أكلات زمان
لوحة تراثية شعبية من وحي القرية وإنسانها
الداعي بالخير صالح صلاح شبانة بقلم ووجدان :
shbanah2007@yahoo.com
أكيد بقى الأكل أيام زمان ضروري ، وبقى الأكل للحياه ، يوكلوا تيعيشوا ، مش يعيشوا تيوكلوا ، الحاله بسيطه وفيها مراره
وبقى الأكل خير وبركه ، شو ما إجا مع العافيه مليح ، تِسِع اعشاره نباتي ، بتصح الصحه معاه والحياه بتتدارى
وبقى زمان الحمد للحياه عنوان ، وشو ما وقِع في الثم نعمه ، نحمد المولى عليها ، واللي خلق الأشداق خلق الأرزاق بأقداره
الحمد لله اللي أطعمنا واشبعنا ، واسقانا وأروانا ، وحط العافيه في ابداننا ، والعافيه نعمه عَ الفقر مغطيه وسَتّاره
وبقت طبخاتنا ، أكلات أيام زمان مثل نسخة الكربون ، متشابهه بعناصرها ، فطورك من غداك من عشاك ، وهيذ العباره
وبقت ستي ، الله يرحم ستي ، وست كل مِن يسمعني ، موسوعه عِلِم ضاع ها لِيام معناه ، الله يرحم هذيك الختياره
قدّيش بقت مَرَه عظيمه ، تلاقيها أطلعت طبختها من الحيط ، وبقت تقوللي : اسمع يا ولد ، اللي ما بتوقد النار من الشراره
قعدتها في الدار خساره ، وبقت الشراره في البحبوثه والصميعه والدحابير ، والعصيده ولِمجّدَرَه ، طبخات عَ الأيام دَوّاره
والعدس حَبّ ومجروش راسها ، والبحبوثه المحروسه وجبه تلاقيها عند نص أهل البلد ، على ما قسم الله سياره
وشو راس مالها ؟؟ ، راس بصل فحل ، تقول لي : نط يا ولد عَ الخابيه ، تناول راس بصل ، أنط مثل القرد بخفه وشطاره
واعزقه عليها تلقفه ولا أحسن جَوّيل في الدنيا ، وتقرطه وتحوسه مع زيت الزيتون اللي للمونه لِمْخَزَّن بجراره
وتجيب صحن ها لطحين ، ترشقه بشوية ميّه ، وتبحثله بأصابعها ، وبس البصل يتذبل تحط ميه عَ قده ومقداره
ها لطنجره ولاّ ها لقدره لخناقها ، وبعدين ترمي عليهن ها لطحينات لِمبحثلات ، وتحركهن تتصير القدره برباره فواره
وتحطهن في ها لصينيه ، فخار ولاَّ توتيا ، وتهف عليهن بطبق القش ، وتقول بسم الله على ما قسم الله وشاء وقدّر أقداره
لا إله إلا الله نحمده ونشكره ، نقعد على ها لبحبوثات ، واجلد ولا تجلد ، طعم روعه لمّا ينضج ويتحوّج بما وجد من بهاره
شو فلفل وعُصفُر وكمون ، وبهارات طبيخ ، من ها لموجود بالدار ، دايما محتاطه عليها ستي وامصَرِّرّتها في ها لصُرر اصراره
رغم انهن عينين ستي من قرط البصل وحَرّه مدمعات ، بس بقينا نقرا فيهن الفرحه وايدينا في الصينيه عَ اللُقَم الحارّه فرّاره
والدحابير أكله هنيه ، قديش بقى البدن منها صحيح ، حتى ولو ظاهر أجسامنا مجعومه ، بس عُمُر ما بقت النحافه عباره
أبدان كلها صحه ، وما فيها بلا ولا مرض، بقت ستي تجيب شوية ها للوف ، كان يابس منَشَّف ولاّ دوبه مقطوف ، لسّه بخضاره
لِخضر بتفركه بالملح وبعدين بتغسله ، وبتصفي ميته اللي فيها لِحروقه والنمنمه ، لما يصفى طعمها وما يظل فيها ولا نتفة حراره
