن الإذلال لا ينال من الأقوياء ، وأن القيود والأرساف والقضبان قد تقوي من العزيمة ، وتعلو نفسه أكثر ، وكم من سجين حاكم سجانه ، وانتصر عليه وعرّى أهدافه الخبيثة ، كما فعل شهيد الأمة العظيم الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله ، فقد كان آخر كلامه : لا اله إلا الله ، محمد رسول الله ، فقد كان في قفص الاعتقال ، ولكنه كان أسدا ، فضح الخونة والأدعياء الذين باعوا الوطن من أجل أحقادهم ، ومن أجل سرقة خيراته ، وكم من أمثاله وأمثالهم ، فسبحان القوي العزيز ، ويومهم قريب إن شاء الله تعالى ..!!
15ــ السنه السوده خمس طعشر شهر :
المعروف أن السنة إثنا عشر شهرا ، ولكن السنة الصعبة والقاسية ، لطولها وشدتها تحسها لطولها أنها لا تنتهي أبدا ، بل تزداد طولا وقسوة ، مثل سنين سيدنا يوسف القاسية ، ويقال : (سنة (الهوا) بأربعه وعشرين قيراط) ، والقيراط من مقاييس الذهب ، والأربعة وعشرون قيراطا هو قياس أنقى أنواع الذهب ، والقول والتشبيه هنا من باب السخرية ..!!
16ــ السوس ما بعيش غير في الخشب الطيب :
أي أن الخشب لا يسكن إلا الخشب الطيب ليفتك به ، والمعنى أن المؤمن مبتلى ومعرض للتجربة، وقد تفتك التجربة في بعض النفوس، وتسقط ، ولكن بعض النفوس الأخرى تزداد إيمانا وقوة، وفهم لحكمة الله عز وجل، لأن إخضاع النفوس للتجربة تهيئ لها لشيء أراده الله عز وجل،وقريب من المعنى قيل: (سوس الخشب منه وفيه)،أي سبب البلاء هي النفس ، وأن المصائب التي تحل بالناس سببها داخلي ، منهم وفيهم ، وللأغراب والغرباء، وليس للآخرين أيدي سوداء عليهم ، ذلك لأن السوس ينشأ ويترعرع ويفتك من الداخل ، وليس من الخارج ...!!!
17ــ الشايب لمّا يتدلع ، مثل الباب لِمخلّع :
والدلع لا يليق إلا بالأطفال والنساء الجميلات ، فدلع الدميمة أشبه بشربة زيت الخروع ، أعاذنا الله ، وسمة الشايب هي الرزانة والوقار ، والالتزام بقوانين السن والحياة ، ومن لا يحافظ على هذه القوانين ، يطعن كرامته ، ويجعل الناس ينظرون إليه نظرة دونية ، ملؤها السخرية والازدراء ، فدلعه أشبه بالباب المتهالك الآيل للسقوط ، كلما حركته ارتج وتماوج وتهادى ، عدى عن الصرير وغيره ، والباب من سماته القوة ليحفظ البيت ، وعندما يتخلع لم يعد كذلك ، وكذلك الشيخ (الشايب) ، عليه أن يكون قدوة الرزانة ، لا الدلع ...!!!!
18ــ شو بده يوخذ الريح من البلاط :
أي لا يجني الغريم من المفلس ، إلا ما يأخذ الريح من البلاط ، والريح لا تأخذ من البلاط شيئا ، لأنها أعجز من أخذ شيء ، على قوتها التدميرية العالية ، ويقال المثل في إظهار عدم وجود الشيء ، وعدم إمكانية الأخذ ، وعلى غريم المفلس أن يطلب العوض من الله عز وجل ، لأن الجلاد لو شنق ذلك المفلس لما حصل على شيء ...!!!
19ــ شو عَ باله ، أبو زيد خاله :
أبو زيد الهلالي ، سلامة ، الفارس والبطل الأسطوري ، بطل تغريبة بني هلال ، وصاحب المساجلات الشهيرة مع الزيناتي خليفة ، وابن الأميرة الخضراء ، أشهر من نار على علم ، ولكن أشهر ما بأبي زيد أنه خال ، ويقال للبطل والشجاع ( أبو زيد خاله ) ، ويقال أن لأبي زيد (31) أختا ، أنجبن (107) فرسان ، أخذوا صفات الخال من بطولة وشهامة وفروسية من أبي زيد ، وكان يكفي أن يقال لأحدهم أن أبا زيد خاله ، حتى تنحني له القامات احتراما ورهبة ، حيث أسم خاله جواز مرور لكل الدروب ، ومفتاحا لكل الأبواب المغلقة ، وكم من متنفذين على صيت أبي زيد وخؤولته التاريخية ، يصولون ويجولون ولهم نفوذ رهيب ، يفرضوه إتاوة على رقاب الضعفاء ...!!!
20ــ شو عَ بال القرد من سواد الوجه :
أي أن القرد لا يبالي من سوء خلقته وسواد وجهه ، لأنه منذ أن أتى الله به إلى الدنيا وهو هكذا ، والمثل يضرب للمستهتر بأمر يصل حاله فيه إلى عدم المبالاة بالفضيحة ، والاستهتار بكل القيم والعادات والتقاليد ...!!!