وبتحوسهن مع بصل وزيت زيتون ، وبتحط من صرر ها لبهارات من ما هب ودَب ، وبتطلع منهن شوربه فخمه وكُبّاره
واذا بدها تساوي دحابير ، قبل ما تحط ميّه بتطول نصهن ، وبتكعبلهن مع طحين ، من اللي في عدوله مونة وخزين الدارا
وبعدين بتفقسلها ست سبع بيضات ، وبتحركهن مليح ، تتصير ريحتهن تفحفح ، تسيل ريالتنا عليها سيول إتكت هرّارَه
واجبد من ها لدحابير لمّا تنملع ، واشربلك جرّة ميّه ، وبعد هيشيه للخرمنجيه وكاسة شاي بميرميه بتمخمخ عَ ليل السهارى
نعمه !! قد ما بقت بسيطه ، بس بقى ربنا صاينها ، وبقينا نقول : يا رب ديم ها لنعمع على عبيدك الفقرا الدايخين والطفارى
ولاّ العصيده يا خوي !! رز بعدس ولاّ عدس وسميده ، شو موجود بدار ستي ، بمشي مع العافيه من غير ما يتذارى
أكلات كلها بسيطه ، لا بدها سفسطه ولا خذ وهات ، كلها من الخوابي والجرار ، والعدول والخزين والحَب والزوان ولِبراره
بيت سيدي وستي اللي ظلّت آثاره متجذره في قلبي حلم ، وطبخات ستي لا زالت تعبق من راسه وساسه وآثاره
أكلات من خير المولى تنبض بالعز ، بقينا ننزل فيها نزول المنايا ، عمرنا ما ازورّنا ولا اتشردقنا ، لا ببارد ولا بحراره
أكلات كلها هَنا ومُنى ، والنفس بعدها بتطلبها ، ولمّا بعد سرحة خيال توقع على شهوه ، وتنزل فيها قص مثل المنشارة
ساق الله عَ الكراديش والقراقيش ، والمّقَوَقَه ، واللزيقيات والفرايك بسكر ،ايفط من سباته وينفض عنه الماضي اغباره (1)
ولمّا توقع تحكي عن حالها بالطعِم والجوده ، نِعَم من عند المولى ، الكريم باركها ربنا وصانها بتصحى فينا مثل الثوره الهدّاره
تقرأ بلهجة أهل سنجل
1- المقوقه : حلويات يدخل في صناعتها الخروب الأخضر ، تشبه المسروله كثيرا ، ويذكر الأستاذ محمد توفيق السهلي في موسوعة المصطلحات والتعبيرات الشعبية الفلسطينية : أن المقيقه شراب الخروب الأخضر (الفج) وقد اشتهرت به الناصرة ، ومن المؤكد أن طعام وحلويات الفلاحين تختلف عن أهل المدن ...!!!
اقتباس
بالحقيقة أخي لا يوجد أجمل من مصطلحاتنا
وعادتي أنني أحب معرفة المصطلحات القديمة واستخدامها والكلام بلهجتنا الحقيقية بدون أي تحريف
بالنسبة للمصطلحات .. هي ما سأضع تحته خط
وبقت الشراره في البحبوثه والصميعه والدحابير
وبعدين ترمي عليهن ها لطحينات لِمبحثلات
حتى ولو ظاهر أجسامنا مجعومه
وبعد هيشيه للخرمنجيه
لا بدها سفسطه ولا خذ وهات ، كلها من الخوابي والجرار ، والعدول والخزين والحَب والزوان ولِبراره
ساق الله عَ الكراديش والقراقيش ، والمّقَوَقَه ، واللزيقيات
ايفط من سباته
قد يعرفها سيدي وستي لو حصل وسألتهم عنها
لكني لم أسمعهم أبدا لهذه الكلمات
شكرا لك
وحياكَ الله
وحياك الله وشكرا لك على اتاحة هذا الشرف لي
1 ـ لِمبحثلات
البحثله من رش الماء على الطحين وتحريكه بالأصابع فيصبح كرات هشة غير متساوية أو متقاربة بالحجم ، كما المفتول .
2 ـ البحبوثه والصميعه والدحابير :
البحبوثة : هي أكلة الفقراء المعدمين ، وقد كانت أكلة الغالبية العظمى من الناس ، وتطبخ كالتالي :
يفرم البصل ، ويتذبل على النار بوسطة الزيت مع التحريك ، ثم تملأ القدرة ، أو الطنجرة بالماء ، فوق البصل ، وعندما يغلي الماء يضاف اليه الطحين المبحثل ، كم شرحت طريقته ، مع التحريك المستمر ، ثم يسكب ويؤكل ...يعني طبخة عجين والرب يعين .,.!!!
والصميعة هي البحبوثة يضاف اليها نبات اللوف الأخضر بعد فرمة وفركه بالملح ليزال طعم النمنمة الحريف منه .
أما الدحابير فهي عجين مع لوف وبيض يطبخ بالماءئ .
وللتعريف : اللوف نبات بري ورقي أخضر ، شديد الحروقة ، ينبت في فلسطين بكثرة ، وقد اكتشف الطب الحديث أنه يقي من مرض السرطان ، وشوربته تبطئ من انتشار السرطان .
مجعومة : شديدة الضعف والهزال ، والسبب سوء التغذية ، والذي هو أحد مخرجات الفقر الشديد .
4 ـ هيشيه للخرمنجية : أي تدخين سيجارة هيشي ، وهو تبغ حار وذو رائحة غير مستحبة لجيل اليوم ، كان الآباء والجدود يدخنوها بلذة لا متناهية ، وخرمنجي ، ممن يستمتع بالتدخين ويدمنه ولا يعيش دونه ، ولا يبدل الصنف ..!!
5 ـ سفسطة : تقال لعشاق الجدل الفارغ الذين لا يكفون عن مناقشات عقيمة . وهي كلمة فصحى .
6 ـ الخوابي ، والعدول والخزين والحَب والزوان :
الخوابي : مخازن من الطين لها فتحتة سفلية ، يتم خزن الغلال بها ، داخل البيت ، وبواسطة الفتحة والتي تغلق بقطعة قماش يتم افراغ ما يحتاج اليه
العدول : من عِدِل وعو كيس منسوج من الشعر كالبساط ، كان يوضع به الطحين .
الخزين : المادة المخزونة من الحبوب ، القمح ، والشعير ، والحمص والعدس والفول ، والبرغل والفريكة ، وغيرها .
الحَبْ : هو كل غلة لم تطحن ، كالقمح ، وهو أجوده وأفضله والزوان : هو ما ما يفرزه الغربال من شوائب وحبوب ضعيفة وأشياء ليست من القمح انما نباتات تنمو معه ، وتحصد وتدرس معه ، ولكن الغربال يفرزها لتصبح علفا للدجاج .
7 ـ الكراديش والقراقيش ، والمّقَوَقَه ، واللزيقيات :
الكراديش : خبز من طحين الذرة البيضاء والتي هي علف للحيوانات ، ولكن الحاجة والجوع ألجأت الناس لأكلها وخبز الشعير المأكول المذموم
القراقيش : خبز محمر يضاف اليه السمسم وهو لذيذ الطعم ، ويدخل في باب الرفاهية
المقوقة : حلويات من الخروب الأخضر والحليب والسكر
اللزيقيات : نوع من الحلويات حيث يلصق العجين على الصاج فيترك طبقة رققيقة من العجين تتحمر وتنزع ، ويضاف لها السكر ، وقد تؤكل مع الحليب ،
ايفط : ينهض فجأة كالنابض اذا ما ارتفع الضغط عنه ، وتقال للذي يستيقظ من النوم فجأة وينهض بيكامل نشاطه .
شكرا مرة أخرى وأدعو ممن لديه أي استفسار أن لا يتوانى عن توجيهه ، ودمتم بخير .